عماد الدين أديب
كل جهاز أمنى فى العالم، وعلى مر التاريخ، مكون أساساً من البشر وليس من «كائنات سوبر» جاءت من كواكب أخرى.
ولأنهم بشر فإنهم يحتملون الصواب والخطأ، ولأنهم بشر يطورون فى الأداء ويهبطون به.
وفى كل جهاز أمنى فى العالم يواجه أزمة أو أخطاء فى الأداء يتم إعداد وتنفيذ خطة إصلاح، إلا فى مصر.. يحدث شىء غريب عجيب! فى 25 يناير 2011 حينما كانت هناك أزمة ثقة بين «الثوار» وجهاز الأمن لم تكن الدعوة للإصلاح ولكن كانت الدعوة إلى إنهاء جهاز الأمن الداخلى!.
وثبت بعد مرور الوقت أن فكرة إنهاء جهاز أمن الدولة، وعمليات الاعتداء واقتحام الأقسام، وتحطيم السجون، ونهب محتويات جهاز أمن الدولة بمدينة 6 أكتوبر كانت تقف خلفها جماعة الإخوان.
كل جهاز فى أى مجال قابل بل يحتاج عند الضرورة إلى الإصلاح وإعادة الهيكلة، وكل جهاز فى أى مجال قابل للتعديل أو الإلغاء، إلا أجهزة حفظ الأمن.. لا يمكن إلغاؤها وإلا فإن ذلك يصبح بمثابة دعوة مفتوحة إلى الفوضى وسيطرة الميليشيات المسلحة!
وجهاز الأمن الداخلى فى أى نظام ديمقراطى حر ومحترم، هو «عقل» ومخزن معلومات المجتمع بكافة تفاصيلها.
أمن الدولة هو الأمن السياسى وهو الصندوق الأسود الذى يتابع ويراقب أمن المجتمع السياسى من الاختراقات الخارجية أو المشروعات الإرهابية، أو التنظيمات الخطرة الخارجة عن الشرعية والمهددة لدولة القانون.
وفى كل المجتمعات الديمقراطية، الأمن ليس فوق القانون بل هو تحت مظلته ويعمل تحت نصوصه وروحه وقواعده الملزمة.
وحتى ينجح الأمن فى هذا الزمن الصعب فإنه لا بد أن تتوافر لديه بيئة حاضنة من المجتمع تدعم مهمته المقدسة فى حفظ أمن الوطن والمواطنين. وحتى ينجح عمل جهاز الأمن لا بد من أن تتوافر لديه السلطة المشروعة والأدوات الحديثة والإمكانيات غير المحدودة فى الحصول على المعلومات حتى يتمكن من إحداث اختراقات حقيقية داخل صفوف المتآمرين على أمن الوطن.
نحن لا نريد أن نعطى أحداً شيكاً على بياض ليفعل بنا ما يريد، ولا نريد أيضاً أن نغتال الجهود الشريفة والمخلصة لمن يريد بناء جهاز معلومات أمنى يحافظ على الوطن. إنه التوازن بين الدعم الكامل لأجهزتنا الأمنية تحت مظلة واعية من احترام القانون.