عماد الدين أديب
بينما كنت ألتهم ساندويتش شاورما مشوية على الفحم في إحدى عواصم عالمنا العربي، وبينما أنا في حالة سعادة أسطورية بالمذاق الرائع لهذا الاختراع العظيم، داهمني شاب غاضب - كالعادة - يريد إرباك سعادتي وقطع نشوتي ومنعي من استكمال الساندويتش الثاني من أجل الحوار معه.
وفيما يلي ما دار بيني وبينه:
الشاب: يا أستاذ، هل ترى الانفجارات الحالية في بعض المدن الأميركية؟
العبد لله: نعم، إنها جريمة بكل المقاييس، وهو أمر يدعو إلى القلق الشديد.
الشاب: ولماذا تسميها جريمة؟! إنها انتقام من السماء ضد الأميركان!
العبد لله: قتل الأبرياء من المدنيين من دون جرم أو سبب هو أمر ترفضه كل الأديان والشرائع، وهو أمر حرمه الله سبحانه وتعالى.
الشاب: لكن الجيش الأميركي قتل الناس في أفغانستان والعراق من دون سبب.
العبد لله: الجيش الأميركي كان في حالة حرب وإذا أصاب أو قتل مدنيين بالخطأ فهو إحدى جرائم الحروب، وهو يعلن عنها ويحاكم من تسبب فيها ويوقع تعويضات عنها لضحاياها.
الشاب: ولماذا تقول إن ما حدث في بوسطن وتكساس أمر يدعو للقلق؟
العبد لله: لأنني أخشى أن ينتهي الأمر ويكون الفاعل عربيا أو مسلما مما قد يزيد الطين بلة ويتسبب لنا في أضرار جديدة.
الشاب: أي أضرار تقصد؟
العبد لله: ليس من مصلحتنا أن تتشوه صورتنا النمطية لدى الشعب الأميركي بأن كل عربي إرهابي وكل مسلم كاره للآخر، لأن ذلك سوف يضر أولا بالجاليات المقيمة في أميركا منذ سنوات، ثم سوف يضر بأبنائنا الدارسين هناك، وسوف يجعل كل حامل جواز عربي أو صاحب أي اسم مسلم يواجه متاعب شديدة كلما حاول دخول أي مطار أميركي أو أوروبي.
الشاب: إن هذه الإجراءات هي إحدى علامات العنصرية لدى الغرب ضدنا!
العبد لله: يا رجل، اتق الله! حاول أن تتخيل أن دولة ما قام أحد مواطنيها بالاعتداء على مواطنيك من دون سبب أو مبرر، فكيف سيكون رد فعلك؟!
الشاب: سوف أسحقه سحقا. أنا لا أقبل أي اعتداء على شعبي وأهلي!
العبد لله: إذن، لماذا ترفض إعطاء ذات حق رد الفعل الشرعي للأميركان بينما تعطيه لنفسك؟!
الشاب: (لم يرد، وغادر غاضبا بلا تعليق على ما قلت).
نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"