عماد الدين أديب
فى الحملة العسكرية التى قام بها نابليون بونابرت وجيشه على روسيا صمد المقاتلون الروس وتعمدوا إطالة المعارك حتى جاء الثلج ليصبح العدو الأول أمام فرسان نابليون وأمام مدفعية ميدانه الثقيلة التى تتحرك على عجلات جر بصعوبة كاملة على الثلوج.
وجاء فى مذكرات نابليون الموجودة فى متحف «الأنفليد» فى باريس أن أحد الجنود الفرنسيين فى تلك الحملة أصابته حالة هيستيريا الإرهاق والتعب التى تصيب المحاربين فظل يصرخ: «يا إلهى كم أنا متعب.. يا إلهى كم أنا متعب.. أعيدونى إلى وطنى».
وبينما هذا الجندى يصرخ وجد من يربت على كتفه ويهدئه هامساً: «أنا أيضاً متعب مثلك يا رفيقى» وحينما نظر هذا الجندى خلفه اكتشف أن محدثه هو نابليون العظيم بشحمه ولحمه.
الدرس المستفاد من محاولة نابليون وهتلر غزو روسيا أن الجيوش النظامية المدربة على عقيدة حرب شاملة بين جيش وآخر على أرض مفتوحة، تصبح غير ذات فاعلية إذا دخلت حرب المدن.
فى حرب المدن يصبح الجيش النظامى هو الطرف الأضعف الذى يواجه صعوبة شديدة فى حركته بجنوده ومعداته، ويصبح الجيش النظامى صيداً سهلاً لسكان هذه المدن الذين يختبئون داخل التكدس السكانى.
وفى هذه الحروب يصبح دور الطيران محدوداً لأنه فى حالة اختلاط الحابل بالنابل فى المعارك يكون ذلك سبباً لاستحالة قيام الطيران بأى قصف جوى.
هذا الدرس تعلمته إسرائيل فى حربها الأخيرة ضد حماس فى غزة، بسبب الثمن الفادح الذى يمكن أن تدفعه قواتها لو دفعت بقوات برية مترجلة أو على مجنزرات خفيفة أو دبابات ثقيلة.
هذا العنصر الحاسم هو الذى يجعل القيادة العسكرية فى الجيش الإسرائيلى تضغط على نتنياهو بضرورة التوصل إلى تسوية سياسية فى القاهرة بدلاً من الاضطرار إلى حرب برية.