عماد الدين أديب
استيقظ أهل أكثر من 15 ألف مواطن فى الغرب على خبر اختفاء أبنائهم وانضمامهم إلى قوى الإرهاب فى داعش وجبهة النصرة والقاعدة.
وتقول المعلومات إن هناك ما بين 1200 إلى 1500 شاب وشابة يتم تحفيزهم شهرياً على وسائل الاتصال الاجتماعى ويتم تسفيرهم إلى العراق وسوريا وبعدها إلى اليمن أو السعودية أو سيناء أو ليبيا.
هذا الخطر المتصاعد أدى إلى قيام وزارات الداخلية وأجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والأسترالية والبلجيكية والسويدية إلى اتخاذ إجراءات شديدة وقاسية واستثنائية غير معتادة عليها الأنظمة الديمقراطية على مر تاريخها منذ الحرب العالمية الثانية.
وزيرة الداخلية البريطانية أرغمت المسئولين عن أهم مواقع الإنترنت البريطانية على ضرورة التعاون مع أجهزة الأمن والإفصاح الكامل عن كل المعلومات التى تأتى من مواقع يشتبه أنها تستخدم فى تجنيد الشباب أو توجيه أعمال الإرهاب.
وقبيل هذه الإجراءات كانت مواقع الإنترنت الكبرى ترفض مجرد مناقشة هذه الأمور مع أجهزة الأمن، تحت دعوى أن هذا الأمر فيه انتهاك لخصوصية العملاء، وفيه خرق لأبسط حقوق الإنسان فى المعرفة والتواصل الحر.
فى الوقت ذاته أصبح موضوع سحب الجنسية، الذى كان يتم التعامل معه بتقييد شديد وقداسة سياسية وقانونية، أمراً شديد القبول لدى النخب السياسية فى مجتمعات الغرب.
وفرضت الظروف أيضاً التدخل فى التصاريح الممنوحة للمساجد والزوايا فى الغرب، وأصبحت مسألة مراقبة محتوى الدروس والخطب والكتب المتداولة حقاً مشروعاً لأجهزة الأمن.
ووصل الحد إلى توجيه وزيرة الداخلية البريطانية بضرورة قيام المدارس على كافة مستوياتها بإعطاء دروس خاصة ضد التطرف الدينى وتحث على التسامح ونبذ العنف.
الدرس المستفاد من هذه الإجراءات يأتى فيما ذكره ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا منذ عام: «حينما يهددنا خطر الإرهاب الدينى لا تحدثنى عن الحريات الخاصة أو حقوق الإنسان».
للأسف هكذا هى المعادلة التى نتعلمها من كافة التجارب العالمية التى تقول: «مع مواجهة الإرهاب، لا بد من إجراءات استثنائية تؤدى إلى تقليص مساحة الحريات الخاصة والعامة».
إنه الدواء المر الذى لا بديل عنه والذى يتعين علينا أن نتحمل أعراضه الجانبية مهما كانت مؤلمة.
ولم تخترع البشرية حتى الآن أسلوباً تواجه به الإرهاب دون أن تدفع الثمن.