عماد الدين أديب
فى فيلم الكارتون الشهير «الملك الأسد» هناك مشهد مضحك مُبْكٍ يقول فيه الملك الأسد بعدما فاض به الكيل من أخطاء مساعديه الذين يسيئون فى تقديم النصح له حول إدارة شئون الغابة «إننى محاط بشلة من الأغبياء»!! يا للهول حينما يكون ملك الغابة محاطاً بشلة من الأغبياء وتصبح الحلقة الضيقة القريبة واللصيقة به بلا عقل راجح ولا فكر رشيد وبدون أى حكمة أو تعقل!
ويبدو أن إشكالية ملك الغابة التى جاءت فى فيلم الكارتون هى الإشكالية ذاتها التى يعانى منها معظم حكام العالم على مر التاريخ.
يسقط الحاكم، ويسقط حكمه ونظامه، عندما يسىء اختيار مساعديه الذين يخلصون له النصح وينظرون إلى مسألة قربهم للحاكم على أنها وسيلة للسيطرة على الحكم من أجل تحقيق منافع أو مآرب شخصية. وبعض المقربين من الحاكم يرون أن وجودهم ضمن الحلقة الضيقة اللصيقة به هو خطوة وعتبة للصعود إلى سلم السلطة وطمعاً فى كرسى الحاكم ذاته، لذلك يصبح كل فشل للحاكم نجاحاً لهم، ويصبح الطريق ممهداً أكثر وأكثر من أجل التربع على السلطة.
إذن نحن أمام «الشلة» القريبة من الحاكم التى تتميز بـ«الغباء»، ونحن أيضاً أمام شلة أخرى قد تتميز بـ«الشر».
أما أسوأ احتمالات الشلل المحيطة بأى حاكم فى أى زمان ومكان فهى تلك الشلة «الغبية الشريرة» فى الوقت ذاته!
هلك ذلك الحاكم الذى تصبح بطانته غبية وشريرة فى آن واحد!
المفروض فى البطانة الصالحة أن تكون رشيدة متطهرة بعيدة عن أى مصالح شخصية وغير قابلة للفساد والإفساد.
وهذه البطانة هى ما يسمى اليوم «فريق عمل الرئيس» أو «ديوان الملك» أو «بلاط الأمير».
من هنا يصبح الشرط الأول فى الحاكم الصالح - على مر التاريخ - هو البطانة الصالحة.
وكثير من الممالك والدول هلكت واندثرت بسبب فساد ديوان الملك، ومؤامرات وزير الحاكم.
ومن الحالات النادرة التى انتبه فيها الحاكم إلى مؤامرات مساعديه وفسادهم، هى حالة الخليفة هارون الرشيد ووزيره الأول جعفر البرمكى بعدما تأكد أن «البرامكة» يتآمرون على الحكم وعلى الخلافة، فقام بحرق منازلهم وهم أحياء، وأمر سيّافه مسرور أن يأتيه برأس جعفر البرمكى فى التو واللحظة.
ما أتعس الحاكم الذى لا ينتبه أنه محاط بشلة من الأغبياء الأشرار!
نقلاً عن "الوطن"