بينما كان الصحفى يستمتع بتدخين الشيشة على مقهى شعبى فى حى الحسين، بادره شاب من شباب ثورة يناير 2011 واستأذنه فى الجلوس من أجل مناقشته فى بعض الأمور. وفيما يلى بعض من الحوار الذى دار بينهما:
الشاب: يا أستاذ عندى بعض التساؤلات التى تشغلنى منذ زمن بعيد.
الصحفى: فى أى مجال؟
الشاب: إنها تتصل بشخصية مصر.
الصحفى: اقرأ كتاب الدكتور جمال حمدان «شخصية مصر» وأنت تفهم بالضبط العناصر الحاكمة فى شخصية البلاد والعباد.
الشاب: سؤالى لم أجد له إجابة فى كتاب د. جمال حمدان.
الصحفى: ما سؤالك؟
الشاب: لماذا لا يسعى المصرى إلى أن يكون «رقم واحد» فى أى شىء؟
الصحفى: أرجوك، هل يمكن أن تشرح لى أكثر؟
الشاب: لا أجد مصرياً بطلاً للعالم فى لعبة، ولا نحصل على أفضل الميداليات فى أى أولمبياد. ولم نقرأ عن إحصاءات إيجابية تضع مصر فى صدارة الأداء الاقتصادى، ولا نسمع عن أن مصر هى الأولى فى طباعة الكتب بالعربية أو عن إنجاز طبى أو علمى غير مسبوق.
الصحفى: ولكن هناك د. أحمد زويل حصل على جائزة نوبل!
الشاب: هذا لأنه فى جامعة كالتك الأمريكية.
الصحفى: وهناك رجل المال العالمى محمد العريان.
الشاب: هذا لأنه الرئيس التنفيذى لمؤسسة «بيمكو» العالمية.
الشاب: نحن فقط الأوائل فى معدل الإصابة بمرض الكبد الوبائى فى العالم، والأوائل فى معدل التسرب فى مراحل التعليم الأولى للأطفال، والأوائل فى معدلات تلوث البيئة.
الصحفى: هذه رؤية متشائمة، لقد كنا الأوائل فى زمن الفراعنة فى علوم الفلك والجراحة والمعمار.
الشاب: هذا من 4900 عام قبل الميلاد!
الصحفى: نحن نحاول.
الشاب: نحن نكتفى دائماً بأن نعزى أنفسنا بمسألة التمثيل المشرف فى المسابقات، ونعزى أنفسنا بانتقال اقتصادنا من حالة السلبى إلى المستقر.
الصحفى: أزمتنا يا ولدى أن سقف الحلم عندنا محدود.
الشاب: نعم عندك حق، هل تسمح لى الآن بالانصراف؟
الصحفى: لماذا لا تقبل دعوتى على كوب من النعناع الساخن وتدخن معى شيشة بنكهة الكباب؟
الشاب: وهل هناك فى الدنيا دخان بنكهة الكباب؟
الصحفى «ضاحكاً»: شفت بقى؟ هذه من الأمور التى نبدع فيها وأصبحنا بها من الأوائل!