عماد الدين أديب
هل يمكن للأمريكان أن يبيعوا أصدقاءهم؟
قبل أن يتعسف الإنسان فى الانحياز لموقف «مع» أو موقف «ضد»، عليه أولاً أن يلجأ إلى وقائع التاريخ.
ماذا تقول هذه الوقائع؟
باع الأمريكان فيتنام الجنوبية وحكومتها وتم إجلاء الرعايا الأمريكيين عنها بالهليكوبتر من على سطح السفارة الأمريكية، وباعوا صديقهم الوفى محمد رضا بهلوى شاه إيران بعدما أرسلوا إليه جنرالاً من وزارة الدفاع يخبره بضرورة مغادرة طهران فى غضون 48 ساعة، وباعوا مانويل نورييجا فى بنما واقتادوه فى صندوق حديدى للولايات المتحدة، وباعوا الرئيس الأسبق حسنى مبارك وصرحت هيلارى كلينتون بأن «مبارك» يجب أن يغادر الحكم الآن، ثم عادت وقالت: «الآن يعنى أمس»!
وباع الأمريكان معمر القذافى بعدما عقد ابنه سيف الإسلام اتفاقاً سرياً معهم فى «فيينا» بمقتضاه يتم تفكيك مفاعل الطاقة النووية الليبية ويتم دفع تعويضات لضحايا طائرة لوكيربى. والآن يبيع الأمريكان السُّنّة فى العراق بعدما أنفقوا على احتلالهم للعراق 1٫7 تريليون دولار، وراح لهم أكثر من 5 آلاف مقاتل وجرح وأصيب أكثر من 25 ألفاً.
الاتفاق بين واشنطن وطهران الذى بدأ الحوار حوله سراً منذ 6 أشهر جاء بعد الفشل الأمريكى فى مواجهة النفوذ الإيرانى فى سوريا واليمن والعراق، وزاد فى اقتناع فريق مساعدى أوباما بأن إيران قوة لا يجب مواجهتها، ولكن يجب عقد اتفاقات معها بهدف منع شرورها والوصول إلى مرحلة احتوائها. هناك مثل أمريكى شائع يقول «من لن تتمكن من هزيمته انضم إليه»!
والأمر المتفق عليه فى حالة الفوضى العراقية الحالية أن كلاً من إيران والولايات المتحدة الأمريكية يدافع عن نظام حكم نورى المالكى الذى اضطهد السنة وقام «بتشييع» كل أجهزة الدولة ونجح فى مشروعه، بينما فشل الدكتور محمد مرسى فى أخونة أجهزة الدولة. وإذا كانت طهران وواشنطن تراهنان على نورى المالكى فإن المشروع العراقى الآن سيكون مشروع تعاون وتحالف غير محدود ولوقت طويل.
التاجر الإيرانى شديد الذكاء والمهارة، وهو على خلاف الحكام العرب، يسأل عن الثمن قبل الإقدام على أى صفقة.
من هنا يتوقع أن ندفع نحن العرب، ويدفع سنة المنطقة الثمن الباهظ للاتفاق الأمريكى الإيرانى المقبل حول العراق.
وحسناً فعل المشير السيسى حينما قال فى الاحتفال الرياضى، أمس الأول، إن ما يحدث فى المنطقة لا يمكن أن يتكرر فى مصر، خاصة حينما كرر «مصر لأ».. «مصر.. لأ».
يجب أن تكون عيوننا مفتوحة وعقولنا متفتحة جداً لما يحدث حولنا، لأن كل ما يحدث هو بروفة صغيرة لمشروع كان يدبر لنا أن يحدث فى مصر المحروسة!