«القاهرة» و«الخرطوم» تساؤلات مشروعة
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

«القاهرة» و«الخرطوم».. تساؤلات مشروعة

«القاهرة» و«الخرطوم».. تساؤلات مشروعة

 لبنان اليوم -

«القاهرة» و«الخرطوم» تساؤلات مشروعة

مصطفي الفقي

تضرب العلاقات المصرية السودانية بجذورها فى أعماق التاريخ، ولقد ظلت العلاقات الأزلية بين الدولتين التوأم محتفظة بقوة دفعها بعد إعلان استقلال «السودان» فى أول يناير1956عندما رأى الأشقاء فى الجنوب أن تداعيات ثورة «مصر» 1952 بما فيها الصراع بين «عبد الناصر» و«نجيب» لم تعد تقدم «مصر» بجاذبيتها التاريخية للشعب السودانى حتى تحول زعيم الحزب الاتحادى «إسماعيل الأزهرى» من حليف لـ«مصر» إلى داعية للاستقلال بعد أن كانت الدولتان قبل يوليو 1952 تنعمان بنوع من الاتحاد الشكلى تحت مظلة «العرش العلوى» الذى تشكلت بقيادته الخريطة السياسية لـ«وادى النيل»، ولقد رحب ثوار يوليو بالإرادة السودانية الجديدة واحتفلوا مع «السودانيين» بدولتهم المستقلة بعد أن اتجهت أنظار «عبد الناصر» ورفاقه شرقًا وتحولت عن الجنوب حتى إن طلاب «جامعة الإسكندرية» قد خرجوا بعد ذلك بعامين ـ بمناسبة إعلان الوحدة المصرية السورية ـ يهتفون قائلين «السودان أولًا» لشعورهم أن ثورة 1952 لم تتمسك بوحدة «وادى النيل» ولم تقدم خيارًا جاذبًا للسودانيين نحو «مصر» التى اكتفت من جانبها بجهود إعلامية عابرة
عندما أوفد مجلس قيادة الثورة المصرية الصاغ «صلاح سالم» عضو المجلس ووزير الإرشاد إلى «السودان» وقد اشتهر يومها فى الصحافة الغربية باسم «الصاغ الراقص» لأنه شارك إحدى قبائل الجنوب رقصتهم الشعبية، لأننا نعتبر «السودان» امتدادا لـ«مصر» و«مصر» امتدادا له، ولقد تعاملت «القاهرة» مع النظم السياسية المتعاقبة فى «السودان» بما فى ذلك الفريق «إبراهيم عبود» والتمرد المدنى الذى أطاح به فى 21 أكتوبر 1964 ومن قبله حكومة «عبد الله خليل» ثم الأنظمة التى توالت على «الخرطوم» بما فيها فترات الانقلاب العسكرى وفترات الحكم الديمقراطى بدءًا من «الصادق المهدى» مرورًا بـ«ثورة مايو» التى قادها «جعفر النميرى» والذى كنت قريبًا منه فى سنوات منفاه بـ«القاهرة»، حيث كنت بحكم موقعى فى مؤسسة الرئاسة مسؤول الاتصال بينه وبين الرئيس الأسبق «مبارك» الذى أكرم وفادته وأمن له حق اللجوء السياسى، الذى هو واحد من تقاليد «مصر» العريقة، وأتذكر أن الرجل بكى أمامى بالدموع ونحن نجلس معًا عندما تحدثنا عن عملية تهجير «الفلاشا» ودوره فيها فلقد كان الرجل يشعر أنه قد جرت خديعته بشكل أو بآخر، وعندما قامت «ثورة الإنقاذ» عام 1989 فرح بها الرئيس الأسبق «مبارك» كثيرًا واعتبرها بشارة بتحسن العلاقات بين «القاهرة» و«الخرطوم» إذ لم تكن الكيمياء الشخصية متوافقة بين «مبارك» و«الصادق المهدى» ورغم ظهور الشيخ «حسن الترابى» على المسرح ورأى د. «بطرس بطرس غالى» بأن «ثورة الإنقاذ» هى مخاض لحركة إسلامية ولن تكون موالية لـ«القاهرة» بالضرورة إلا أن الرئيس «مبارك» ووراءه الأجهزة الأمنية السيادية كانوا يرون غير ذلك ويتفاءلون بقدوم الرئيس «عمر البشير»، ولقد بذل الرئيس الأسبق جهودًا مضنية لدعم «ثورة الإنقاذ» إلى حد أنه طلب من أمير «الكويت» الراحل تغيير مسار إحدى ناقلات البترول المتجهة الى الشرق الأقصى لتذهب إلى «السودان» بسبب ظروفه الصعبة ودعمًا لثواره الجدد، خصوصًا أن «مصر» تحتفظ فى ذاكرتها بمواقف تاريخية لـ«السودان» معها، ويكفى أن «الإمام المهدى» الكبير قد أبدى استياءه لمصرع «جوردون باشا» فى «الخرطوم»، لأنه كان يريد أن يقايض به الزعيم الوطنى المصرى «أحمد عرابى» لإعادته من منفاه فى «سرنديب»، كما أن «السودان» هو الحضن الدافئ الذى ائتمنته «مصر» على ضباطها الشبان بعد هزيمة 1967 فنقلت طلاب الكلية الحربية إلى وطنهم الثانى فى «جبل الأولياء»، كما أن «الخرطوم» هى المدينة الواعية التى استضافت القمة العربية الأولى بعد النكسة واستقبلت جماهيرها الذكية «جمال عبد الناصر» باعتباره زعيمًا منتصرًا لا قائدًا مهزومًا فكانت نقطة تحول فى العمل العربى المشترك حيث اقترب الملك الراحل «فيصل» أكثر من «عبد الناصر» وتحددت خريطة الدعم المالى لدول المواجهة، فـ«السودان» بالنسبة للمصريين هو فى القلب دائمًا، ولم يكن «محمد نجيب» فى صراعه مع «عبد الناصر» أقرب إلى السودانيين بحكم نشأته ولكن أيضًا بحكم طيبته وبساطته التى تستهوى «السودانيين» دائمًا ولكن قد تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، فعندما استتبت الأمور لـلرئيس «البشير» ورفاقه حملوا على «مصر» علنًا أحيانًا وسرًا دائمًا وبدأ الخلاف مع «مصر» منذ «مؤتمر القمة العربية» فى «القاهرة» فى 10 أغسطس 1990 بعد الغزو «العراقى» لـ«الكويت» بأسبوع تقريبًا

ومضت الأمور بعد ذلك لتثبت أن القيادة السودانية تبحر فى اتجاه لم يكن معهودًا فى العلاقات مع «مصر» وهو ما أدى إلى فتور ونفور فى السنوات التى تلت ذلك والتى بلغت ذروتها بمحاولة اغتيال الرئيس الأسبق «مبارك» فى العاصمة الإثيوبية بترتيب وإخراج سودانيين، وتصورنا دائمًا أن المشكلة يمكن أن تكون بين نظامى الحكم فى الدولتين الشقيقتين ولكن استمرار السياسة السودانية فى التحفظ تجاه «القاهرة» استمر بعد ذلك وبرز فى أكثر من مناسبة لعل أهمها الموقف السودانى من الخلاف الإثيوبى المصرى حول «سد النهضة» والذى جاء مخيبًا لآمال «مصر» والمصريين فى ألا يحافظ «السودان» الشقيق على حق «مصر» فى حصتها من المياه برغم أن «السودان» كان يعطى فائض حصته لـ«مصر الشقيقة»، كما تجلى الموقف السودانى أكثر وأكثر فى تصريح أخير جاء على لسان الرئيس «البشير» الذى جدد فيه الحديث السلبى عن مشكلة مثلث «حلايب» و«شلاتين» بين «مصر» و«السودان» على الحدود بين «شطرى الوادى»، وقد جاء ذلك الحديث فى معرض تعليقه على إجراء انتخابات «مجلس النواب المصرى» بين سكان ذلك المثلث الذى يخضع للسيادة المصرية على اعتبار أن خط عرض 22 هو حدود مصرية فاصلة منذ العهد الفرعونى حتى الآن وما تم من إجراءات إدارية منذ مائة عام لا يرتب بالطبيعة آثارًا على الحدود السياسية بين الدولتين التى لا يجب أن تعكر صفو العلاقات بينهما مشكلة مصطنعة أو أزمة عابرة، ورحم الله «جعفر النميرى» عندما خرج عن الإجماع العربى ومعه دولتا «عٌمان» و«الصومال» عندما قرروا رفض قرارات «قمة بغداد العربية» والداعية إلى قطع العلاقات مع «مصر»

بعد توقيع «اتفاقية السلام» مع «إسرائيل»، ونتذكر أيضًا الضربة التى تلقتها الأمة العربية بتقسيم «السودان» منذ عدة سنوات، ورغم أن ذلك قد جاء بإرادة سودانية مشتركة بين «الشمال» و«الجنوب» إلا أن تقسيم «السودان» الذى كان أكبر دولة إفريقية فى المساحة قد أحدث غصة فى الحلق العربى ووجه لطمة للأمن القومى الذى نشترك فيه جميعًا، ونحن لا ننكر الضغوط التى مارسها «الغرب» على النظام السودانى والتى بلغت حد محاولة تقديم الرئيس «عمر البشير» للمحكمة الجنائية الدولية، ويومها وقفت «مصر» معه وسوف تظل على موقفها، لأن ما بيننا وبين «السودان» هو ارتباط أزلى صنعته الجغرافيا ودعمه التاريخ ولم تؤثر فيه الشوائب القادمة مع «مياه النهر» الذى يتدفق عبر العصور!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«القاهرة» و«الخرطوم» تساؤلات مشروعة «القاهرة» و«الخرطوم» تساؤلات مشروعة



GMT 18:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 18:29 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 18:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 18:25 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

GMT 18:19 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

شَغَف عبدالرحمان

GMT 18:17 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن الرفاعي!

GMT 18:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عكس الاتجاه هناك وهنا (4)

GMT 18:15 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة وتوابعها

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon