تاريخ ما أهمله التاريخ المصريون بين المظهر والجوهر مؤتمر الشباب نموذجاً
أخر الأخبار

تاريخ ما أهمله التاريخ: المصريون بين المظهر والجوهر.. مؤتمر الشباب نموذجاً

تاريخ ما أهمله التاريخ: المصريون بين المظهر والجوهر.. مؤتمر الشباب نموذجاً

 لبنان اليوم -

تاريخ ما أهمله التاريخ المصريون بين المظهر والجوهر مؤتمر الشباب نموذجاً

بقلم : مصطفى الفقي

عجيب هو معدن الشعب المصرى، قد يكون ظاهره أحيانًا اللامبالاة و«الفهلوة» وفقر الانتماء، ولكن عندما تتمكن ظروف وطنية أو قيادة شعبية من التأثير فيه فإنه يخلع رداء الأوهام والهواجس والمخاوف، بحيث يطفو على السطح معدنه الأصيل وجوهره الحقيقى، وأعترف أننى كنت أمر بأزمة ضاغطة فى علاقتى بالوطن، وكنت أتوهم أن المصريين قد تغيروا وتاهت منهم كل مظاهر الكبرياء التاريخى والعناد الوطنى، وأصبحوا لا يحتملون الاختلاف فى الرأى، ولا يقبلون خيارات الغير، ويسعى كل منهم إلى تسفيه الآخر والإقلال من شأنه والحط من قدره.

وكنت أُدهش كيف أن تغير الظروف قد أدى إلى هذه التحولات! وأتساءل بينى وبين نفسى عن احتمالات المستقبل فى ظل هذه الأزمات المتتالية والاختناقات المتكررة التى لا تكاد تجد طريقًا للحل، فجاءت دعوتى متحدثًا أمام «مؤتمر الشباب» الأخير فى «شرم الشيخ» لكى تلفت نظرى إلى حقائق كانت غائبة، أُجملها فيما يلى:

أولًا: تحدث الكثيرون عن صراع محتمل بين الأجيال، إذ إن الأغلبية الساحقة من المصريين هم دون الأربعين، وذلك رغم تقدم معدلات الأعمار عمومًا وتزايد نسبة المسنين فى المجتمع المصرى مثلما هو الحال فى مجتمعات أخرى، وذلك نتيجة تقدم الطب وأبحاثه التى سمحت بأن يصبح مَن هم فوق الستين شريحة لا بأس بها، ولكنها تبدو ضئيلة أمام ثلثى السكان، الذين يمكن وصفهم بـ«الشباب» بمفهومه الواسع، الذى يمتد حتى الخامسة والأربعين، لذلك كان طبيعيًا أن يكون الاهتمام بالشباب من أولويات العمل الوطنى، ولقد تعودنا تاريخيًا أن تغازل الأنظمة المختلفة الكتل الشبابية، وتملأ الدنيا أمامها وعودًا وورودًا حتى نشأت أزمة ثقة بين السلطة والشباب عمومًا، وهو أمر عرفته «فرنسا الديجولية» عام 1968، و«مصر الناصرية» فى ذات العام عندما اندلعت ثورة الطلاب احتجاجًا على الأحكام المخففة، التى صدرت على قادة الطيران المصرى فى هزيمة 1967، وكانت كبرى هذه الحركات على المستوى العالمى هى ما شهده ميدان «السلام السماوى» فى قلب العاصمة الصينية «بكين»، فى مطلع سبعينيات القرن الماضى، لذلك جاء «مؤتمر شرم الشيخ»، محاولًا كسر الحلقة المفقودة بين الشباب والسلطة واستعادة الثقة التى دمرتها سنوات طويلة من المحسوبية والفساد وتزايد معدلات البطالة.

ثانيًا: لقد أسعدنى كثيرًا فى مؤتمر «شرم الشيخ» شيوع روح جديدة دبت فى أوصال شبابنا، وانعكس تأثيرها على مسار الجلسات العامة وورش العمل المتخصصة، فالكل يحترم الآخر، كما أن الكل أيضًا راغب فى بذل أقصى ما يستطيع من أجل الخلاص من ماضينا التعيس والخروج من أزمة حاضرنا، الذى يضعنا أمام عنق الزجاجة فى ظروف اقتصادية صعبة وحصار إقليمى وتجاهل دولى لا تفسير لهما! لذلك فإن ما سعى إليه شباب المؤتمر كان هو التلاقى المباشر مع سلطة الحكم والمضى على الطريق بشفافية ووضوح، مع الاعتراف المتبادل بالأخطاء، ولقد كان رئيس البلاد نموذجًا فى التواضع والبساطة، حيث كان يقضى كل يوم- من أيام المؤتمر الثلاثة- أربع عشرة ساعة متواصلة، وقد تميزت جلسات المؤتمر برسوخ روح الوحدة الوطنية واختفاء الحزازات والصراعات والتراشق اللفظى، الذى لا مبرر له ولا مكان لوجوده.

ثالثًا: لقد رأيت شبابًا صغيرًا يحاور الوزراء فى ندية، بل إن بعضهم كان يناقش الرئيس شخصيًا، حتى أصبح بحق مؤتمرًا للحوار الوطنى وليس للشباب وحدهم، لأننا قد اعتبرنا عام 2016 هو عام الشباب، وكان إصرار الحاضرين- وبمبادرة من الرئيس- هو أن ينعقد المؤتمر سنويًا فى شهر نوفمبر من كل عام، على أن يكون هناك لقاء شهرى مصغر يضم شبابًا من أنحاء الجمهورية، ويتواصل مع الرئيس والوزراء المعنيين فى كل ما يهم الوطن والمواطن، كما أنه قد لفت نظرى- مثل غيرى- أن الكلمة الختامية للرئيس قد تضمنت انفراجًا واسعًا فيما يتصل بإمكانية العفو عن المحبوسين على ذمة قضايا لم يتم التحقيق فيها، كذلك فإن «قانون التظاهر» قد استأثر هو الآخر بتحول واضح، أدى إلى تشكيل لجان لمراجعة بنوده، بعد مراجعة أسماء مئات المعتقلين بسببه، وتلك ظواهر تستحق الإشادة، خصوصًا أن كل إجراء اقترحه الرئيس كان مشفوعًا بفترة زمنية محددة، حتى لا تختلط الأمور وتختفى الروح التى شعرنا بها جميعًا من قوة الدفع التى صنعتها أجواء «مدينة السلام» أثناء مؤتمر شرم الشيخ، كما حظى التعليم وغيره من القضايا المهمة باهتمام مماثل وبذات الروح التى طرحها الرئيس فى قراراته.

رابعًا: إننا نؤمن عبر التاريخ كله بأن الخلاف لا يُفسد للود قضية، وأن احترام خيارات الآخر هو جزء من قيمة الدولة التى نسعى لإعادة بنائها، فلابد من فكر جديد وحلول تقوم على الابتكار، بل الإبداع، تعويضًا لفرص ضائعة ولسنوات مضت أهملنا فيها قطاعات معينة، ولم نتمكن من تحديد المسار الصحيح لبوصلة الوطن.

تلك مشاعر وأفكار اختلطت لدىَّ خلال الأيام الثلاثة التى قضيتها فى ذلك المؤتمر غير المسبوق عبر السنوات الأخيرة..

دعونا ننتظر كيف تمضى الأمور بهذه الروح الجديدة والعقلية المتفتحة والصدق مع النفس، فهى كلها لوازم المجتمع الشفاف والدولة العصرية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تاريخ ما أهمله التاريخ المصريون بين المظهر والجوهر مؤتمر الشباب نموذجاً تاريخ ما أهمله التاريخ المصريون بين المظهر والجوهر مؤتمر الشباب نموذجاً



GMT 21:23 2022 الخميس ,05 أيار / مايو

قصر خديجة

GMT 21:54 2021 الخميس ,11 آذار/ مارس

حارس الوحدة الوطنية

GMT 11:38 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

السودان فى مفترق الطرق

GMT 08:40 2020 الأربعاء ,19 آب / أغسطس

دول الخليج والقضية الفلسطينية

GMT 05:36 2019 الجمعة ,10 أيار / مايو

في حضرة العلماء

إطلالات محتشمة بلمسات الريش وألوان ربيعية تزين إطلالات النجمات

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 16:44 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

المكاسب المالية تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 20:23 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

مصممات الديكور السعوديات يصنعن نجوميتهن عبر "إنستغرام"

GMT 07:03 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أسبوع دبي للتصميم لعام 2025 يقدم معرض خواتم الرجال

GMT 15:51 2023 الإثنين ,24 إبريل / نيسان

شركة طيران الشرق الأوسط تتأهّب لموسم الصيف

GMT 12:43 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 05:20 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

تحديد نوع الجينز المناسب حسب كل موسم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon