لا اضطهاد ولا تمييز ولكن تهميش
أخر الأخبار

لا اضطهاد ولا تمييز ولكن تهميش

لا اضطهاد ولا تمييز ولكن تهميش

 لبنان اليوم -

لا اضطهاد ولا تمييز ولكن تهميش

بقلم : مصطفى الفقي

هذه ليست عبارتى أنا ولكن الذى قالها هو البابا الراحل «شنودة الثالث» عندما سُئل عن توصيفه لوضع الأقباط فى «مصر»، فى غمار حادث طائفى قبل رحيله بعدة سنوات، وأنا أتفق مع هذه العبارة إلى حد كبير، فالاضطهاد تصرف عمدى والتمييز موقف عنصرى، أما «التهميش» فهو مزيج من التعصب المكتوم والإهمال الخفى وتكرار السياسات دون تفكير، أقول ذلك بمناسبة «عيد الميلاد المجيد » لدى أقباط مصر والذى جعلته عطلة السابع من يناير احتفالًا سنويًا لدى كل المصريين، كما أننى أثمن كثيرًا على مواقف البابا الحالى «تواضروس الثانى» وحكمته وقدرته على توظيف موقعه لخدمة الوحدة الوطنية المصرية، وأريد أن أقول إن «التهميش» الذى اتبعته حكومات متعاقبة تجاه الأقباط، خصوصًا فى العصر الجمهورى منذ عام 1952، هو أمر يحتاج إلى مراجعة، ولعلى أعترف هنا أن «عبدالناصر» لم يكن طائفيًا ولكنه سعى إلى تهميش العامل الدينى فى الحياة السياسية، أما «السادات» فلم يكن موفقًا عندما قال: أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة، إذ إن القول الأدق هو أنه رئيس مصرى لدولة مصرية، وبغض النظر عن خلافه الكبير مع البابا «شنودة الثالث» إلا أن «السادات» لم يكن طائفيًا أيضًا فهو خريج مدارس الأقباط كما أنه زاملهم فى السجون وكانت له صداقات عميقة مع بعض رموزهم من أمثال «موسى صبرى» و«حنا نيروز» و«اسطفان باسيلى» وغيرهم، حتى إن بعض أقباط «مصر» انحازوا إلى جانب «السادات» أثناء خلافه الشهير مع البابا الراحل!،

كما أننى أزعم من رصد مباشر أن الرئيس الأسبق «مبارك» كان متعاطفًا مع كثير من المطالب القبطية وهو الذى قرر السابع من يناير عطلة رسمية لعموم المصريين، إننى أكتب الآن فى هذا الموضوع الحساس لأننى أظن أننا قد عبرنا ـــ برئاسة عبدالفتاح السيسى ـــ العقد والمخاوف وأصبح علينا أن نواجه الحقائق وأن نتوقف عن سياسات (المسكوت عنه)، فأنا أتساءل الآن ونحن فى عام 2017: ألا يكون هناك رئيس جامعة حكومية ولو واحدة مسيحى مصرى؟ ومنهم أسماء لامعة ترقى إلى تلك المناصب بل تزيد، فلم يصل أحدهم إلا لعمادة كلية فى سابقة نادرة أو نائب رئيس جامعة لفترة قصيرة، كيف يحدث ذلك وهم فاعلون فى القوات المسلحة والقضاء والشرطة والسلك الدبلوماسى ودواوين الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية؟!، فلماذا تحدث بعض التجاوزات السخيفة والتى تذكرنى بما جرى عندما اختارت الدولة منذ عدة سنوات محافظًا قبطيًا لـ«قنا» بعد تجربة مماثلة سبقته فى نفس المحافظة فإذا الناس هناك يهبون رافضين ذلك فى إهدار صارخ لـ«مبدأ المواطنة»، والعجيب أن الدولة رضخت لهم لأسباب تتصل وقتها بظروف فوضى الشارع المصرى بعد ثورة 25 يناير2011 وقبل ثورة 30 يونيو 2013 بينما دستور البلاد يساوى بين العباد ويرفع «مبدأ المواطنة» شعارًا يتقدم كل الشعارات المتصلة بالعلاقة بين الأفراد والدولة، وهناك بعض المناصب والمواقع التى يحدث فيها استبعاد للأقباط بحكم العادة ودون مبرر واضح، وأنا أتذكر أننى ذهبت منذ عدة سنوات إلى وزير الخارجية الراحل «أحمد ماهر» ــــ وهو المثقف سليل البيت العريق ــــ وقلت له: إننى أزكى الدبلوماسى «نبيل رياض حبشى» ــــ وهو سفير قدير حاليًا ـــ للعمل فى إدارة السلك الدبلوماسى والقنصلى والتى نطلق عليها «إدارة التفتيش» وهى تضم شؤون الدبلوماسيين والقسم السرى للتنقلات والترقيات فقال لى الوزير يومها: إننى لا أعرف لماذا لا يعمل فيها أقباط حتى الآن، فقلت له: بحكم العادة السطحية دون تفكير «وهناك دائمًا المرة الأولى فى كل شىء»، فقال لى: معك حق وضمه للإدارة وكانت بداية لدخول غيره إلى تلك المواقع فى وزارة الخارجية.

وعندما رحل اللواء طيار «ماهر شنودة» بالموت المفاجئ حزن عليه الرئيس الأسبق «مبارك» وقال: كنت أنتوى تعيينه رئيسًا لأركان حرب القوات الجوية، ولعلنا نتذكر أن «السادات» عين ضابطًا قبطيًا رفيع الدرجة قائدًا لأحد الجيشين الميدانيين ثم محافظًا فى منطقة حدودية شديدة الحساسية، أى أن العقدة ليست مستقرة فى أعماق المصريين ولكنها متكررة بلا وعى...

فقد ترأس قبطيان مجلس الدولة ومحكمة استئناف القاهرة وغيرهما من مؤسسات الهيئة القضائية، وقد آن الأوان لكى نعيد النظر فى بعض المواريث العقيمة والأفكار البالية وأن نفتح العقول والقلوب أمام أبناء الوطن الواحد وأن نتخلى عن سياسة «التهميش» أحيانًا تجاه بعض الأقباط حتى وإن لم يكن متعمدًا، فقد اختلطت دماء «الرفاعى» و«سدراك» فى حرب العبور العظيم عام 1973 عندما استطاعت الوطنية المصرية أن تسترد الكرامة وأن تستعيد الكبرياء، ومازلت أتذكر للرئيس الأسبق «مبارك» أن واحدًا من أقرب من كانوا يخدمون فى جهاز سكرتاريته كان ضابط شرف مسيحيا يعطيه الرئيس الأسبق ثقته ورعايته دون تهميش أو إقلال أو تجاوز.

أيها السادة.. دعونا نُعدْ قراءة حاضرنا إذا أردنا أن نتهيأ لمستقبلنا، ولنتذكر أن رئيس الدولة الحالى المشير «عبدالفتاح السيسي» قد زار الكاتدرائية عدة مرات واتخذ مواقف عادلة بل رائعة تجاه أشقائه من أقباط «مصر» بلا اضطهاد ولا تمييز ولا حتى «تهميش»، فالمصريون سواسية بما يقدمون للوطن، وهل ننسى أن «بطرس بطرس غالى» و«مجدى يعقوب» و«رمزى يسى» ويسبقهم «مكرم عبيد باشا» و«فخرى بك عبدالنور» والمفكر الكبير «سلامة موسى» وغيرهم هم أيقونات يرصعون سماء الوطن ويرفعون رايات الوطنية المصرية فى كل العهود.. إنه شعب واحد فى وطن واحد!.

المصدر : صحيفة النصري اليوم

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا اضطهاد ولا تمييز ولكن تهميش لا اضطهاد ولا تمييز ولكن تهميش



GMT 21:23 2022 الخميس ,05 أيار / مايو

قصر خديجة

GMT 21:54 2021 الخميس ,11 آذار/ مارس

حارس الوحدة الوطنية

GMT 11:38 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

السودان فى مفترق الطرق

GMT 08:40 2020 الأربعاء ,19 آب / أغسطس

دول الخليج والقضية الفلسطينية

GMT 05:36 2019 الجمعة ,10 أيار / مايو

في حضرة العلماء

إطلالات محتشمة بلمسات الريش وألوان ربيعية تزين إطلالات النجمات

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:47 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

أفكار لارتداء إكسسوارات السلاسل

GMT 20:32 2022 الثلاثاء ,10 أيار / مايو

أفكار لتنسيق إطلالاتك اليومية

GMT 22:11 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

أفضل الأحذية المثالية للحفلات

GMT 10:06 2022 الثلاثاء ,12 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار الأحذية النود المناسبة

GMT 20:39 2023 الثلاثاء ,02 أيار / مايو

أبرز اتجاهات الموضة في حقائب اليد هذا الصيف

GMT 17:22 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 17:19 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 20:40 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

اتيكيت الأناقة عند النساء
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon