الأولى إلى الدكتور «أحمد عكاشة»:
إنك العالم النفسى الكبير، والطبيب الذى ضرب المخاوف وقهر الاكتئاب، وأنقذ الآلاف من وطأة الأمراض النفسية المعاصرة، ولكن نظرتك الشاملة ورؤيتك المتكاملة قد خرجت بك من هذا الإطار إلى ما هو أكبر، وأعنى بذلك قدرتك على تحليل نفسية الشعوب وتشخيص أمراض المجتمعات، وأنا أعرفك منذ سنوات طويلة، ولكننى أكتشف كلما التقيتك أن الفكر يتجدد وأن العلم يتطور، وأنا أظن أن المصريين من أكثر شعوب الأرض حاجة إلى الترويض النفسى والتوجيه السلوكى، فلا عجب أن يكون «رئيس الجمعية الدولية للطب النفسى» هو مستشار رئيس الجمهورية فى مصر العربية خلال فترة شديدة الحساسية بالغة الخطورة.
الثانية إلى الدكتور «يوسف زيدان»:
إنك بلا شك مثير للجدل، ومحرك للمياه الراكدة فى تاريخ الأديان والأفكار والفلسفات، لأنك لا تقبل المسلمات كما هى بل تعيد النظر فيها من جديد بمنهج غير تقليدى قد يؤلب عليك أصحاب الفكر التقليدى ودعاة الإيمان الأعمى، وأنا أتمنى عليك- وأنت قادر على ذلك- أن تقدم لنا قراءة شاملة لتاريخ الفكر الإنسانى فى هذه المنطقة من العالم، بحيث تستند الدراسة الممنهجة إلى أدوات جديدة تسمح بقراءة تحليلية واعية لتاريخ البشر دون استغراق فى التفاصيل أو انزلاق لمستنقع الفرعيات، فالفلسفة أم العلوم، وأنت مفكر رصين باعتراف من يختلفون معك.
الثالثة إلى الدكتور «وسيم السيسى»:
ما أكثر المبهورين بعلمك الغزير وثقافتك الواسعة، وكنت أتصور أنك عالم فى «المصريات» وحدها، ولكننى اكتشفت أيضاً أنك عالم متعمق فى «الإسلاميات» جمعت من كل أبواب المعرفة بطرف، ولكننى أريد أن أناقش معك قضية العلاقة بين الماضى المجيد والمستقبل الواعد، لأن الشعوب لا تعيش على تاريخها ولا تقتات الأمجاد مهما عظمت.. ما هو تفسيرك للتدهور الذى أصاب أصحاب الحضارات القديمة وسمح لدول جديدة ومجتمعات حديثة بأن تتقدم عليها دون رصيد طويل يمكن مقارنته بأصحاب الحضارات التى شاخت وترهلت؟
الرابعة إلى الدكتور «زاهى حواس»:
إنك لست أثرياً فقط، ولا عالم مصريات فقط، ولكنك أيضاً «الحفار الأول» فى العقود الأخيرة، بالإضافة إلى أنك صاحب أكبر رصيد من الشهرة المحلية والعالمية ارتباطاً بالآثار المصرية، إننى أتمنى على الحكومة المصرية أن تختارك على رأس وفد من علماء الآثار وخبراء السياحة ورموز الثقافة من ذوى العلاقات الوثيقة مع المجتمع الخارجى وأصحاب المزاج الأجنبى للترويج لـ«مصر» الحالية والدفاع عنها فى المنتديات الثقافية الدولية والدوائر الدبلوماسية ومحافل العلاقات العامة، لأن وطنك لن يجد فى هذه الظروف من هو أفضل منك قيمة علمية وسمعة دولية ومكانة عالمية لجذب السياح وتقديم الآثار المصرية والمواقع الأثرية فى صورتها المبهرة وقيمتها الحقيقية، إن «مصر» يجب أن تستفيد بكل أبنائها، فما بالنا بأفضل علمائها وأشهر خبرائها الذين انطبعت صورتهم فى الأذهان عبر الخريطة الدولية الواسعة.. تقدم يا «صاحب القبعة» من أجل «مصر» التى تبنى قواعد المجد من جديد.
الخامسة إلى الدكتور «عمرو عبدالسميع»:
أنا من أكثر الناس معرفة بقدراتك، كاتباً متميزاً ومثقفاً موهوباً وروائياً مقروءاً ومؤلفاً ساخراً عند اللزوم، وأرى أنك لم تأخذ ما تستحق من المواقع عبر تاريخك الصحفى والإعلامى، وكأنك تنضم إلى سكان «الدور المسحور» من أبناء «الجيل المسروق»، إن ذكاء المرء محسوب عليه!.
السادسة إلى الشاعر «فاروق جويدة»:
لقد خرجنا من محافظة واحدة، ولا أنسى لقاءنا الثلاثى عندما انضم إلينا العالم الكبير «أحمد زويل»، ابن ذات المحافظة، وزميل الدراسة، وكان اللقاء فى «مقهى الفيشاوى» بين أقداح الشاى فى أمسية رمضانية مباركة منذ عدة أعوام، وكانت هموم الوطن هى شاغلنا، وقد تغيرت الظروف وقامت ثورتان شعبيتان فى «مصر»، ولازالت هموم الوطن المتراكمة عبر السنين تطل علينا من خلال مشكلات مزمنة وأحداث طارئة تكاد تعصف بشجرة قوية أصلها ثابت وفرعها فى السماء، وأعنى بها «الكنانة» الشامخة العصية على السقوط، الصامدة أمام النوائب، المتميزة فى كل عصر، ولكل أمة شعراؤها المرموقون وكتابها المستنيرون.
السابعة إلى د.«كلوفيس مقصود»:
كنت أسطر هذه الرسالة وأنت فى عالم الأحياء، ثم نعى الناعى رحيلك عن عالمنا بعد حياة حافلة فى خدمة القضية العربية الأولى ودورك فى جامعة الدول العربية، وتذكرت عندما كنا معاً فى سيارة واحدة بـ«القاهرة» متجهين إلى إحدى المناسبات بعد رحيل «عبدالناصر» بشهور قليلة وتولى الرئيس الراحل «السادات» رئاسة «مصر»، يومها رأيت أنت لافتة مرورية على أحد مفارق الطرق مكتوبا عليها (ممنوع الاتجاه يساراً) فقلت لى: إن هذه اللافتة سياسية وليست لافتة مرورية وضحكنا معاً! ولا أنسى لك يوم أقمت حفل عشاء كبيرا تكريماً لى فى «نيويورك» منذ عدة أعوام، وكانت آخر مرة أراك فيها، لقد كانت لك مكانة كبيرة لدى الجميع، بدءاً من الملوك والرؤساء العرب وصولاً إلى «أنديرا غاندى»، رئيسة وزراء الهند الراحلة.. لقد خسرنا كثيراً بغيابك.