بيروت - لبنان اليوم
كتب منير الربيع في "المدن": لم يكن الحديث عن الـ"هيركات" والاقتطاع من حسابات المودعين، سوى مدخل لتصفية حسابات سياسية. سقط الـ"هيركات"، وسقط قبله الكابيتال كونترول.
لا أموال لتصادر
والـ"هيركات" لم يكن مطروحًا جديًا لسبب أساسي: لا أموال ولا ودائع ليُقتطع منها. فمن لديه في مصرف ما فوق 100 ألف دولار، مثلًا، فالمبلغ هذا ليس سوى رقم على ورق، ولا وجود له نقدًا.
والمعادلة هي على المثال التالي: شخص ما مدين لآخر بمبلغ ألف دولار مثلًا، فيطالبه الدائن باستعادة المبلغ. يقول له المدين إنه لا يملك من المبلغ سوى 500 دولار. وعندما يبدأ التفاوض بين الشخصين على النصف الآخر من قيمة الدين، يقول المدين مجددًا بأنه فقد الـ500 دولار الأولى. لذا لا يعود للتفاوض من قيمة ومعنى أصلًا.
انتهت جولة السجال على الـ"هيركات" إذًا. لكن خلفياتها كانت سياسية محضة. وكل من يتحدث عن إجراءات مالية واقتصادية صرفة، ليس على دراية بماهية السياسة في لبنان. فكل ما في لبنان سياسي بامتياز، ولا مهرب له من السياسة.
سموم السياسة
ولبنان كان بلد القناصل ولا يزال: من المتصرفية، والأقليات، إلى الصراعات الدولية، والأحقاد المحلية. ودائمًا عيون الجماعات والمقدمين والمناصب والسياسيين اللبنانيين مفتوحة على الخارج، وعيون الخارج مشرعة على لبنان وجماعاته.
ولبنان بوابة بحرية، على حدود ارتجاج سياسي وجيواستراتيجي. فلا يمكن فصل بيئاته الداخلية عن السياسات الإقليمية ولا الدولية. ولذلك تُكتب الخطط الاقتصادية فيه وتُقرأ سياسيًا.
رئيس الجمهورية ميشال عون، وصهره جبران باسيل، كانا رأس حربة الـ"هيركات". وذلك لفتح ملفات ودفاتر الثلاثين سنة الماضية. تحمّس معهم رئيس الحكومة حسان دياب. نجحوا في تصوير المعركة على أنها مواجهة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمصارف، بينما المعركة الاساسية والحقيقية هي مع فريق سياسي آخر بغطاء المصارف.
وهذا كان مقابل نجاحهم في تحييد أنفسهم عن الارتكابات، والتعمية على ملف الكهرباء والفيول المغشوش وغيرها، واستنادًا إلى أنهم يريدون "التغيير والإصلاح"، ولم يُسمح لهم بذلك.
وقف سلامة في مواجهة الـ"هيركات"، وإلى جانبه وقف رئيس مجلس النواب نبيه بري، ووليد جنبلاط. ليس دفاعًا عن المصارف، بل لأن الرجلين يقرآن ما بين السطور من سياسة وغايات سياسية. موقفهما جرّ سعد الحريري وسمير جعجع إلى مواقف مماثلة.
قد يهمك أيضا:
الأرقام الرسمية المُعلنة تدقّ ناقوس الخطر بشأن الأزمة المالية في لبنان
حكومة "الفوتوشوب" اللبنانية في مواجهة شعب يواجه شتى أنواع الأزمات
أرسل تعليقك