بيروت-لبنان اليوم
ينتظر اللبنانيون والعالم الكثير من حكومة الرئيس حسّان دياب لإنقاذ لبنان. فالرجل أبدى منذ تكليفه حسن نيّة ومعرفة بعمق الأزمة والمعالجات التي تتطلبها، لكن، تبقى العبرة في التطبيق. فالعوائق السياسية قد تأتي من الفريق الذي سمّى دياب قبل غيره، وهو ما تيقن منه المجتمع الدولي، وعبّر عنه الأسبوع الفائت ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، بقوله: "إنّ نجاح إجراءات إنقاذ لبنان من الانهيار يبدأ بدعم القوى السياسية الموجودة في البرلمان لها، لا في التظاهرات الشعبوية أمام البنوك".
لا يمكن الحديث اليوم عن تطويق لحكومة الرئيس حسان دياب، على رغم من بُعد المسافة بينه وبين المجتمعين العربي والدولي. ولقاءات وزير الداخلية محمد فهمي في تونس مع نظرائه العرب، وزيارة وزير الخارجية ناصيف حتّي لمصر الأسبوع المقبل، لا تعني أيضًا انّ الطريق الى دول الخليج العربي باتت سالكة. فالحكومة اليوم تحت الاختبار، والمعنيون يؤكّدون انّ تقريب المسافات مرهون بمدى جدّيتها في التعاطي مع الإصلاحات المنتظرة لتُفتح بعدها أبواب العرب والعالم امامها.
في جلسة مجلس الوزراء الاسبوع الماضي، قيل كلام قديم ـ جديد عن العلاقات اللبنانية - العربية وأهميتها، ودور العرب في الوقوف الى جانب لبنان تاريخيًا. ونقلت وزيرة الاعلام منال عبد الصمد عن دياب كلامًا مفاده، أنّه "بعد الانتهاء من الملف المالي، سنسعى للتعاون مع الدول العربية لمساعدة لبنان. ونحن نعرف انّ العرب لم يتخلّوا يومًا عن لبنان في الماضي، واليوم أيضًا لن يتخلّوا عنه". مضيفًا: "سندق أبواب الدول العربية، وسندخل من الأبواب المفتوحة... ونتمنى أن نقوم بأول زيارة في النصف الثاني من شهر آذار. في كل الحالات، إننا نحرص على فصل أي زيارة سنقوم بها عن أي حساب سياسي، ولن نكون جزءًا من سياسة المحاور، لأنّ لبنان نأى بنفسه عنها".
لكن ترجمة هذا الكلام في القاموس الدولي والعربي تحتاج إلى أفعال، ولن يكون اليوم كما الأمس. السلطة اللبنانية ستكون مسؤولة وستتحمّل تبعات أيّ خطوات لا تحمل الحلول الجدّية للبنان. فالاحتضان العربي للبنان تاريخي، لكن هناك شبه "إدارة ظهر" له عربية ودولية منذ ما قبل تأليف الحكومة، يعزوها البعض الى خيبة لدى المجتمعين العربي والدولي من المسؤولين اللبنانيين نتيجة عدم التزامهم وجدّيتهم في معالجة ملف الفساد، وشكوك وعدم ثقة بقدرة لبنان على الوفاء بالالتزامات المرتبطة بمؤتمر "سيدر"، والتي تتلخص بالإصلاحات التي طلبتها الدول المانحة لكي لا تذهب اموال "سيدر" هدرًا.
وعلمت مصادر أنّ حكومة دياب تتبع سلوكًا مختلفًا عن سابقاتها، تريد توظيفه رسالة إلى المعنيين في الخارج، مفادها أنّ طريقة عملها تختلف عنها، وهي بدأت العمل بعكس "التيار" بحيث أنّها تسعى الى وضع قطار الإجراءات على السكة، قبل طلب أي مساعدات من الخارج. وانّ ما يهمّها هو ان تُظهر للداخل والخارج أنّها جدّية في العمل، ومن الأفضل للقوى السياسية ان تقدّم لها الدعم الكامل، إن لم يكن سياسيًا أقلّه معنويًا، ريثما تخرج بخريطة طريق الحل التي ستجنّب لبنان الانهيار الشامل، وهي تحاول تحقيق إجراءات نوعية قبل دقّ الأبواب العربية والدولية".
وفي هذا السياق، تقول مصادر سياسية انّ الحكومة "أخذت على عاتقها منذ البداية المباشرة بالاصلاحات، لأنّ لا شيء يمكن فعله حاليًا إلّا اتخاذ إجراءات اصلاحية لإنقاذ الوضع".
وتضيف هذه المصادر: "إنّ الإصلاحات هي حاجة داخلية محلية قبل ان تكون مطلبًا خارجيًا. فلبنان لم يعد يملك المقومات التي تخوله الاستمرار معيشيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وماليًا، وموازنة 2020 لا تتضمن اي انفاق استثماري إنما رواتب وفوائد دين، وبالتالي، قرار الاصلاح هو قرار ذاتي، تعمل عليه حكومة دياب، لمحاولة التأكيد انّ الأموال هذه المرّة لن تذهب هدرًا كما في السابق".
قد يهمك أيضا:
حسّان دياب يؤكّد على مواجهة التحديات بصلابة وخطة ومنهجية
حسان دياب يُؤكِّد أنّ لبنان يمرّ بمرحلة استثنائية تحمل كثيرًا مِن التحديات
أرسل تعليقك