بيروت - لبنان اليوم
لا ندري إذا كان ما أعلنه رئيس الحكومة اللبنانية حسّان دياب يصب في خانة الإيجابيات، على رغم أنه خرج علينا بما لم نعتد عليه. المكاشفة - الشكوى. تلك التي تجعل من أحلام تأجيل الوقت التي أصبحت نظام حياة اللبنانيين، أمرًا غير واقعي. لقد قال ما هو مؤكد وهي تصب في خانة الأحلام الكاذبة.
قالها الرجل بصراحة. لن ندفع سندات الدين الدولية، واحتياطاتنا من العملة الصعبة قليلة. سنعيد هيكلة الدين ونشرع في خطة تقشفية وإصلاح إقتصادي يستلزم خطوات قاسية وموجعة.
كلام دياب جعلنا نغرق أكثر فأكثر في همومنا اليومية. لأننا ومنذ سنين طويلة نتعامل مع واقعنا وكأننا في كابوس مزعج لا بد وسينتهي. لدينا مقدرة رهيبة على الإقتناع بسرديات طائر الفينيق والإنبعاث من الرماد، أو في حالة اليأس القصوى، التمسك بوهم أن العالم لن يترك لبنان ينهار. أن هذا العالم الرازح تحت مشاكله وصراعاته الضخمة، سيلتفت الى بلد صغير جدًا لا وزن له في السياسة الدولية. هذا الوهم الكبير الذي تربينا عليه ولم نجرؤ على الخروج منه.
مكاشفة رئيس الحكومة تركنا في مواجهة الواقع. حيث لا وجود لطائر فينيق سينبعث، ولا لدول لن تترك لبنان ينهار، أو أقله لن تساعده من دون شروط مقابلة قاسية. بتنا أمام الحقيقة العارية، حيث يجب أن نستجمع قوانا وننهض لنرمم آخر سد في وجه الطوفان العظيم. فماذا نفعل؟
هذا السؤال الأساسي والملحّ الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا قبل مساءلة القوى السياسية. فالأخيرة كشفت عن نفسها بصلافة حتى بات الحديث عنها ملازمًا للفساد.
على اللبنانيين اليوم أن يتحلوا بدرجة كبيرة من الوعي للتخلص من إرث العقود السابقة. تلك التي تربينا فيها على عقلية الفرد الذي يسعى بأي طريقة للإنتفاع والربح السريع، من دون أي اعتبار لتبعات ذلك على آلاف الناس. هذا الذي نجده في كل مرافق الدولة العامة، وفي إدارة أمور الناس الحياتية، وفي عقلية التبجح والمكابرة والمشاوفة.
علينا أن نقبل بفكرة تقليل حجم الواردات الى أكثر من النصف، وأن نذهب ونكون على ثقة بضرورة القبول ببدائل محلية تخفف العبء عن الخزينة وتزيد في منفعة آلاف العائلات اللبنانية المحتاجة الى عمل ومدخول.
علينا الإقلاع عن التخلف عن دفع أي مستحقات للدولة علينا، ولو أن هذا لا يتطلب أيضًا مساءلة السلطة عن المقابل الخدماتي لكل فلس ندفعه لها.
علينا التقيد والإقتناع بمسؤوليتنا الإجتماعية والوطنية تجاه بعضنا البعض، شمالًا وجنوبًا، شرقًا وغربًا، والخروج من الحيز المناطقي، والتسليم بأن الكارثة عندما تتفشى ستطال الجميع من دون استثناء، وان التعاون والانفراج سيصيب الجميع أيضًا.
على أهل السلطة من أصغر إلى أكبر موظف، أن ينزل من برجه العاجي وينخرط في أي خطة حكومية قريبة للإنقاذ. فهؤلاء جزء من الحل كما هم جزء من الأزمة. المحسوبيات والفساد الإداري والتقديمات الإجتماعية الضخمة، التي يجب التنازل عن الكثير منها لصالح إنعاش الخزينة.اما غير ذلك فإننا سنغرق جميعًا، ولن يمد أحد لنا يد العون.
قد يهمك ايضا:"حزب الله" يرفض صندوق النقد بسبب ارتباطه مع الولايات المتحدة
دياب يستعد لجولة خليجية ويؤكّد أنّه سيدخل "من الأبواب المفتوحة"
أرسل تعليقك