بيروت - لبنان اليوم
يَمْضي لبنان في التكيُّف الصعب مع معركة النَفَس الطويل التي تتطلّبها المواجهةُ المفتوحة مع فيروس كورونا المستجد، الذي يكتسح الكوكبَ ويركّع دولًا، كبيرة وصغيرة، تتساوى في انكشافها أمام فيروسٍ فشلت راداراتُ الإنذار المبكّر في التقاطه قبل أن يفْتك بشعوبٍ بعدما انهارتُ أنظمةٌ صحية أمام الجائحة... الجامحة.
وعلى طريقة "إذا ما متت ما شفت مين مات"، يحاول لبنان الاستفادةَ من مشاهد القبور المفتوحة في العالم والفواجع المُرْعِبة التي يخلّفها الإعصار المتنقّل أينما حلّ، أقلّه لجعْل مواطنيه ينضبطون تحت سقف التعبئة العامة بنسْختها المتشددة وعنوانها "حظْر التجوّل الذاتي"واللجوء إلى إجراءات عقابية لفرْض منع التجمّع والتنقل غير الضروري، في محاولةٍ لإبطاء تَفشي الفيروس وبلوغه الذروة الكاسرة لظهْر النظام الصحي.
ومع قفْز عدد المُصابين أمس إلى 304 بزيادة 37 إصابة عن يوم الاثنين إلى جانب وجود 47 حالة معلَّقة نتائجها على تأكيد التشخيص الإيجابي، يقترب لبنان من انتهاء مرحلة التعبئة العامة وسط مخاوف متعاظمة من أن مكابحَ نصف حال الطوارئ لن تكون كافية لتفادي السيناريو الأسوأ المتمثل بانفلاشٍ مريع لكورونا لا قدرة لبلاد الأرز وقطاعها الصحي على احتواء صدماته المتوالية.
ولعلّ هذا ما يفسّر تصاعُد الدعوات بمكبرات الصوت لإعلان حال طوارئ كاملة المواصفات من فوق الحسابات التي تفرْمل حتى الساعة اعتماد هذا الخيار، من رئيس البرلمان نبيه بري العاتِب على رئيس الحكومة حسان دياب لعدم التزامه السبت الماضي بوعدِ الطوارئ التي عاود بري المطالبة بإعلانها فورًا لأنّ الوضع لا يُحتَمل، مرورًا برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وصولًا إلى تيار المستقبل ، وسط إعلان مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الطبية النائب السابق وليد خوري أن التزام المواطنين بالتعبئة العامّة كان بنسبة 90 في المئة الاثنين، مشيرًا إلى أن "اللّجنة الصحية تنتظر 48 ساعة قبل إعطاء توصياتها الى مجلس الوزراء ولا قرار حتّى الآن في شأن إعلان حال الطوارئ والأمور متوقفة على مدى التزام اللبنانيين بالإجراءات".
وجاء القرار - السابقة في تاريخ لبنان الذي أعلنه بري بعقْد جلسات نيابية تشريعية ورقابية إذا اقتضى الأمر من خلال تقنية الفيديو كونفرنسنغ عبر مؤسسات متخصصة وذلك في ظل الأزمة الحاصلة وصعوبة التنقل والالتقاء وحرصًا على الحفاظ اعلى درجات الإنتاجية التشريعية ليشكّل إشارةً مزدوجة إلى أن مرحلة الحجر العام ستتمدّد وأن البرلمان بدأ يتموْضع على مسرح أزمة كورونا المديدة بما لا يفرْمل دوره في غمرة اللحظات العصيبة في زمن الفيروس - العدو والانهيار المالي.
وكان لافتًا في سياق مَساعي تعزيز مناعة النظام الصحي أمام تسونامي إصابات محتمل، مبادرة جمعية المصارف إلى تسليم رئيس الحكومة شيك بقيمة 6 ملايين دولار تعهدت بها للمشاركة في الحملة الوطنية لمكافحة "كورونا" وسيتم من خلالها تأمين أجهزة طبية واستشفائية لمعالجة المصابين في إطار هبة عينية ستكون جاهزة في غضون أيام
قد يهمك ايضا:الحكومة اللبنانية أمام امتحان "دعم المحجورين" بعد تفشي "كورونا"
الحكومة تؤكد أن الوضع مخيف وتُشدِّد أن الأسبوع الثالث "مصيري"
أرسل تعليقك