مهما يكن من أمر الحيثيات التي استند إليها الرئيس ميشال عون لاتخاذ قرار، غير مُنسّق، مع الرئيس نبيه برّي في تأجيل الاستشارات النيابية التي كانت مقررة اليوم، لمدة أسبوع أي الخميس في 22 ت1 الجاري، بالتوقيت نفسه، والمواعيد المحددة للكتل، فإن مسارعة رئيس المجلس لرفض القرار، حتى “ولو كان ليوم واحد”، يكشف عن أزمة، قد يكون الرئيسان عون وبري طرفين فيها، أو ان وراء الأكمة ما ورائها، بالعودة إلى تبرير التأجيل الرئاسي بأنه جاء “بناءً على طلب بعض الكتل النيابية”، وبذريعة “بروز صعوبات تستوجب العمل على حلها”.
وكشفت تقارير ان موقفًا سيصدر عن الرئيس سعد الحريري، الذي فوجئ، كما الرئيس برّي، بالتوجه إلى التأجيل.
وبالعودة إلى الوقائع التي سبقت القرار، فإن بلبلة عصفت بموقف تكتل لبنان القوي، بين معلومات تحدثت عن لقاء وفد المستقبل مع وفد التيار الوطني الحر في ميرنا شالوحي من ان التكتل سيسمي الحريري، ولكن مساءً، انقلب المناخ، وتحدثت معلومات أخرى ان لا تسمية، في وقت حمل فيه النائب طلال أرسلان من “تكتل لبنان القوي” على الرئيس الحريري متسائلًا عمّا إذا كان الرئيس ايمانويل ماكرون طلب إليه “فحص دم الكتل” لمعرفة موقفها من المبادرة الفرنسية..
وسادت ليلًا أجواء ان لا استشارات ولا تكليف اليوم..
مصادر قريبة من بعبدا قالت ان الواضح ان تأجيل الأستشارات اتى بفعل طلب عدد من الكتل النيابية المزيد من التشاور ما يتيح للرئيس الحريري ان يزيد من رصيده كي لا يكلف بأكثرية ضئيلة. وأفادت المصادر ان رئاسة الجمهورية لم تكن ترغب في تأجيل الأستشارات الى الخميس المقبل لأن هم الرئيس عون التكليف ثم التأليف لأن وضع البلد لا يحتمل اي تأجيل للحل.
وأوضحت ان المهلة الجديدة مناسبة للمزيد من التشاور والبحث، مشيرة الى ان هناك سببا حاسما دفع عون الى التأجيل وان من حق الحريري المرشح الأقوى في طائفته الإتيان الى رئاسة الحكومة بأصوات مريحة وذكرت بما كان قد شدد عليه عون لجهة اهمية التشاور قبل التكليف.
وكان اللافت استباق محطة الـO.T.V الناطقة بلسان التيار الوطني الحر قرار التأجيل، بالاشارة إلى انه “وارد في كل لحظة، لأن مصير التكليف غير محسوم بعد”، الأمر الذي يعني ان قرار تكليف الحريري لم يكن ناضجًا بعد عند فريق بعبدا، والنواب الذين ينضوون أو يدورون في فلك التيار العوني.
ما هي الصعوبات التي طلبت الكتل التأجيل، وتجاوب القصر معها، حسب المصادر المطلعة من النقاط العالقة لتشكيل الحكومة التي لم يتم الاتفاق حولها، وعمر الحكومة المحددة بـ6 أشهر.
وهذان الطلبان أو الشرطان للتيار الوطني الحر، الذي صدمت اوساطه بالتجاهل شبه التام لاسيما من فريق رئيس المجلس وكتلة المستقبل، في ما خص رغبة النائب جبران باسيل بتعديل دستوري، طرحه في كلمته أمس الأوّل لمناسبة ذكرى 13 ت1، لناحية تحديد مهلة شهر للتكليف ومهلة شهر للتأليف، بتعديل دستوري، مفاجئ وبتوقيت وبهدف لا صلة له بالمبادرة الفرنسية ولا بحكومة المهمة التي ستتشكل على أساسها.
ومن الطلبات الشروط، أيضًا، رغبة بعبدا بالسير بتوزيع الوزارات السيادية الأربع على الطوائف الأصغر، منعًا لما تصفه بالاستئثار، أو الحؤول دون حصر وزارة المالية مع الطائفة الشيعية، حتى لو كانت لمرة واحدة، وهو ما أشار إليه باسيل بالفريق اللبناني الذي يسعى إلى تكريس اعراف مرفوضة.
بالمقابل، وصفت مصادر سياسية قرار الرئيس عون بتأجيل موعد إجراء الاستشارات النيابية الملزمة بأنه يمثل ذروة الاداء غير المريح، بل السيئ للرئاسة الاولى وتجاوز مصلحة البلاد العليا والاستهتار بالدستور وتوظيف صلاحيات الرئيس لمصلحة صهره النائب جبران باسيل وتوجهاته الشخصية. وتساءلت هل كان يقدم عون على تأجيل الاستشارات لو ان كتلا او تيارات اخرى ارتأت ذلك وحبذا لو اخذ حيزا بسيطا من هذه المبررات الممجوجة في تشكيل الحكومة المستقيلة التي افتقدت الىأدنى مقومات التمثيل لمرجعياتها السياسية والطائفية.
وإذ اعتبرت ان هذا التصرف الشاذ على هذا النحو في هذه الظروف الاستثنائية والصعبة التي يتطلع فيها اللبنانيون بلهفة لتشكيل حكومة جديدة تنتشل لبنان من مخاطر الانهيار المحدقة من كل الاتجاهات، يمعن عون بتوظيف صلاحياته الدستورية لإعاقة وتعطيل انتظام آلالية الدستورية لتسمية رئيس جديد للحكومة للمصلحة الشخصية والحسابات الضيقة، لأن مسار الاستشارات المرتقبة لا يؤشر إلى أنها تصب في المصلحة الشخصية لصهره جبران باسيل وتياره، بل باتجاه مصلحة لبنان العليا ولو كانت على ايدي خصومه السياسيين.
باختصار شديد عون اجل الاستشارات بايعاز معلوم من باسيل لقطع الطريق على تسمية الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة الجديدة الذي بات يحظى بموافقة ملحوظة من الاكثرية بهذا الاتجاه وسعيا لاعادة خلط الأوراق من جديد، لعل في مثل هذه العبثية الدستورية الممجوجة تتحقق اهداف رئيس التيار العوني بابعاده نهائيا عن تولي هذه المسؤولية من جديد ولو كان على حساب عملية انقاذ لبنان من الكارثة.
وقال مصدر واسع الاطلاع لـ”اللواء” ان باسيل يتصرف بطريقة شخصية “كيدية” لجهة ان الرئيس الحريري لم يتصل به، على صعيد اللقاءات كما حصل مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وهو الأمر، حسب المصدر، الذي يطالب الرئيس عون بحصوله أيضًا.
ولم يعرف، مسار التطورات بعد قرار التأجيل، وبأي وجهة ستسير المفاوضات، لئلا ينسف موعد الخميس المقبل، في ظل تفاقم المآزق الداخلي، مع العجز عن حل اللغز الحقيقي لقرار التأجيل، الذي سارع الرئيس برّي لرفضه، ولو كان ليوم واحد..
وتخوفت أوساط مراقبة من ان يكون وراء الأكمة ما وراءها، لجهة تضارب الصلاحيات في ما يتعلق بإطلاق المفاوضات، والتباين بين الرئيس عون وفريقه و”الثنائي الشيعي” في ما خص الوفد الذي شكله الرئيس لجهة ابعاد المدنيين عنه، واقتصر على المفاوضين العسكريين، وتمسك بعبدا بصلاحية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية، فضلًا عن نقزة الرئيس برّي من فكرة التعديل الدستوري بهذا التوقيت.
قد يهمك أيضا :
نبيه برّي يؤكّد أن تحميل وزر الأزمة المالية للمودعين هروب من الحقيقة
الرئيس اللبناني يعلن تأجيل الاستشارات النيابية لاختيار شخصية سياسية لتولي الحكومة
أرسل تعليقك