بادر رئيس الجمهورية ميشال عون، فحدّد موعدا للاستشارات النيابية المُلزِمة لتسمية رئيس حكومةٍ جديد الخميس المقبل، محرّكاً بذلك قليلاً من المياه الراكدة حكوميا، منذ "اعتذار" السفير مصطفى أديب، عن إنجاز المهمّة، نتيجة الضغوطات التي تعرّض لها من كلّ حدبٍ وصوب.
في المبدأ، لا شكّ أنّ تحديد موعد الاستشارات هو "واجب" رئيس الجمهورية، وأتى متأخّراً، باعتبار أنّ الدعوة يفترض أن تكون "تلقائيّة" بمجرّد استقالة رئيس حكومة أو اعتذار من يتمّ تكليفه بتشكيل الحكومة، من دون أن تخضع لاتصالات ومشاورات سياسيّة، لا أساس دستورياً لها بحسب ما يقول الخبراء.
لكن، في المضمون، تثير هذه الدعوة الكثير من علامات الاستفهام، خصوصاً أنّها لا تقترن بأيّ معلوماتٍ عن اتصالاتٍ من الأصل، حتى يمكن الحديث عن "تقدّمٍ ما" على خطها على سبيل المثال، ما يطرح السؤال عمّا إذا كانت معادلة "التأليف قبل التكليف" التي طرحها "العهد" وتبنّاها، قد سقطت بالضربة القاضية.
خطوة ضرورية!
يقول العارفون إنّ خطوة رئيس الجمهورية بالدعوة إلى الاستشارات كانت ضرورية، بعدما أدرك أنّ ملف الحكومة بات "منسيّاً" بالنسبة إلى الكثير من الفرقاء، ممّن باتوا يتعاملون معه على طريقة "التجاهل"، وكأنّه ليس "من الأولويات".
خير دليلٍ على ذلك، وفق هؤلاء، أنّ الملفّ لم يخطُ خطوة واحدة إلى الأمام منذ "اعتذار" السفير مصطفى أديب، و"انكفاء" الوسيط الفرنسيّ بعد الخطاب "الناريّ" للرئيس إيمانويل ماكرون الذي منح اللبنانيين مهلة أربعة إلى ستة أسابيع للحفاظ على المبادرة الفرنسية، وقد ضاع منها أسبوعان ونصف حتى الآن، من دون تحقيق شيءٍ يُذكَر.
ولعلّ ما أثير في الساعات الماضية من أفكارٍ يُستشَفّ منها وجود نيّةٍ لدى البعض بـ"التطبيع" مع "الفراغ"، أو مع "تصريف الأعمال"، سواء على مستوى "تعويم" حكومة حسّان دياب، أو ابتكار "بدعة" تسمح للأخير بالعودة عن استقالته، كلّها عوامل تجعل من "تحريك" الملفّ الحكوميّ أمراً مُلِحّاً وضروريّاً، من دون أيّ نقاشٍ أو تفسير.
مهلة أسبوع!
لكن، أبعد من "ضرورة" الخطوة و"إلزاميّتها"، تفادياً لجعل ملف الحكومة "هامشياً" على خط الأزمات المستفحلة التي يتخبّط بها اللبنانيون، كان لافتاً أنّ رئيس الجمهورية أعطى الأفرقاء مهلة لأكثر من أسبوع حتى موعد الاستشارات، وكأنّه يدعو إلى "تكثيف" الاتصالات خلالها، للتوافق على اسم شخصية يتمّ تكليفها.
وفي هذا السياق، ثمّة من يرى أنّ رئيس الجمهورية أراد بخطوته رمي كرة "التعطيل" عن كاهله، ورفض تحميله مسؤولية العرقلة بعدم الدعوة إلى الاستشارات، وبالتالي وضع الآخرين، من حلفاء وخصوم "العهد" عند مسؤوليّاتهم، حتى يتمّ "التوافق" على اسمٍ لتأليف الحكومة، خصوصاً أنّهم لا يزالون جميعاً يعلنون تمسّكهم بالمبادرة الفرنسية، التي تنطلق من تأليف حكومةٍ متوافَقٍ عليها لتنفيذ الإصلاحات.
وإذا كان الرئيس ومَن خلفه "يمنّون النفس" بسيناريو مشابه لسيناريو الاستشارات السابقة، حين لم يُعلَن عن اسم السفير مصطفى أديب، الذي حظي بشبه إجماعٍ على تكليفه، سوى قبل 24 ساعة من الموعد المحدَّد، وهو يعتقد أنّ مثل هذا "التوافق" لن يحصل سوى تحت "ضغط" موعد الاستشارات، فإنّ سيناريو الذهاب لتأليف شخصية "صدامية" لتأليف حكومة "لون واحد" يبقى غير وارد، حتى في حال عدم التجاوب، وفق التقديرات، أقلّه حتى الآن.
قد لا يكون موعد الاستشارات نهائياً، وهناك "سوابق" حصلت وأدّت إلى تأجيله في ربع الساعة الأخير، لكن مجرّد الدعوة قد يكون الخطوة الأولى، وإن أتت متأخرة، خطوة ينبغي أن "تُستلحَق" بخطواتٍ أخرى، تعيد الأمور إلى نصابها، بدل انتظار "الفرج" من الخارج، والذي قد يأتي، لكن قد لا يأتي أيضا.
قد يهمك أيضا :
البرلمان اللبناني سيجتمع في 15 أكتوبر لبدء تشكيل حكومة جديدة
رئاسة الجمهورية تنشر مواعيد الاستشارات النيابية
أرسل تعليقك