يبدو انّ سحب التعيينات المالية من جدول أعمال الجلسة السابقة لمجلس الوزراء لم يوقف مفاعيلها وتداعياتها السياسية، إذ اتّهم "حزب الله" السفيرة الأميركية في لبنان بالتدخّل في هذا الملف، فيما يرمي تيار "المستقبل" النازح عن السلطة، بكل ثقله وأوراقه، لحماية نفوذه في حاكمية مصرف لبنان.
بعدما كان الرئيس سعد الحريري قد لوّح بخيارات تصعيدية، اذا اتت التعيينات المالية مفصّلة على قياس خصومه ومنافسيه السياسيين، دخل "حزب الله" بقوة على خط "تصحيح التوازنات" في ملف التعيينات، متجاوزًا ساحة اللاعبين الداخليين، ليهاجم الاميركيين مباشرة.
وقد تولّى تنفيذ هذا الهجوم عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله، الذي أكّد أنّ "السفيرة الاميركية في بيروت تجول على بعض المسؤولين الرسميين، وتبلغهم من دون أي مواربة بإسم مرشح الولايات المتحدة لأحد مراكز نواب حاكم مصرف لبنان، في اعتداء مكشوف على سيادة لبنان وكرامته الوطنية"، داعيًا الحكومة الى إعتماد "آلية شفافة واضحة تشكّل نقلة نوعية في التعيينات على قاعدة تكافؤ الفرص لإختيار من يملكون الكفاءة والنزاهة وصدق الإنتماء الوطني، بعيدًا من المحسوبيات السياسية ومن الضغوط الأميركية المترافقة مع تهويل جهات داخلية".
ويشير قريبون من الحزب، انّ السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا استمرت، حتى بعد سحب بند التعيينات، في السعي إلى حماية اسم محدد ضمن نواب حاكم مصرف لبنان وضمان استمراريته في موقعه، فيما يكشف مطلعون انّ السفيرة صارحت اخيرًا احد الوزراء، ومن دون اي قفازات، بأنّ هذا الاسم خط أحمر، ويجب أن يكون في عداد نواب الحاكم للمرحلة المقبلة، إضافة إلى انّها كانت قد اوصلت الرسالة نفسها الى عدد من المسؤولين في وقت سابق.
وينبّه المطلعون، إلى أنّ التجديد لنائب حاكم البنك المركزي، الذي يحظى بتأييد اميركي، سيعني تلقائيًا التجديد لنواب الحاكم الآخرين، وفق معادلة "الكل يتغيّر او الكل يبقى"، التي وضعها مرجع رئاسي كبير، "وبالتالي، فإنّ اي سيناريو من هذا القبيل سيشكّل، اذا جرى تطبيقه، ضربة للحكومة المطالبة بإثبات صدقيتها ونزاهتها في اختبار التعيينات".
وتفيد المعلومات، انّ قيادة "حزب الله"، وبعدما تبلّغت بوقائع موثوقة عن آخر نسخة من ضغوط السفيرة الاميركية، ناقشت بشكل عاجل أبعاد التطور الحاصل، واتخذت قرارًا بالردّ الفوري للجم اندفاعة واشنطن في كواليس التعيينات، فكان بيان فضل الله الشديد اللهجة.
ومن بين الأسباب التي دفعت الحزب الى خوض هذا الاشتباك المالي مع الاميركيين، على ابواب المصرف المركزي، وفق العارفين، حرصه على إيصال رسالة واضحة إلى واشنطن، بأنّها تُخطئ في حساباتها اذا افترضت انّ بإمكانها توظيف زخم عملية تهريب العميل عامر الفاخوري من لبنان لفرض شروطها على مستوى التعيينات المالية، وبأنّه لن يكون من السهل تكرار سيناريو الفاخوري في مكان آخر.
ويعتبر القريبون من الحزب، انّ السفيرة الاميركية استغلت على الارجح خلاف سليمان فرنجية- جبران باسيل حول التعيينات، والذي ساهم في تعطيلها، لاستثمار الفرصة المستجدة والوقت المتقطع، من أجل زيادة منسوب الضغط، في محاولة لتثبيت الاسم المدعوم من واشنطن، وإمراره لاحقًا.
ويلفت هؤلاء، إلى أنّ قرار سحب التعيينات في حدّ ذاته هو منفصل عن التدخّل الأميركي، ولا علاقة بين الأمرين، وإن تكن سفيرة الولايات المتحدة تسعى الى الاستفادة مما حصل لإعادة تعويم مرشحها الى احد مراكز نواب الحاكم.
كما يشدّد المحيطون بالحزب، على انّ بيانه العنيف موجّه حصرًا ضد "الانتهاك الأميركي المتجدّد للسيادة المالية اللبنانية، وكذلك ضد المتماهين او المتقاطعين معه، وبالتالي فإنّ هذا البيان غير مرتبط بتاتًا بالشق الداخلي من قضية التعيينات وبالملابسات التي رافقتها".
واذا كان هناك من يتهم "حزب الله" بافتعال مواجهة اضافية مع الاميركيين والقطاع المصرفي، سترتب مزيدًا من الانعكاسات السلبية على المصلحة اللبنانية، الّا انّ الحزب يعتبر انّه "موجود في موقع ردّ الفعل الطبيعي والمشروع على استهداف مكشوف لحق الحكومة في اختيار من تجده مناسبًا لتولّي موقع حيوي من وزن نائب حاكم مصرف لبنان، وليس هو الذي يتدخّل في شأن أميركي داخلي".
اما في ما يخصّ المصارف، "فإنّ البلد مجتمعًا وبتلاوينه كافة، يواجه مشكلة عامة معها، ولذلك لا يجوز إخترال تلك المشكلة بطرف واحد، لحسابات او مصالح سياسية لدى البعض"، وفق القناعة السائدة في صفوف الحزب.
قد يهمك ايضا:مجلس الوزراء اللبناني يقر الإستمرار في مشروع سد بسري
مجلس الوزراء يلتئم في قصر بعبدا اليوم برئاسة رئيس الجمهوريّة
أرسل تعليقك