بيروت - لبنان اليوم
يمكن القول اليوم إن سعر صرف الدولار خرج عن السيطرة واقفلت معه مخارج الحل، في ظل سياسة تطييع البلد المبطن على نهج الاحادية في التعاطي ومن "فم مقفل" انسجامًا مع رؤية ادوات العهد القوي التي لن تنتهي قبل قلب الطاولة على التوازنات التي ارساها اتفاق الطائف، والمؤسف ان الوسائل موجودة وبوفرة للاستثمار السياسي في هذا الاتجاه. حتى مطالب ثورة 17 تشرين الاول التي أوصلت الى استقالة الحكومة لم تسلم من الاستغلال والتوظيف الرديء لنتائجها، من خلال انقضاض بعض قوى السلطة على كرسي رئاسة الحكومة وتشكيل حكومة ظاهرها من أهل الاختصاص وباطنها محاصصة بين احزاب وتيارات مع الاحتفاظ للمستشارين بحق الاشراف والادارة والتوجيه.
واستكمالا لذلك أطل مؤخرا رئيس الحكومة حسان دياب معلنا الحرب على حاكم مصرف لبنان، ليلقاه في المقابل صهر العهد جبران باسيل في تصريح يقول فيه:" إذا قامت الحكومة الآن بتحمل مسؤولياتها فهذا لا يعني أنها تقوم بانقلاب على النظام المالي الحر ولا على استقلالية المصرف المركزي" معتبرا ان "الدولة، وهي المسؤولة أولا وأخيرا عما وصل اليه الوضع، ولا يحق لها اتهام المصارف أو المركزي أو المستفيدين والنأي بنفسها وكأن لا دخل لها" وفي ذلك دليل على امر عمليات واضح خاصة وان "التيار الوطني الحر" ممثل في الحكومة، كما ان الرئيس دياب على تنسيق تام مع رئيس الجمهورية ميشال عون وحليفه "حزب الله"، وبالتالي فإن الخطاب الاخير للرئيس دياب لم يكن ارتجاليا وانما كان متفقا عليه مع القوى الحليفة وعلى رأسهم صهر العهد جبران باسيل. الامر الذي يكشف عن خط نهاية يجري رسمه لمقام رئاسة الحكومة وصلاحياتها، وحاليا يجري الدفع برئاسة الحكومة من حيث تدري او لا تدري الى رسم خط النهاية لهذا الموقع بيدها عبر استخدام المقام للدفع به الى الامام في ساحة الالغام .
بالطبع أسوأ ما في هذا المشهد أن الدور الذي طبع مقام رئاسة الحكومة اللبنانية عبر التاريخ لاسيما منذ اتفاق الطائف وحتى اليوم، بالرغم من المحطات السلبية التي رافقت بعض العهود السابقة في مسيرتها، الا انه لم يكن الا دورا داعما حد التضحية في سبيل بناء الدولة الواحدة الجامعة، الا أن الخشية مما يحصل اليوم أن يفقد مقام الرئاسة هذه السمة، وأن يكون السبب في اطلاق رصاصة الرحمة على ما تبقى من هيكل البلد ومؤسساته. والمؤشرات على ذلك واضحة فلو كان هدف الحكومة الحالية فعلا اجراء اصلاحات ومحاربة الهدر والفساد لكانت الخطوة الاولى التي يجب ان تقدم عليها في هذا الاطار هي اجراء انتخابات نيابية مبكرة وفقا لقانون انتخاب يلبي تطلعات الشعب اللبناني، انسجاما مع مطالب الثورة المحقة. وبكل حال، فإن الاصلاحات التي تتوعد الحكومة القيام بها لا تبدأ بتبني موازنة حكومة مستقيلة من دون استردادها للاطلاع عليها وادخال ما يلزم من اصلاحات تحاكي دقة المرحلة وتسهم في لجم الانهيار الاقتصادي والمالي. اضف الى ذلك كله عجزها حتى الساعة عن وضع خطة انقاذ مرحلية واضحة قابلة للتنفيذ تجنب المواطن الدخول في مرحلة العوز وتقوم في آن على تعزيز ثقته بالمؤسسات، وايضا تقوم على تفعيل دور مؤسسات الرقابة والتفتيش في ملفات الفساد والهدر ونهب الاموال العامة عوضا عن الاستعاضة بأدوات من هنا وهناك وتشكيل لجان لا افق واضح لنهاية طريقها.
كل ذلك يؤكد ان ما تتوعد الحكومة القيام به ليس الا "رغوة" لا تخفي تحتها سوى انزلاق مقام رئاسة الحكومة وحامي صلاحياته في فخ ضرب ما تبقى من مؤسسات وتعليق دورها وصولا الى تغيير النظام وتعزيز النفس الاحادي في الادارة والحكم .
قد يهمك ايضا:هجوم على مذيعة MTV بسبب خبر عن الدولار.. "قفز إلى 4 آلاف بعد نشره"
الدولار يقفز وسعر الآيفون يساوي 7 معاشات ونصف!
أرسل تعليقك