مرّ عام كامل على إعلان استقالة سعد الحريري وحكومته في لبنان في 29 أكتوبر/ تشرين الأول، وذلك تلبية لمطالب الشارع حسب ما قاله في ذلك الوقت، ولم يمض عام كامل على الاستقالة حتى عاد الحريري ليكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، بعد استقالة حكومة حسان دياب، واعتذار المكلف مصطفى أديب عن هذه المهمة، حيث نال أغلبية طفيفة في البرلمان اللبناني لتسميته كرئيس للوزراء.
شهدت الفترة بين استقالة الحريري وعودته إلى منصبه السابق العديد من الأحداث على المستوى اللبناني والإقليمي والعالمي، فما الذي تغير بالنسبة للبنان خلال هذه الفترة، يجيب عن ذلك المحلل السياسي اللبناني بشار خير الله، في حوار مع وكالة "سبوتنيك" فيقول: "بكل صراحة كان عاما صاخبا بالأحداث والتطورات، ولكن لم يحدث أي تغيير جذري، والمنظومة السياسية أثبتت أنها منظومة حديدية، وهي عبارة عن سلاح يحمي الفساد وفساد يحمي السلاح، سعد الحريري هو الوحيد الذي استمع لصوت الناس بعد ثورة 17 تشرين العام الماضي، واستقال".
ويكمل: كانت هناك محاولات عدة لتغيير النهج ولكن عبثا لأن المنظومة متماسكة جدا على هذه القاعدة، وأيضا انفجار المرفأ في 4 أغسطس/ آب غير المشهد الخارجي تجاه لبنان، فكان لبنان محاصر ومقاطع من قبل غالبية الدول الصديقة، ولكن التفجير فك الحصار الداعم للشعب اللبناني وليس للسياسيين، وبدا المشهد وكأن الدول عادت إلى لبنان لمساعدة الشعب اللبناني.
ويتابع خير الله: اليوم من بعد كل هذا الزخم لم تثمر الجهود بتكليف حكومة من خارج النادي السياسي، فأتى حسان دياب من خارج النادي السياسي التقليدي وأثبت فشله، لأن حزب الله أراد من هذه الحكومة أن تتجه نحو إيران، وحاول سعد الحريري تسمية شخصية أخرى وأعني هنا مصطفى أديب، وأيضا فشل وأجبر على الاعتذار.
ويضيف: هذه المنظومة بما أنها لا تزال قائمة وقوية حتى هذه اللحظة، فهي لا تحتمل أي شخصية من خارج النادي، والمنظومة ذاتها الآن أعادت سعد الحريري لتشكيل الحكومة، فعندما نتحدث عن التدقيق المالي الجنائي سيتبين أن كل هذه المنظومة تشارك في الفساد، لذلك أعادت المنظومة شخص من داخلها ليحميها وتحميه.
ويقول الصحافي والكاتب اللبناني أمين قمورية: الوضع في لبنان ازداد انهيارا على كل المستويات اقتصاديا ومعيشيا واجتماعيا، وحتى الخلافات السياسية لم تجد طريقا للحل، والهوة بين الحكومة والناس فيما يتعلق بالثقة ازدادت بشكل كبير.
ويكمل: الذي تغير على ما يبدو هو الحريري نفسه وليس بالمعنى الإيجابي، ولكن على المستوى السياسي تعلم من أخطاء الفترة السابقة، ولا أقول إنه تغير من ناحية إجراء تغييرات عميقة في المجتمع، إنما تغيرت طريقته بالتعاطي مع القوى السياسية الأخرى.
ويستطرد قمورية: نرى الحريري اليوم ربما حسم اتجاهه بترك المملكة العربية السعودية والاتجاه نحو قوى دولية أخرى، قد تكون فرنسا أو أميركا ولا أحد يعرف حتى هذه اللحظة، وتغيرت طريقة تعاطيه مع القوى السياسية في لبنان أيضا، الكل حوله لاحظ هذا التغيير، لكن هل هذا التغيير سيترافق مع تغيير النهج الحكومي الذي أوصل البلاد إلى ما وصلت إليه، لا تزال علامات الاستفهام كثيرة حتى هذه اللحظة.
ويرى المحلل السياسي اللبناني أسعد بشارة، تغير لبنان كثيرا خلال هذا العام وطبعا نحو الأسوأ، والأسباب التي أدت إلى استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري عام 2019، زادت وأصبحت مضاعفة، وهو أمر مستغرب كيف يمكن إعادة تشكيل الحكومة بنفس المعايير وبنفس الأشخاص، علما أنهم جميعا هم الذين أوصلوا لبنان إلى الانهيار.
ويتابع: فهل تسعى هذه المنظومة إلى إعادة تشكيل نفسها من خلال هذه الحكومة، وأعتقد أن الجواب هو نعم، ولكن النتيجة ستكون المزيد من الانهيار، فليس هناك ثقة بأن هذا النوع من الحكومات يمكن أن يجري تغيير وإصلاح حقيقي في لبنان، حيث لا يوجد ثقة لا على المستوى الداخلي أو الخارجي، وبالتالي نحن نتجه نحو تمديد للأزمة.
ويجري الرئيس المكلف سعد الحريري مفاوضاته لتشكيل الحكومة بعيدا عن الأضواء، ليطرح الكثير من التساؤلات حول شكل الحكومة الجديدة، وما الذي يمكن أن تختلف به عن الحكومات السابقة التي كان الحريري نفسه على رأسها، وحول ذلك يعتقد بشارة خير الله أن الرئيس الحريري مجبر على تبني نهج جديد من حيث توزيع الوزارات وتسمية الوزراء، لأنه لن يكون قادرا على تشكيل حكومة على شاكلة الحكومة السابقة أو التي قبلها أو قبلها، وتعيين وزراء سياسيين ينتمون إلى أحزاب.
قد يهمك أيضا :
الرئيس اللبناني يستقبل سعد الحريري و"البحث لم يُكمل بالايجابية التي بدأ بها"
"الكتمان" لغة عون والحريري في مشاورات تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة
أرسل تعليقك