أكّد رئيس الحكومة اللبنانية حسّان دياب، أن بلاده "سكتت كثيرا عن ممارسات دبلوماسية فيها خروقات كبيرة للأعراف الدولية والدبلوماسية، حرصاً على علاقات الأخوة والانتماء والهوية والصداقات، لكن هذا السلوك تجاوز كل مألوف بالعلاقات الأخوية أو الدبلوماسية".وأطلق حسّان دياب هذه التصريحات في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، واختار أن يطلق معركة "دبلوماسية"، بعيدة عن جوهر "الدبلوماسيّة"، مهاجماً عدداً من السفراء، من دون تسميتهم، ومتحدّثاً عن "ممارسات فاقعة في التدخّل بشؤون لبنان".
ولم يقف دياب عند هذا الحدّ، بل تحدّث عن "اجتماعات سرية وعلنية، ورسائل بالحبر السري والشيفرة"، وغير ذلك، ما يطرح السؤال عن "المصلحة" خلف هذا الهجوم، الذي أتى للمفارقة، تزامناً مع "انفتاح" غير مسبوق على الشرق، تجلى بالاجتماع الموسّع مع السفير الصيني، في قلب السراي.
لم يكن الهجوم على الدبلوماسيّين سوى "حلقة" جديدة من خطابات دياب الدوريّة حول "مؤامرات كونية" يتعرّض لها، وشكواه الدائمة من "جهات داخلية وخارجية" تسعى لإفشال حكومته، وصولاً إلى حدّ الإطاحة بها، لكن، إذا كان دياب عمد منذ وصوله إلى السراي، إلى "تجهيل" الفاعل، من دون تسمية "الأبواق" التي يتّهمها دوماً بافتعال الفوضى في وجه حكومته، فإنّ هجومه هذه المرّة بدا مختلفاً، ولو حرص على عدم تسمية السفراء الذين قصدهم.
اعتقد كثيرون بأنّ السفيرة الأميركية دوروثي شيا هي أول المقصودين، خصوصاً أنّ كلامه جاء بعد "الزوبعة" التي أحدثتها تصريحاتها الأخيرة، وما تلاها من قرار قضائي غير مسبوق بمنع الإعلام من نقل تصريحاتها، ولو "طويت صفحته"، بشهادة السفيرة نفسها.
لكن ثمّة من رأى أنّ كلام دياب أبعد من شيا، وإنما يشمل العديد من السفراء العرب، ولا سيما الخليجيّين منهم، ممّن يتّهمهم رئيس الحكومة بـ "تضييق الخناق" عليه، خصوصاً أنّه تحدّث منذ وصوله عن "جولة عربية" يريد الانطلاق بها، وهو ما لم يستطع تحقيقه، نتيجة "العزلة" شبه المُعلَنة عليه.
"ولّى زمن السكوت". لعلّها الرسالة التي أراد دياب إيصالها خلف "هجومه" المستجدّ وغير المسبوق على السفراء والدبلوماسية. ولكن، ما مصلحته، ومصلحة لبنان، من ذلك؟ وهل المطلوب مثلاً "معاداة" الغرب، كثمنٍ ربما لـ "الانفتاح" على الشرق؟ قد لا تكون هذه "الخلاصة" منطقية، أقلّه بالمعيار الوطنيّ، أولاً لأنّ "الواقعية" لا تسمح للبنان في هذه المرحلة بالاستغناء عن أحد، بل تقتضي منه "توسّل" أيّ دعمٍ ممكن، بالمعنى الحرفيّ للكلمة، نظراً للواقع المُرّ الذي يتخبّط فيه على كلّ مستويات، وانعدام فرص الإنقاذ.
وهي لا تبدو منطقيّة أيضاً، إذا ما أقرنت بـ"الشكوى" التي لا يكفّ دياب ووزراؤه عن التعبير عنها، ومفادها وجود قرار "سياسيّ" بإقفال المجتمع الدولي في وجه الحكومة، ما يتطلّب مقاربة من نوعٍ آخر، علماً أنّ كثيرين في الحكومة يربطون "المماطلة" الحاصلة على خط المفاوضات مع صندوق النقد، بالموقف الأميركيّ "غير المشجّع" أولاً وأخيراً.
لكن، أبعد من كلّ هذه الاعتبارات، ثمّة من يرى أنّ دياب أراد، من خلال هجومه على السفراء، "استرضاء الحلفاء" ليس إلا، وعلى رأسهم "حزب الله"، لفرض "بقائه" في موقعه، خصوصاً أنّ كلامه هذا جاء بعيد حملةٍ غير مسبوقة عليه، انطلقت من "أصدقاء" الحزب قبل خصومه، وروّجت لانتهاء عمر الحكومة، نتيجة عجزها المتمادي.
يرفض دياب الاستقالة، وهذا حقّه الدستوريّ، بيد أنّ "الجدل" يبقى حول طبيعة "المواجهة" التي عليه أن يخوضها، "مواجهة" يفترض أن يكون عنوانها "الإصلاحات" التي لم يرَ اللبنانيون منها سوى "الوعود" الأسبوعيّة، لا تقديم أوراق الاعتماد لهذا أو ذاك، ولو جاء ذلك على حساب المصلحة العامة.
قد يهمك ايضا
دياب خلال الجلسة يؤكد أن مشروع الفتنة قائم وهناك غرف سوداء تختلق أكاذيب
دياب ترأس اجتماعاً أمنياً عرض الإجراءات بحق من افتعلوا المشاكل السبت
أرسل تعليقك