بيروت - لبنان اليوم
لم تحدد الوفود القضائية الأوروبية موعداً لاستئناف تحقيقاتها في الملفات المالية العائدة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ولم ترسل بعد لائحة بأسماء الأشخاص المطلوب استجوابهم في الجولة الثانية، إلّا أن مصدراً قضائياً بارزاً كشف أن «الأسبوع الأول من شهر مارس (آذار) المقبل سيشهد عودة القضاة الأوروبيين، وقد يبدأ هؤلاء بالوصول إلى بيروت اعتباراً من الخامس من الشهر المقبل».
وكان قضاة من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ، أجروا خلال الشهر الماضي، وعلى مدى أسبوع كامل، جلسات تحقيق في قصر العدل في بيروت، شملت عدداً من نواب حاكم مصرف لبنان السابقين والحاليين، بمشاركة قضاة من النيابة العامة التمييزية في لبنان، وذلك في إطار تنفيذ استنابات قضائية مرتبطة بتحقيقات مستقلّة يجريها القضاة في البلدان الأوروبية الثلاثة، تتعلّق بشبهات «تبييض أموال» من خلال تحويلات مالية من لبنان إلى مصارف أوروبية أجراها رياض سلامة وشقيقه رجا سلامة وشركة «فوري» للوساطة المالية التي يملكها الأخير.
ولم يحسم المصدر القضائي في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» ما إذا كانت مهمّة القضاة الأوروبيين تقتصر على جولة واحدة من التحقيق أو أكثر، مؤكداً أن الأمر «يتوقّف على عدد الأشخاص المطلوب استجوابهم والذين يضمون موظفين في مصرف لبنان ومسؤولي مصارف تجارية، وحتماً سيكون حاكم البنك المركزي رياض سلامة ومقرّبون منه ضمن القائمة». وشدد المصدر على أن «كل التحضيرات الإدارية واللوجيستية التي يتطلّبها التحقيق الأوروبي ستنجز قبل وصول الوفود القضائية بأيام».
وبالتزامن مع بروز مؤشرات عن عودة القضاة الأوروبيين إلى لبنان، عيّن الرئيس الأول لمحاكم الاستئناف في بيروت القاضي حبيب رزق الله، المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش، مدعياً عاماً للنظر بالملف القضائي اللبناني الخاص بحاكم مصرف لبنان العالق أمام النيابة العامة منذ الصيف الماضي، وذلك بعد قرار ردّ النائب العام الاستئنافي القاضي زياد أبو حيدر بناء على دعوى أقامها ضده سلامة في وقت سابق.
وسيباشر حاموش، وفق المعلومات، دراسة الملف ومحاضر التحقيقات الأولية التي سبق للمحامي العام التمييزي القاضي جان طنوس أن أجراها مع رياض سلامة وشقيقه رجا ومسؤولين في البنك المركزي ومصارف تجارية أخرى، كما يدرس آلاف الوثائق والمستندات التي يتضمنها الملفّ، ليقرر ما إذا كان سيدعي على سلامة بجرائم «الإثراء غير المشروع والاختلاس والتزوير واستعمال المزور»، التي سبق للنيابة العامة التمييزية أن طلبت الادعاء عليه بموجبها.
وأوضح مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط»، أن القاضي حاموش «سيقارب الملفّ من بعده القانوني، وهو لن يقبل استثماره بالصراعات السياسية، بل سيطبق الإجراءات التي يقتضيها القانون بلا زيادة أو نقصان». وقال المصدر نفسه: «إذا توفرت شبهات على وجود مثل هذه الجرائم سيصار إلى الادعاء على سلامة، وكلّ من يظهره التحقيق ويحيلهم على قاضي التحقيق الأول في بيروت، وإذا لم تثبت يحفظ الملفّ وتنتهي الأمور عند هذا الحدّ».
ويستمرّ التصعيد القضائي ضدّ المصارف اللبنانية، حيث حددت المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، اليوم الجمعة، موعداً أخيراً لمثول أصحاب ومديري ثلاثة من كبار المصارف اللبنانية أمامها، هي «بنك البحر المتوسط»، و«بنك بيروت» و«سوسيتيه جنرال»، وتنفيذ مطلبها برفع السرية المصرفية عن حساباتها، وتقديم المستندات التي سبق أن طلبتها في جلسة تحقيق سابقة، وذلك تحت طائلة الادعاء عليها بجرم «الاختلاس وتبييض الأموال».
وحذّر المحامي صخر الهاشم، الوكيل القانوني لـ«بنك بيروت» وعدد من المصارف، من أن «أي قرار تصعيدي ستكون له تداعيات سلبية على القطاع المصرفي برمته»، وشدد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن «القرارات العقابية القاسية بحقّ المصارف، تمثّل مؤامرة مدبّرة هدفها تدمير هذا القطاع، ونحن سنردّ عليها بالقانون». وأكد أن «هناك عدداً من دعاوى الردّ التي تقدمنا بها ضدّ القاضية عون وترفض تبلّغها، وقمت بمراجعة كبار المسؤولين القضائيين وطلبت منهم ضرورة إبلاغ القاضية المذكورة دعاوى ردّها لتتوقف عن التحقيق في هذه الملفات». وسأل الهاشم: «هل يصدّق عاقل أن قاضية تدعي على عشرات المصارف وتصرّ على استدعاء أصحابها وإبلاغهم شخصياً، ولا أحد يستطيع إبلاغها دعوى مقامة ضدّها؟»، مستغرباً كيف أن عون «فتحت تحقيقات وحرّكت دعاوى الحق العام بناء على شكاوى تقدّم بها أشخاص غير متضررين، ولا يملكون صفة الادعاء على المصارف».
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك