بدأ عشرات من رؤساء وزعماء الدول الأفريقية في التوافد إلى العاصمة الصينية بكين، للمشاركة في المنتدى الصيني الأفريقي الذي ينطلق الاثنين 3 سبتمبر/أيلول، وقال مسؤولون صينيون إن قمة العام الجاري ستعزز دور أفريقيا في مبادرة "الحزام والطريق"، التي طرحها "شي" لربط الصين برًا وبحرًا بشبكة بنية تحتية في جنوب شرقي ووسط آسيا والشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا، وتعهدت بكين بمبلغ 126 مليار دولار أميركي من أجل المبادرة.
الصين تعلن مشاركة أكثر من ألف ممثل أفريقي
وأعلنت الصين مشاركة أكثر من ألف ممثل أفريقي عن أكثر من 600 شركة ومجموعة أعمال ومؤسسة بحثية في فعاليات مؤتمر مديري الأعمال الصينيين والأفريقيين، المعروف رسميًا باسم "الحوار رفيع المستوى بين القادة وممثلي الأعمال الصينيين والأفارقة"، وذلك خلال يومي الاثنين والثلاثاء، في إطار سلسلة من المؤتمرات ضمن قمة بكين 2018 لمنتدى التعاون "الصيني – الأفريقي".
وقال مدير المجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية، جيانغ تسنغوي، في مؤتمر، السبت، "تجاوزت طلبات الحضور توقعاتنا على نحو كبير، حيث بلغ عدد الممثلين الأفارقة 1069 شخصًا، وهو ما يمثل أكثر من نصف العدد الإجمالي للمشاركين".
الدول الأفريقية سترسل ممثلين عنها للمشاركة في المؤتمر
وأضاف مدير المجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية أن جميع الدول الأفريقية الـ53، التي تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين سترسل ممثلين عنها للمشاركة في المؤتمر، مشيرًا إلى مشاركة 67 شركة على قائمة "فورتشين 500"، بالإضافة إلى شركات صغيرة ومتوسطة تغطي القطاعات التقليدية، كالطاقة والمالية والزراعة والتصنيع والبنية الأساسية، وصناعات ناشئة، منها الإنترنت والتجارة الإلكترونية.
وتابع أن التعاون "الصيني - الأفريقي" في مجال التصنيع والتجارة والبنية الأساسية سيكون موضوع النقاش الرئيسي خلال الاجتماع، وأكد أن التصنيع شرط مسبق ونقطة جوهرية للدول الأفريقية لخلق فرص عمل، والحد من الفقر، وتحسين مستويات المعيشة، ومن ثم تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، لافتًا إلى أن الاستثمار الصيني سيساعد القارة في الارتقاء بالصناعة، وتعزيز قدرات النمو المحلية.
اقتصاديات الصين وأفريقيا تكمل بعضها بعضًا
ونوه المسؤول الصيني بأن اقتصاديات الصين وأفريقيا تكمل بعضها بعضًا، وهناك إمكانية هائلة للمزيد من التعاون، متوقعًا أن تحقق مجموعات الأعمال في الجانبين تعاونًا مربحًا للجميع، بجودة أفضل ومستوى أعلى، ويركز المؤتمر على إجراءات تيسير الصادرات الأفريقية، ومساعدة الشركات الأفريقية في الاندماج في سلسلة القيمة العالمية، بالإضافة إلى توسيع التجارة "الصينية - الأفريقية"، وستجرى مناقشات بشأن التخطيط لمشاريع البنية الأساسية، وبنائها وتشغيلها، وتمويل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى بذل مزيد من الجهود لتطوير البنية الأساسية الأفريقية، ودفع التكامل الاقتصادي قدمًا.
يشار إلى أن الصين حافظت على موقعها، كأكبر شريك تجاري لأفريقيا، للسنة التاسعة على التوالي، وأوضح تقرير حديث أن حجم التبادل التجاري بين الصين وأفريقيا زاد من مستوى 10.6 مليار دولار عام 2000، إلى 200.1 مليار دولار عام 2014، مما جعل الصين الشريك التجاري الأول للقارة الأفريقية، كما زادت الاستثمارات الصينية في أفريقيا إلى 30 مليار دولار عام 2014، وسط تعهدات صينية بزيادة حجم استثماراتها في القارة السمراء إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2020.
حجم التجارة بين الصين وأفريقيا
وأشار التقرير إلى أن حجم التجارة بين الصين وأفريقيا بلغ 154.57 مليار دولار خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى نوفمبر / تشرين الثاني 2017، بزيادة قدرها 14.8 في المائة على أساس سنوي، من بينها 85.83 مليار دولار صادرات صينية، و68.74 مليار دولار واردات صينية من أفريقيا.
من جهة ثانية، تخشى البلدان الغارقة في الديون والمستفيدة من مشاريع البنية التحتية ضمن "طريق الحرير"، الذي أطلقته بكين من تزايد حجم ديونها إلى درجة تثير قلق صندوق النقد الدولي وتدفع بعض الدول إلى التردد.
الرئيس الصيني يطلق مبادرته العملاقة لبناء الموانئ والطرق عبر آسيا وأفريقيا وأوروبا
وفي صيف عام 2013، أطلق الرئيس الصيني شي جينبينغ مبادرته العملاقة لبناء الموانئ والطرق والسكك الحديد عبر آسيا وأفريقيا وأوروبا بتكلفة عشرات المليارات من الدولارات، وبعد خمس سنوات، تثير "طرق الحرير الجديدة" هذه الانتقادات والقلق، مع اتهام بكين باستخدام قوتها المالية لتوسيع نفوذها، وقال جينبينغ، الاثنين الماضي، إن المشروع "ليس ناديًا صينيًا"، مشيدًا بـ"تعاون منافعه متبادلة"، لكن إذا كان المشروع يشمل نظريًا نحو 70 دولة يُفترض أن تُسهِم في الاستثمارات معًا، فإن كثيرًا من المشاريع تمولها فعليًا المؤسسات الصينية.
تجاوزت الاستثمارات المباشرة التراكمية للعملاق الآسيوي مبلغ 60 مليار دولار
وفي غضون السنوات الخمس، تجاوزت الاستثمارات المباشرة التراكمية للعملاق الآسيوي في البلدان المعنية مبلغ 60 مليار دولار، في حين بلغت قيمة المشاريع التي وقعتها الشركات الصينية أكثر من 500 مليار دولار، وفقًا لما أعلنته بكين. وتعرض هذه المشاريع الدول لمخاطر مالية.
ماليزيا تلغي للتو ثلاثة مشاريع
فقد ألغت ماليزيا للتو ثلاثة مشاريع، ضمنها تشييد خطوط للسكك الحديد بتكلفة 20 مليار دولار، مؤكدة عدم قدرتها على تمويل ذلك نظرًا لديونها التي يبلغ حجمها 250 مليار دولار.
وقال رئيس الوزراء مهاتير محمد: "لن نتمكن من السداد". وهذا ما حدث لسريلانكا التي اقترضت 1.4 مليار دولار من بكين لتطوير أحد موانئها، لكنها اضطرت أواخر عام 2017 إلى منح الصين السيطرة الكاملة على المرفأ لمدة 99 عامًا.
صندوق النقد الدولي يدق ناقوس الخطر
من جهته، دق صندوق النقد الدولي ناقوس الخطر، وقالت مديرته كريسيتين لاغارد في أبريل/ نيسان، إن هذه الشراكات "يمكن أن تؤدي إلى تزايد الإشكالية في المديونية، ما من شانه أن يحد من النفقات الأخرى عندما ترتفع كلفة الديون، "هذه ليست وجبة مجانية"، لكن نينغ جيزي نائب رئيس وكالة التخطيط الصينية، قال الاثنين، "لكن هذه الدول كانت تقترض بشكل كبير من دول أخرى"، مشيدًا بمعايير التقييم الصارمة للمشاريع.
معهد الأبحاث "سنتر فور غلوبال ديفيلبمانت"
ويعتبر معهد الأبحاث "سنتر فور غلوبال ديفيلبمانت" أن طرق الحرير تزيد "بشكل ملحوظ" من خطر خلخلة أوضاع ثمانية بلدان مثقلة بالديون هي، منغوليا، ولاوس، وجزر المالديف، ومونتينيغرو، وباكستان، وجيبوتي، وطاجيكستان وقرغيزستان.
باكستان تواجه خطر الإفلاس
فباكستان، التي يعبرها مشروع ربط عملاق بقيمة 54 مليار دولار بين الصين وميناء جوادر، تواجه خطر الإفلاس، ما يعزز إمكانية تقديم مساعدة وشيكة من صندوق النقد الدولي، ويطالب رئيس الوزراء الجديد عمران خان، بـالشفافية بشأن عقود مبهمة تم توقيعها وتتضمن استخدام مواد أو موظفين صينيين وشروط سداد صعبة تصب في صالح بكين.
أن الصين تقدم قروضها بالدولار
والأسوأ من ذلك هو أن الصين تقدم قروضها بالدولار، ما يجبر باكستان على السعي إلى تحقيق فائض تجاري مرتفع بهدف سدادها، في حين أن احتياطياتها من النقد الأجنبي بدأت بالنفاد، تقول آن ستيفنسون يانغ الباحثة في "ريسيرش كابيتال"، إن القروض الصينية غالبًا ما تكون، "عينية جرارات، شحنات من الفحم، وخدمات هندسية، لكن يجب سدادها بالدولار".
إنه عبء لا يُطاق في بعض الأحيان كما في لاوس، حيث تبلغ تكلفة تشييد خط للسكك الحديد 6.7 مليار دولار أو نحو نصف الناتج المحلي الإجمالي للدولة الآسيوية الصغيرة.
الدين العام الخارجي يقفز من 50 إلى 85 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في جيبوتي
وفي جيبوتي، قفز الدين العام الخارجي من 50 إلى 85 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في غضون عامين وفقًا لصندوق النقد الدولي، بسبب الديون المستحقة لبنك "إكسيم" الصيني الذي يستحوذ أيضًا على نصف ديون طاجيكستان وقيرغيزستان، ومن المؤكد أن البلدان الأقل نموًا، بسبب احتياجاتها الماسة للبنى التحتية، تجد لها مصلحة في ذلك، أما بالنسبة لبكين، فإن المخاطر تستحق المجازفة، فالعملاق الآسيوي يسعى إلى منافذ لتصريف إنتاجه الفائض من الطاقة الصناعية كما أنه يحتاج إلى طرق وموانئ وخطوط أنابيب لنقل الإمدادات من المواد الخام.
أرسل تعليقك