بينما تبدو أوراق العملية التفاوضية حول الأزمة التجارية بين الولايات المتحدة والصين في أوّج انفراطها تأثرا بمعطيات سياسية، أكدت الصين الخميس، أنها تعمل جاهدة من أجل التوصل إلى اتفاق "المرحلة الأولى" من الاتفاق التجاري مع واشنطن.
وبعد أن نشطت آمال التوصل إلى اتفاق أولي مطلع الشهر الجاري، عادت أسهم الاتفاق إلى الانخفاض بعدما وجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهديدات جديدة إلى بكين بفرض مزيد من التعريفات في حال عدم التوصل إلى اتفاق مرض لواشنطن. وتفاقمت القصة مع دخول خطوط سياسية حساسة، كان آخرها أمس حين اتهمت الصين الولايات المتحدة بالسعي إلى "تدمير" هونغ كونغ وهددت بالرد بعدما أقر الكونغرس الأميركي مشروع قرار يدعم الحراك المطالب بالديمقراطية الذي يهز المدينة منذ ستة أشهر.
ومشروع القرار الذي ينتظر الآن توقيع الرئيس ترمب ليصبح قانونا، يدعم الاقتراع العام في الانتخابات والامتناع عن الاعتقال التعسفي ويفرض عقوبات على الذين يخالفون هذه المبادئ... لكنه يهدد من جهة أخرى بتصعيد حدة التوترات، وربما تقويض التوصل إلى اتفاق تجاري، خاصة بعد أن قالت مصادر مقربة من البيت الأبيض لـ"رويترز" إن من المستبعد إبرام اتفاق تجارة بين الولايات المتحدة والصين هذا العام، ما حطم آمال المستثمرين بالتوصل لاتفاق جزئي قريبا وعزز أصول الملاذ الآمن.
وقال المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية غاو فنغ في تصريح خلال المؤتمر الصحافي الأسبوعي بمقر الوزارة أمس، إن بلاده "ستواصل العمل الجاد للوصول إلى اتفاق المرحلة الأولى مع الولايات المتحدة؛ بما يخدم مصلحة البلدين والمجتمع الدولي". وأضاف أن الجانبين سيحافظان على اتصال وثيق، مشيرا إلى أن ما يتردد من شائعات بشأن المحادثات التجارية غير صحيح، وأن الجانبين يجب أن يعملا معا على أساس المساواة والاحترام المتبادل.
وتابع غاو: "إن كبار المفاوضين التجاريين الصينيين والأميركيين أجروا أوائل هذا الأسبوع مناقشات بناءة خلال محادثة هاتفية، تناولت الشواغل الأساسية للجانبين في اتفاق المرحلة الأولى"، دون أن يتحدث عن أي تفاصيل حول التقدم الأخير.
وتأتي التصريحات الصينية متزامنة مع ما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" أمس، نقلا عن مصادر لم تسمها، أن الصين دعت كبار المفاوضين التجاريين الأميركيين لعقد جولة جديدة من المحادثات المباشرة في بكين في ظل استمرار المساعي لإبرام اتفاق محدود على الأقل.
وقال التقرير إن نائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي، دعا الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتهايزر، ووزير الخزانة الأميركي ستيفين منوتشين للاجتماع في بكين، مضيفا أن الصين تأمل في عقد جولة المحادثات قبل عطلة عيد الشكر في الولايات المتحدة يوم الخميس المقبل.
وأضاف التقرير أن مسؤولين أميركيين ألمحوا إلى رغبتهم في عقد لقاء شخصي؛ لكنهم لم يلتزموا بموعد. لكن التقرير قال إن المفاوضين سيحجمون عن السفر لإجراء محادثات ما لم توضح الصين أنها ستقدم تعهدات بشأن حماية حقوق الملكية الفكرية والنقل القسري للتكنولوجيا وشراء المنتجات الزراعية.
ومن جانبه، قال ليو هي إنه يحدوه "تفاؤل حذر" بشأن التوصل لاتفاق مع واشنطن. وجاء ذلك حسبما نقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن كلمة أدلى بها ليو في بكين. وشرح ليو أيضا خطط الصين نحو إصلاح مشروعات الدولة وفتح القطاع المالي وتطبيق حقوق الملكية الفكرية، وهي قضايا في صميم مطالب الولايات المتحدة بشأن تغيير النظام الاقتصادي الصيني.
وتخوض كل من بكين وواشنطن منذ أكثر من عام حربا تجارية، بدأها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بصورة أساسية بدافع الغضب من تصدير الصين كميات من البضائع إلى الولايات المتحدة أكثر بكثير مما تصدره بلاده إلى الصين. وكان ترمب أعلن في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي توافقا على اتفاق جزئي بين البلدين، إلا أنه لم يتضح حتى الآن متى سيتم توقيع هذا الاتفاق.
- أسواق متوترة:
وظهرت آثار الاضطراب على الأسواق أمس، إذ فتحت الأسهم الأميركية على تذبذب بعد إشارات متضاربة بخصوص التجارة ونزاع بين واشنطن وبكين بشأن احتجاجات هونغ كونغ مما يلقي بظلال من الشك على توقيت اتفاق لإنهاء صراع الرسوم الجمركية طويل الأمد بين البلدين.
وتراجع المؤشر داو جونز الصناعي 0.81 نقطة ليفتح عند 27820.28 نقطة، وتقدم المؤشر ستاندرد اند بورز 500 بمقدار 0.03 نقطة ليسجل 3108.49 نقطة، وزاد المؤشر ناسداك المجمع 1.14 نقطة أو 0.01 في المائة إلى 8527.87 نقطة.
وفي أوروبا، ظهر التأثر السلبي بصورة أكبر، إذ هبطت الأسهم بعد أن تأججت المخاوف. وتراجعت معظم القطاعات الفرعية في أوروبا، مع هبوط قطاعات التعدين والتكنولوجيا وشركات النفط والغاز، وهي الأكثر انكشافا على توترات التجارة العالمية، بنحو واحد في المائة لكل قطاع.
ودفعت التقارير المؤشر ستوكس 600 الأوروبي للانخفاض 0.7 في المائة، ليتكبد خسائر للجلسة الرابعة على التوالي، بينما انخفضت الأسهم الألمانية ونظيرتها الفرنسية، التي تتأثر بالتجارة، 0.6 في المائة و0.7 في المائة على الترتيب.
آسيويا، تراجعت الأسهم اليابانية أمس، بفعل المخاوف، لكن الخسائر تقلصت بعد أن ذكرت تقارير أن أكبر مفاوض صيني أبدى تفاؤله إزاء استمرار إمكانية إبرام الاتفاق. ونزل المؤشر نيكي القياسي 0.5 في المائة إلى 23038.58 نقطة، وهو أدنى مستوى إغلاق منذ أول نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد جلسة متقلبة. ويقول محللون إن عمليات بيع لجني الأرباح بدأت بعد أن تراجع المؤشر القياسي دون المستوى النفسي البالغ 23 ألف نقطة والمتوسط المتحرك المهم في 25 يوما، الذي بلغ في أحدث تعاملات 23016 نقطة.
وفي المعاملات المبكرة، نزل المؤشر 1.8 في المائة إلى 22726.72 نقطة، وهو أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع بفعل المخاوف. وسجلت الأسهم التي حققت مكاسب في الآونة الأخيرة، وعلى الأخص أشباه الموصلات، تراجعا. فيما عوض المؤشر توبكس الأوسع نطاقا معظم الخسائر التي تكبدها في المعاملات المبكرة، ليغلق منخفضا 0.1 في المائة عند 1689.38 نقطة.
قد يهمك أيضاَ:
توقّف عمليات تصدير النفط في ميناء خور الزبير العراقي مع استمرار الاعتصامات
أسعار النفط ترتفع مدعومة بتصريحات رئيس "المركزي" الأميركي
أرسل تعليقك