كتب الوزير السابق محمد المشنوق تحت عنوان الصندوق السيادي لإدارة أملاك الدولة الحل لأزمة المخاوف على أموال المودعين في المصارف : "في ضوء التطورات التي نشأت في أعقاب انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، والأزمة المالية والاقتصادية الخانقة التي يعيشها اللبنانيون، وشعوراً بمخاوف المودعين في المصارف وفقدان الثقة بالإجراءات المتخذة حتى الآن والتي قد تتخذ في المستقبل، وانطلاقاً من أن الثقة تكتسب بمقدار صدقية الدولة في معالجة الأزمة وحماية المودعين بصورة خاصة من خسارة ودائعهم وحماية الذين تمكنوا من سحب ودائعهم وتخزينها في منازلهم، فإننا نقترح حلاً يؤمن مجموعة أهداف ويقلص قلة الثقة ومخاوف اللبنانيين على جنى العمر.
إن هذا الحل ينطلق من دراسة لواقع متفاقم تعيشه الدولة منذ عشرات السنين وهو واقع أملاك الدولة الأميرية والخاصة والعامة والمشاعات التي تشكل نسبة عالية من مساحة لبنان "10452" كلم مربع ويقدرها الخبراء بحدود 60 بالمئة من المساحة الكلية لدولة لبنان الكبير. إن الوضع المتفاقم في هذه الأملاك يشمل البرية منها والبحرية والمناطق الداخلية والجبلية وهي تتوزع على مختلف الأقضية باستثناء العاصمة بيروت. لقد جرت مخالفات خطيرة نالت من أملاك الدولة واعتداءات على الشواطئ والأملاك البحرية واستغلال كامل لمناطق ومشاعات تحت سلطة البلديات وبطرق غير قانونية.هذه الاستباحة دفعت الدولة والحكومات على مدى العقود الماضية إلى القيام بمسح كامل للأراضي اللبنانية تمهيداً لاتخاذ قرارات لمعالجة هذا الواقع المتفاقم. ولقد تبين لنا أن 50 بالمئة من الأراضي اللبنانية قد جرى مسحها وتسجيلها قانونياً بينما هناك 30 بالمئة من الأراضي اللبنانية تم مسحها ولكن لم يتحقق ضمها قانونياً إلى القسم الممسوح سابقاً. ويبقى 20 بالمئة من الأراضي اللبنانية تحتاج إلى المسح ومعظمها في المناطق النائية.
ليس الهدف من هذا المشروع التنازل المطلق عن أملاك الدولة أو بيعها كاملة للمواطنين اللبنانيين. ولكن المطلوب هو فرز حوالي 10 بالمئة من هذه الأملاك إلى مساحات صغيرة "500/750/1000/2000 متر مربع". وفق تخطيط مدني نموذجي واختيار المواقع التي يمكن العيش فيها أي بارتفاعات لا تزيد عن 2400 متر مع الحرص دائماً على تفادي المحميات والمناطق الأثرية والغابات والموارد المائية والأنهار.
المساحات المعروضة سيكون عددها مليون قطعة تقريباً في 1000 كلم مربع بمقياس "500/750/1000/2000 متر مربع" موزعة على كل الاقضية بعد حسم المساحات المقتطعة للطرقات والحدائق والساحات العامة ومناطق الخدمات. الحل هو أن تعرض الدولة على أصحاب الودائع في المصارف فرصة شراء قطعة أرض أو أكثر من المساحات المعروضة بما يمكن المواطن وعائلته أو شركاؤه من الشراء والاستثمار ضمن تسهيلات بالدفع ووفق شروط تحددها الدولة ونلتزم بتطبيقها تأميناً لإنعاش هذه المناطق وتأمين النهضة فيها من خلال مشاريع إنتاجية وفق تصنيف المناطق زراعية سكنياً، صناعياً، أو سياحياً.
إن أهم نقطة في هذا الحل أن الأموال التي ستدخل إلى الدولة لن تذهب كما العادة في بند خاص في وزارة المال بل ستذهب إلى صندوق سيادي بإدارة المجلس الوطني لإدارة أملاك الدولة وسوف تؤمن مليون قطعة أرض من الأحجام المختلفة دخلاً قد يتجاوز 50 مليار دولار "1000000 x 50 ألف $ = 50 مليار" في الصندوق السيادي. وبكل تحفظ وبسبب اختلاف المناطق والارتفاع والمساحات والتصنيف السكني والصناعي والزراعي والسياحي والاسعار التشجيعية فان الدخل للصندوق السيادي لن يقلّ عن 25 مليار$.
ما هي إيجابيات هذا الحل؟ هناك عدد كبير من الإيجابيات التي سيشعر بها اللبنانيون. ونعدّد ذلك على سبيل المثال لا الحصر.
1- عودة الثقة لدى المواطنين اللبنانيين بالحكومة وأركان الدولة بعد شعورهم بأن ودائعهم لم تهدر ولم تبتلعها المصارف أو قرارات تسديد الديون الدولية والسندات.
2- ضبط إدارة أملاك الدولة ووضع حد للمخالفات والاعتداءات بعد حصر هذه الأملاك وتحديد هذه الاعتداءات على أملاك الدولة الأميرية والخاصة والعامة والمشاعات وسيؤمن ضبط هذه المخالفات وفرض العقوبات على المخالفين والمعتدين دخلاً كبيراً يذهب هو أيضاً إلى الصندوق السيادي.
3- إطلاق عملية النهوض إنمائياً في المناطق من خلال التصنيف الجديد وإقامة بلدات وقرى نموذجية ومنشآت مفرزة تؤمن عشرات آلاف من الوظائف وفرص العمل.
4- تعزيز مبدأ تخفيف الاختناق السكاني في مناطق والخلو السكاني أو المتراجع في مناطق أخرى. وهذا يساعد على تطبيق أكثر عدلاً للامركزية الإدارية كما نراها وهي ستؤدي إلى الإنماء المتوازن المرتجى في الأقضية الأكثر فقراً في لبنان.
5- تعزيز النمو السكاني في جميع المناطق ومن خلال التوازنات السكانية المناطقية من خلال حصر سكان هذه المناطق من "حملة سجلها" إلى شراء الأراضي في القضاء نفسه تفادياً لأية مزايدات طائفية ومذهبية.
6- إفساح المجال للمواطنين أصحاب السجلات في العاصمة والمقيمين فيها للإفادة من هذا العرض وحصر ذلك بنسبة 20 بالمئة من المجموع العام لقطع الأراضي المفرزة والمحددة في كل قضاء.
إن هذا الحل يشمل جانباً إصلاحياً في عملية إدارة وترتيب الأراضي اللبنانية وقد شكلت عدة حكومات لجاناً للقيام بذلك ولكن المناخ السياسي العام قطع الطريق على تحقيق الإنجازات.
ولعل الجانب المشرق هنا هو أن المديرية العامة للشؤون الجغرافية في وزارة الدفاع ومجلس الانماء والاعمار والمديرية العامة للشؤون العقارية تملك مجموعة كبيرة من الدراسات والبيانات والخرائط الأرقام التي ستعجل في تنفيذ الإجراءات التطبيقية لهذا المشروع.
كذلك فإن مصرف لبنان يمتلك كل البيانات وأرقام الإيداعات في المصارف والتي ثبت فيها أن هناك 95% من المودعين يملكون ما يقل عن 200 ألف دولار في المصارف وهم يتدرجون اعداداً من المواطنين الذين وطنوا رواتبهم في المصارف مما يجعل ودائعهم لا تزيد عن بضعة ملايين من الليرات اللبنانية ووصولاً إلى الذين يملكون 75 أو 100 أو 200 مليون ليرة لبنانية وهذا سيجعل أصحاب الودائع بأمان والى ضمانات إذا أرادوا شراء مساحة أرض لإقامة مشاريع فردية أو مشترك، وذلك في ضوء تسعير المجلس السيادي لقيمة الأمتار المربعة في المناطق وذلك من قبل هيئات موثوقة على أن يجري تقديم حسم خاص للذين يتقدمون للشراء يجري اعلانه من قبل هذه الهيئة كي يشعر المواطنون في أنهم مقدمون على مشروع قابل للتطوير والاستثمار الجيد.
لا ندعي أن هذه المقدمة تغطي جميع جوانب المشروع الحل وهي تحتاج أولاً إلى اقتناع بجدوى هذا الحل والقدرة على تنفيذه والانطلاق نحو الأهداف التي سيحققها المجلس السيادي والصندوق السيادي وتقديم الضمانات المطلوبة من لبنان من المؤسسات الدولية او الدول المانحة.
قد يهمك أيضًا
عون يشدّد على ضرورة الإسراع في إنجاز الخطة الاقتصادية
تقرير يبرز أن الخسائر المتوقّعة الاقتصاد العالمي تبلغ 4 آلاف مليار
أرسل تعليقك