بيروت - لبنان اليوم
تصدر الحكومة اللبنانية منذ 21 فبراير/ شباط الماضي، القرارات التي تهدف الى إجبار اللبنانيين على البقاء في منازلهم خوفا من تفشي وباء كورونا، من التعبئة العامة التي إحتاجت بداية الى "منجم مغربي" لفك طلاسمها، الى حظر التجول الذاتي، الى حظر التجول الكلي من السابعة مساء الى الخامسة فجرا، وأخيرا قرار وزارة الداخلية بتخصيص أيام الاثنين والأربعاء والجمعة للأرقام المفردة للسيارات، وأيام الثلاثاء والخميس والسبت للأرقام المزدوجة للسيارات، على أن يُمنع تحريك أي من المركبات يوم الأحد بما يشبه حظر التجول الكامل.
وكتب غسان ريفي في صحيفة "سفير الشمال" تحت عنوان "الحكومة ترى بعين واحدة.. نجاح الاجراءات مرتبط بالمساعدات!"، "في الشكل تبدو هذه القرارات ضرورية، وهي تطبق في البلدان المتقدمة والمتطورة، وبالتالي فإن الحكومة اللبنانية تقوم بواجبها في حماية مواطنيها من فيروس كورونا من خلال التأكيد على مبدأ "التباعد الاجتماعي" الذي يحول دون إنتقاله وتفشيه".
أما في المضمون، فإن هذه القرارات تسقط جميعها أمام عدم مبادرة الحكومة الى توفير مقومات الصمود للبنانيين الذين بات أكثر من 60 بالمئة منهم يرزحون تحت خط الفقر، ويحتاجون الى ما يسدون فيه رمقهم، ففي الوقت الذي أصدرت فيه الحكومة كل ما لديها من قرارات للحجر على المواطنين في منازلهم وهي تهدد بالتشدد أكثر وصولا الى منع التجول الدائم، لم تطبق أو تترجم قرارا واحدا يتعلق بتوفير المساعدات العينية أو المالية للمواطنين الذين ينتظرون أن يقبضوا منحة الـ 400 ألف ليرة التي أقرتها الحكومة منذ أسبوع وما تزال ترجمتها في علم الغيب.
يتساءل كثير من المواطنين المصنفين بالأكثر فقرا، عن كيفية حصولهم على هذه المنحة المالية، في ظل إقفال أبواب المخاتير في وجههم والذين أكدوا في أكثر من بيان أنه لم يتم تكليفهم بأي إحصاء أو تقديم ما لديهم من "داتا" من قبل أي جهة رسمية، في حين شكا فقراء من طرابلس والشمال بأن أبواب دائرة الشؤون الاجتماعية مقفلة بذريعة أن زوج إحدى الموظفات أصيب بكورونا فتم إجبار كل الموظفين على حجر أنفسهم لمدة 14 يوما، علما أن إعتماد الأسماء المسجلة في برامج وزارة الشؤون المخصصة لمكافحة الفقر، سيؤدي الى ثورة حقيقية، خصوصا أن هذه البرامج قامت باستثناء المئات من العائلات المعدمة في كل لبنان والتي رفعت الصوت مرارا وتكرارا للفت الأنظار الى أوضاعها المأساوية والى إعتماد المحسوبيات في توزيع بطاقات هذه البرامج، لكنها لم تجد آذانا صاغية.
اللافت أن الحكومة التي تتعاطى بشدة غير مسبوقة مع تحركات اللبنانيين، ما تزال ترى بعين واحدة وتتعاطى بكثير من الارتجال والخفة مع أزماتهم المعيشية التي تحتاج الى حالة طوارئ في كل مؤسسات الدولة لتسريع تنفيذ وترجمة القرارات، خصوصا مع دخول الاسبوع الثالث لقرار التعبئة العامة، وإرتفاع صرخات المواطنين المطالبين بأبسط مقومات العيش، في وقت تفرز فيه الحكومة اللبنانيين بحسب سياراتهم ذات الأرقام المزدوجة أو تلك المفردة.
يقول متابعون: إن قرار تحريك السيارات وفقا للأرقام يبقى قاصرا عن منع اللبنانيين من التجول، فهناك عائلات كثيرة غنية أو متوسطة الحال في البلد تملك أكثر من سيارة ما يجعلها قادرة على التجول يوميا في حال كان لديها رقمان مفرد ومزدوج، أما العائلات الفقيرة وما أكثرها والتي تقطن المناطق الشعبية فلا تملك سيارات وربما هي لا تحتاجها كون أفرادها يتنقلون سيرا على الأقدام، ولم يشمل قرار وزير الداخلية هذه الشريحة من الناس".
-قد يهمك أيضا:
تقرير يكشف تعرية التشكيلات القضائية والتعيينات للحكومة اللبنانية
رئيس الحكومة اللبنانية هدد بالاستقالة بسبب مشروع التعيينات المالية
أرسل تعليقك