شدّدت "الكتلة الوطنيّة" على أنّ تقديم أيّ مساعدة من الجهات المانحة للحكومة من دون أن تكون هذه الأخيرة قد وضعت "خطة مقبولة"، يُمثّل "عدم احترام لإرادة اللبنانيّين" و"تعويماً لسلطة أهلكت لبنان واللبنانيّين". وتقدّمت "الكتلة"، في كتاب وجّهته إلى سفراء الدول والمنظمات الدوليّة الـ16، بسلّة إجراءات داخليّة تشكّل بديلاً ممّا يمكن أن يفرضه المانحون على لبنان ويطال الطبقتين المتوسّطة والفقيرة فضلاً عن كونه مذلاً سيادياً.
وأكّدت أنّ مطلبها الأساسي هو "أنْ تستحصل الجهات المانحة على تعهّد صريح ومكتوب من الحكومة مع روزنامة واضحة لتطبيق هذه الإجراءات الطارئة".
وفيما يأتي نص الكتاب:
"أبدى كل من "مجموعة الدعم الدولية" و"البنك الدولي" استعدادهما لمساعدة لبنان لإخراجه من محنته.
فالسياسات الماليّة والنقدية والاقتصادية التي انتهجها النظام اللبناني على مدى 30 عامًا، إنطلاقًا من منطق الزبائنية والمحاصصة والهدر والفساد من أجل التحكّم بالسلطة، هي التي أدّت إلى الوضع الحالي. وهي التي أوصلتنا إلى طلب المساعدة من "مجموعة الدعم الدولية" و"البنك الدولي.
"الكتلة الوطنيّة": لبنان بحاجة لإعادة هيكلة دينه العام لا جدولته
الحكومة تستعجل الخطة الاقتصادية.... عناوين فضفاضة ولا مفر من صندوق النقد الدولي
وفي السياق، أدلى كل من "مجموعة الدعم الدولية" و"البنك الدولي" بتصريحات وبيانات اشترطا من خلالها بنودًا عدّة على صعد مختلفة لتقديم مساعدات، وهي الآتية:
تشكيل حكومة فاعلة وذات صدقيّة يدعمها الشعب اللبناني وتعمل باسمه، تستعيد ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي.
على هذه الحكومة أن تعكس تطلّعات الشعب اللبناني وأنْ تستجِيب لمطالبه منذ 17 تشرين الأول على مختلف الصُعُد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
حماية التظاهر السلمي وحقوق المواطنين في التعبير.
وضع خريطة طريق واضحة مع مهل زمنيّة واضحة.
أما الإصلاحات المطلوبة من الحكومة فهي:
إصلاحات عميقة وجريئة وبنيويّة وشاملة.
محاربة الفساد وتطبيق "الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد" وإصدار قانون "هيئة مكافحة الفساد".
تطبيق الشفافية الاقتصادية والمالية.
تنفيذ قوانين مشتريات (مناقصات) فاعلة.
محاربة التهرّب الضريبي.
تأمين إصلاح القضاء واستقلاليّته.
إصلاح الإدارة.
إصلاحات لإعادة الاستقرار المالي والمصرفي.
إصلاح قطاع الكهرباء وتشكيل الهيئة الناظمة له.
معالجة التحديات الاجتماعية والاقتصاديّة والتركيز على الملفّات الاقتصاديّة.
وبذلك تكون مجموعة الدعم الدولية قد صرّحت بأنّها لن تعطي الحكومة "شيكًا على بياض".
وفي المقابل، لم تستجب السلطة للشرط الأوّل للجهات الدوليّة المانحة، وهو تشكيل حكومة تعكس تطلّعات اللبنانيّين منذ 17 تشرين على الصعيد السياسي.
ومع أنّ انتفاضة 17 تشرين أرغمت السلطة اللبنانيّة على الاعتراف بفشلها، تحاول الأخيرة اليوم إعادة تكوين نفسها من خلال حكومة لا تزال تمثّل المنظومة ذاتها ولو بأسماء مستعارة. وتستمرّ بسياسة قمع المتظاهرين وإسكات الأصوات المعارضة.
وأبدت "مجموعة الدعم الدولية" خيبة أملها من بيان وزاري لم يكن على قدر التطلعات الدولية وأنه على الدولة مراجعة الموازنة. ونرى أنّ هذا مطلب بديهي، إذ كان يجب وضع خطه اقتصادية و من ثمّ موازنة تعكس هذه الخطة. فضلاً عن المضي أخيراً في إهدار المال العام من خلال موافقة الحكومة على السير بمشروع سد بِسري بمبلغ يقارب الـ620 مليون دولار في حين أنّ الأولويّات في مكان آخر.
لذا، نتقدّم بسلّة إجراءات داخلية كي تلتزم الحكومة بتطبيقها وفق جدول زمني محدّد بدلاً من الإجراءات التي سيفرضها علينا المانحون والمعروف عنها أنّها ستؤثر على الطبقات المتوسطة والفقيرة وستكون مذلّة سيادياً.
وهذا مع التشديد على أنّه في حال قدّم كل من "البنك الدولي" و"صندوق النقد الدولي" و"مجموعة الدعم الدولية" المِنَح للحكومة من دون أن تكون هذه الأخيرة قد وضعت الخطة المذكورة أعلاه، فإنّ هذه الجهات الدوليّة الثلاث، وعلى عكس ما تقول، لا تكون قد احترمت إرادة اللبنانيّين لا بل تعتبر شريكة في تعميق الأزمة وتعويم سلطة أهلكت لبنان واللبنانيّين.
ومطلبنا هو أنْ تستحصل هذه الجهات الثلاث على تعهّد صريح ومكتوب من الحكومة مع روزنامة واضحة لتطبيق ما يلي كخطوات أولى طارئة:
1. الإستِجابة لمطالب الشعب اللبناني منذ 17 تشرين الأول 2019 على الصعيد السياسي:
تشكيل هيئة مستقلة لإدارة الانتخابات النيابية.
وضع قواعد جديدة للإنفاق الانتخابي.
تمثيل المجتمع المدني في جلسات مجلس الوزراء أو استشارته دوريًا.
تمثيل المجتمع المدني في جلسات مجلس النواب واللجان النيابيّة أو استشارته دوريًا.
2. إعادة الاستقرار المالي:
إتمام جردة بحسابات "البنك المركزي" ومن بينها الإحتياطي بالعملات الصعبة والإلتزامات وحساب الربح والخسارة.
- وضع خطة اقتصاديّة على أن تنعكس بإعادة النظر في كل بنود الموازنة، وإلغاء النفقات غير الضرورية.
وقف عمليات المصرف المركزي لتمويل خزينة الدولة.
منع استثمار مدخرات صناديق التعاضد و"نهاية الخدمة" و"الشيخوخة" في سندات الخزينة.
الانتهاء من وضع قطوع الحسابات للموازنات السابقة التي أُقرّت من دونها وحتى اليوم.
تحديث هيكلية تقسيمات بنود الصرف في الموازنة لتعزيز الشفافية والمراقبة.
توسيع قاعدة المكلّفين وإلغاء الإعفاءات.
- تعزيز جهاز المفتّشين في وزارة المالية وتأمين استقلاليّتهم وتجريم الراشي والمرتشي من خلال تحديث القوانين وإصدار المراسيم اللازمة لها.
تعزيز أجهزة الرقابة على المعابر الحدوديّة الجوّية والبرّية والبحريّة كلّها وتأمين استقلاليتها وتجريم الراشي والمرتشي من خلال تحديث القوانين وإصدار المراسيم اللازمة لها.
- فرض ضريبة استثنائية على كبار المودعين والمصارف الذين استفادوا من الهندسات المالية والفوائد المرتفعة، كون ذلك سيساهم في تقليص حجم الدين العام.
- إعادة رسملة المصارف من قبل حاملي الأسهم أوّلاً.
التحقيق الفوري بالتحويلات إلى الخارج من بعد 17 تشرين الأوّل وإقرار قانون يفرض إعادتها إلى لبنان تحقيقاً للمساواة أمام الأعباء العامة في وقت كانت المصارف تحجز أموال بقية المودعين.
3. محاربة الفساد و تأمين إصلاح القضاء واستقلاليّته:
تعزيز أجهزة الرقابة وتأمين استقلاليتها التامة.
إصدار المراسيم التطبيقية للقوانين النافذة ومن بينها قانون "حق الوصول إلى المعلومات"، و"حماية كاشفي الفساد".
إنجاز قانون استقلالية القضاء بعد أخذ رأي "مجلس القضاء الأعلى" ونقابة المحامين.
إنشاء "الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد" مع مشاركة المجتمع المدني ونقابة المحامين.
تعديل قانون أصول المحاكمات بما يجيز ملاحقة الموظفين عبر إلغاء الحصانة الإداريّة.
4. إصلاح الإدارة:
الإنتهاء من التحقيق بالتوظيف غير الشرعي الذي حصل منذ صدور قانون منع التوظيف عام 2015 وقبل انتخابات العام 2018 وإلغاء عقود الذين لا مكان لهم في الادارة.
تطبيق الحكومة الإلكترونية ونظام المشتريات (المناقصات) الإلكتروني بعد تحديث منظومة الشراء العام وحصر المناقصات بـ"دائرة المناقصات".
وضع خطة لإعادة هيكلة الادارة العامة لتخفيف حجمها من ناحية وزيادة إنتاجيتها من ناحية أخرى.
حل المجالس والصناديق ونقل كل مهامها إلى الوزارات المختصّة، فهي محميّات تحجب عن الخزينة أموالاً طائلة.
تشكيل فوري للهيئات الناظمة المستقلة للقطاعات.
5. معالجة التحدّيات الاجتماعية والاقتصادية والتركيز على الملفّات الاقتصادية:
جعل الحكومة الوحيدة المخوّلة باستيراد النفط ومشتقاته من دولة إلى دولة للحصول على أسعار تفضيلية؛ وفي حال تعذّر ذلك، يتمّ الشراء عندها من الأسواق ولكن من دون وسطاء.
جعل الحكومة الوحيدة المخوّلة إستيراد القمح.
إعادة تقييم مشاريع البنى التحتية المقترحة على "مؤتمر سيدر"، بناءً على جدواها الإقتصادية،
والحاجة إليها، وأثرها البيئي (المحارق، سد بسري، إلخ.)، وعدالة توزيعها على المناطق الأقل تنمية.
إعادة النظر في خطط الكهرباء وخصوصاً في ما خصّ نسبة الإنتاج من الطاقة المتجدّدة.
إعادة النظر في تركيبة الضرائب بين مباشرة وغير مباشرة.
تخصيص 0.5 نقطة مئوية إضافية من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق على شبكة الأمان الإجتماعي.
تجدر الإشارة إلى أنّ الجهات المانحة التي تمّ تزويدها بالكتاب أعلاه هي الآتية:
الأمم المتّحدة، الإتحاد الأوروبي، جامعة الدول العربيّة، البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، وسفارات كل من سويسرا، إيطاليا، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، الولايات المتّحدة، روسيا، الصين، المملكة العربيّة السعوديّة، دولة الإمارات العربيّة المتّحدة، وجمهورية مصر العربيّة".
قد يهمك أيضًا
نيجيريا تطلب من مقرضين دوليين تمويلا 6.9 مليار دولار لمكافحة كورونا
تقرير يرصد موقف وزارة المال من إشارات التوجّه إلى صندوق النقد
أرسل تعليقك