بيروت - لبنان اليوم
تبدو أجواء جلسة مجلس الوزراء المقرر عقدها بعد ظهر الثلاثاء، في السرايا الحكومية "سالكة وآمنة" لناحية إقرار عودة المغتربين إلى بيروت، تتجه الأنظار إلى جلسة مجلس الوزراء التي تعقد الخميس المقبل في القصر الجمهوري في بعبدا، والتي على جدول أعمالها ملفات دسمة لن يكون أبرزها ملف التعيينات المالية والإدارية، والذي تحول إلى ملف خلافي كبير على الساحة الداخلية.
وتناقش الحكومة الثلاثاء، في جلستها الإجراءات اللوجيستية والطبية وخطّة خليّة أزمة "كورونا" الحكومية لإعادة اللبنانيين الراغبين بالعودة إلى لبنان والعالقين في الخارج.
وتشكل هذه الجلسة اختبارا حساسا مزدوجا للحكومة في ظل الضجة الكبيرة التي أثيرت حول هذا الموضوع في الأيام الأخيرة فمن جهة سيتعين على الحكومة ان تعلن آلية تكفل إعادة اللبنانيين الراغبين في العودة ضمن إجراءات تكفل تسيير جسور جوية الى عدد من البلدان الأفريقية والأوروبية وربما الخليجية أيضا كما ان الالية ستتضمن إجراءات للفحوص التي ستجرى للعائدين قبل رحلات العودة وبعد وصول اللبنانيين العائدين بحيث سيخضعون للحجر لمدة أسبوعين. وعلم في هذا السياق ان الأيام الثلاثة الأخيرة شهدت اتصالات كثيفة للغاية بين بيروت والكثير من عواصم الانتشار اللبناني ولعب فيها اركان الجاليات اللبنانية دورا كبيرا في رسم معالم خطة الإعادة واليتها وان ثمة استعدادات اغترابية كبيرة أبديت ووضعت بتصرف الحكومة للمساعدة على إنجاح الخطة والمساهمة بفاعلية في تمويل أجزاء أساسية منها.
وذكرت مصادر السرايا أن هناك آلية ستعتمد لإعادة من يرغب من اللبنانيين ولا يمكن الخروج عن هذه الآلية لأنها تحمي القادمين من الخارج وتحمي عائلاتهم هنا في لبنان، وان تنفيذ الالية ينتظر وصول مواد الفحص المخبري الاولي الذي سيتم اجراؤه على ركاب الطائرات عندما تتوجه الى بلاد الاغتراب لنقلهم، ويفترض ان تصل خلال ايام قليلة. وخلال هذا الوقت تكون السفارات في الخارج قد انهت إحصاء الراغبين في العودة، وفق استمارات يملأونها ارسلتها وزارة الخارجية الى كل دول الانتشار، وتتضمن معلومات تفصيلية عن القادم ووضعه الصحي والعائلي، اضافة الى خانة خاصة بالطلاب الراغبين بالبقاء ولكنهم يطلبون تحويل الاموال اليهم.
ويتم التنسيق بين وزارت الخارجية والصحة والاشغال العامة والدفاع والداخلية والنقل وبين المسؤولين عن الجاليات في الخارج، من اجل ترتيب كل إجراءات العودة الصحية واللوجستية والاستقبال في المطار للأصحاء وللمصابين العائدين، والارجح ان يتم فصل المصابين عن الاصحاء واعادة كل فئة بطائرات منفصلة، على ان تكون الجهات المعنية في لبنان وبينها البلديات جاهزة في المطار وفي المناطق لتنفيذ النقل والعزل على من يتوجب عزله.
ونقل متصلون برئيس مجلس النواب نبيه بري قوله حول الاجراءات التي ستُتخذ بشأن ضمان عدم وجود عائدين يحملون الفيروس: ستذهب لجان او طواقم طبية مع الطائرات الى الدول التي يوجد فيها لبنانيون ممن يرغبون بالعودة، لفحص الركاب واتخاذ الإجراء المناسب بحيث يصعد الركاب الى الطائرة على اساس نتيجة الفحص.
وأوضحت مصادر وزارية لصحيفة اللواء ان مجلس الوزراء سيخلص الى اقرار آلية عودة المغتربين لأن اي تأخير في بتها سيؤدي الى اشكال داخل المجلس بغنى عنه. واشارت الى انه يفترض ان يخضع هذا البند لنقاش وملاحظات وزارية واستفسارات عن العودة الآمنة.
أما الجانب الاخر المهم في اختبار وضع هذه الآلية فهو يتصل بالمشهد السياسي الداخلي للعلاقات بين مكونات الحكومة التي شهدت خضّة عنيفة غير مسبوقة منذ تأليفها علما بأن هذه الخضة ستترك اثارها على مجريات القرارات الحكومية وفي ظل ما سيصدر اليوم عن مجلس الوزراء سيكون ممكنا الحكم على الملفات والاستحقاقات المقبلة والتي سيأتي في مقدمها ملف التعيينات التي علقت الأسبوع الماضي ورحلت الى الأسبوع الحالي. ومع ان الأيام الأخيرة لم تشهد توافقا بعد على بت التعيينات التي ستشمل نواب حاكم مصرف لبنان وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف والأسواق المالية فان الاتصالات لم تنقطع للتوصل الى توافق على التعيينات قبل جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل في قصر بعبدا.
التعيينات الإدارية
وإن كان تحدّي استعادة اللبنانيين من الخارج قد وُضع على سكّة التنفيذ والحلّ، فإن أزمة التعيينات في المواقع المالية، في مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة الأسواق المالية، لا تزال مستعرة، لا سيّما مع دخول العديد من الأطراف على خط النزاع، والبيان العالي السقف لرؤساء الحكومات السابقين.
وإذ رفضت أوساط رئيس الحكومة الردّ عبر "نداء الوطن" على بيان رؤساء الحكومات السابقين باعتباره لا يجد نفسه معنياً في ما ورد فيه ولا يرغب بمساجلتهم، قالت مصادر مقربة من رؤساء الحكومات الأربعة لـ"الشرق الأوسط" إن البيان هو "أكثر من جرس إنذار، ويوجه رسالة مباشرة إلى رئيس الحكومة حسان دياب مفادها أننا لن نسمح بخطف البلد من قبل عون وتياره السياسي والتسليم له بكل شيء".
وأضافت: "موقفنا هو أول الغيث، لأنه من غير المسموح تغيير النظام اللبناني وإطاحة الطائف وتحويله إلى نظام رئاسي يحتكر كل السلطات ويلغي الشراكة التي هي الناظم الوحيد للعلاقات بين اللبنانيين وقطع الأكسجين عن البلد والإطباق عليه بعدم التواصل مع المجتمعين الدولي والعربي وعزل لبنان عنهما وتحويله إلى جزيرة أمنية معزولة".
وشددت على "أننا أصحاب القرار وليعلم الداني والقاصي بأن ما يحصل اليوم لن يمر مهما كلف الأمر". وتوجه الرؤساء، كما تقول المصادر، إلى دياب بقولهم: "كفى تقديم نفسك على أنك ضحية السنوات الماضية والبكاء على الأطلال، عليك أن تحسم أمرك، فإما أن تبقى ضحية أو أن تكون بطل إنقاذ كما وعدت ولم تفِ بذلك"، مشددة على أن رؤساء الحكومة الأربعة "سيقفون سداً أمام التمادي في الإخلال بالتوازن".
وإذ أشارت المصادر إلى أن هذه الرسالة "موجهة إلى دياب ومن خلاله إلى عون وتياره السياسي"، أكدت أنها "تأتي أيضاً في هذه الظروف الدقيقة لإعلام الشرفاء الآخرين في الوطن بأن تقويض ركائز النظام سيؤدي إلى سقوط الهيكل فوق رؤوس الجميع ولن يستثني أحداً".
وفي السياق المرتبط بالتعيينات، علمت "الشرق الأوسط" أن "الثنائي الشيعي" أعلم عون ودياب عبر قنوات التواصل بأن اتفاقهما "لا يكفي لتمرير التعيينات"، في ضوء ما جرى تداوله من أسماء للتعيينات المصرفية والمالية. وشدد الثنائي، حسب المصادر، على أن "لا تعيينات من دون الوقوف على رأي رئيس (تيار المردة) سليمان فرنجية"، وأنهما "يدعمان فرنجية حتى النهاية"، من دون أن تنفي المصادر أن امتعاض فرنجية من الأسماء المقترحة للتعيينات في الجلسة الحكومية الأخيرة الخميس الماضي هو ما أدى إلى ترحيل هذا البند إلى جلسة لاحقة.
وتحدثت المعلومات عن أن "الثنائي الشيعي" طالب بمركزين من حصة فرنجية يسميهما الأخير في التعيينات الأخيرة، وهما موقع رئيس هيئة الأسواق المالية، وعضو في هيئة الرقابة على المصارف، على قاعدة أن فرنجية أمّن غطاء مسيحياً للحكومة بالنظر إلى أن الغطاء المسيحي لم يكن ممكناً تأمينه عبر "التيار الوطني الحر" وحده في ظل غياب "القوات اللبنانية" و"الكتائب اللبنانية" عن الحكومة.
قد يهمك ايضا:
"داعش" يسرح ويمرح في مناطق سيطرة الجيش الأميركي شرق الفرات
الإطاحة بقيادي داعشي وعدد من مرافقيه في سيناء
ونقلت المصادر أنّ "تطورات إيجابية طرأت خلال الساعات الأخيرة على خط المشاورات التي تكثفت ليل الأحد بين الحلفاء في قوى 8 آذار وأفضت إلى الاتفاق على تذليل العقد والخلافات بين أفرقاء الحكومة حيال سلة التعيينات المالية المرتقبة، مشيرةً في ضوء ذلك إلى أنه "تقرر إرضاء كل الأطراف في الحكومة وفق صيغة، من جهة تسترضي رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية عبر ضمان عدم استئثار "التيار الوطني الحر" بالحصة المسيحية، ومن ناحية ثانية ترضي رئيس المجلس النيابي نبيه بري من خلال طمأنته إلى أنّ إقصاء الأسماء القديمة لن يستثني المحسوبين على "التيار الوطني" بل سيشمل جميع الطاقم القديم".
أرسل تعليقك