شرع الفريق الانتقالي للمرشح الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأمريكية جو بايدن في العمل استعدادا لتوليه مقاليد الحكم، دون انتظار إعلان فوزه المتوقع على الرئيس دونالد ترامب، وعلى الرغم من أن عملية فرز الأصوات لا تزال مستمرة، صرح بايدن في كلمة ألقاها الجمعة في ولاية ديلاوير: "فيما ننتظر إعلان النتائج النهائية، أريد أن يعرف الناس أننا لا نتريث لأداء المهام".
وأكد بايدن أنه والمرشحة لمنصب نائبة الرئيس عن الحزب الديمقراطي كامالا هاريس عقدا الخميس اجتماعا افتراضيا مع خبراء في مجال الصحة العامة والاقتصاد وبدآ عملهما في سبيل محاربة جائحة فيروس كورونا، محذرا من أن الوضع يزداد خطورة في عموم البلاد بشكل ملموس، وتعهد بايدن باستخدام الفترة الانتقالية للقاء حكام جميع الولايات الأمريكية وحثهم على فرض ارتداء الكمامات الإلزامي.
وأشارت وكالة "أسوشيتد برس" إلى أن السيناتور السابق عن ديلاوير ومساعد بايدن القديم، تيد كاوفمان، يقود الجهود الرامية إلى تمكين المرشح الديمقراطي من بدء تشكيل إدارة جديدة دون انتظار إعلان فوزه رسميا في السباق الانتخابي.
وسبق أن عمل كاوفمان في الفريق الانتقالي للرئيس السابق باراك أوباما بعد انتخابات عام 2008 وشارك في إعداد قانون يحدد عملية انتقال الحكم الرئاسي، ويقول أقرب مساعدي بايدن، حسب "أسوشيتد برس"، إن أولويته في الفترة الانتقالية ستكمن في تعيين كبير الموظفين في البيت الأبيض وإنشاء آلية فعالة لمكافحة جائحة كورونا.
وأشارت الوكالة إلى أن إدارة بايدن، في حال فوزه، ستحتاج إلى تعيين أربعة آلاف موظف جديد يحتاج تعيين أكثر من 1.2 ألف منهم إلى موافقة مجلس الشيوخ، لافتة إلى أن هذا قد يشكل تحديا ملموسا أمام الرئيس الديمقراطي لأن الجمهوريين سيحتفظون على الأرجح بأغلبيتهم في المجلس.
لن تنطلق الفترة الانتقالية رسميا إلا بعد إعلان الفائز بالانتخابات، وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن الدعاوى القضائية التي ترفعها حملة ترامب قد تؤدي إلى تقليص هذه الفترة، كما كان بعد انتخابات عام 2000.
مع تصاعد حرارة اللهجة التي تحدث بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وأنصاره في الأمتار الأخيرة من السباق الرئاسي، بدا منافسه الديمقراطي جو بايدن أكثر هدوءا واتزانا وواقعية، وهي صفات عكست تاريخه الطويل الممتد لعشرات السنين مع السياسة، حتى نجح أخيرا في الوصول إلى البيت الأبيض، وبعكس ترامب، الملياردير وقطب العقارات الذي يتحدث دائما بلغة المال والأعمال، فإن بايدن سياسي مخضرم يحفظ دهاليز السياسة الأميركية منذ عقود، كما كان الرجل الثاني في الولايات المتحدة بعد الرئيس السابق باراك أوباما، حيث عمل نائبا له بين عامي 2009 و2017 في فترة توطدت بها علاقتهما حتى على المستوى الشخصي.
ويمتلك بايدن ميزات نجحت في جذب مزاج الناخب الأميركي، استطاع إبرازها في خطابه على مدار الأشهر التي سبقت الانتخابات، فهو متحدث فصيح وخبير في السياسة الخارجية الأميركية، كما أنه يعرف خبايا الداخل.
بايدن (77 عاما) الذي أصبح الرئيس الأكبر سنا في تاريخ الولايات المتحدة، لم يكن غريبا على الحياة السياسية الأميركية عندما اختير قبل أشهر ممثلا للديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية، فقبل 47 عاما دخل مجلس الشيوخ الأميركي، كما قاد أول حملاته لانتخابات الرئاسة قبل 33 عاما.
ولد جو بايدن في سكرانتون بولاية بنسلفانيا عام 1942، وفي بداية حياته المهنية عمل بالمحاماة عام 1969 ثم انتخب لمجلس مقاطعة نيوكاسل سنة 1970، وبعدها بثلاث سنوات، أصبح بايدن لأول مرة في مسيرته السياسية عضوا بمجلس الشيوخ، وكان وقتها أصغر سيناتور في تاريخ الولايات المتحدة، ونجح في تثبيت نفسه بهذا الموقع 6 دورات متتالية.
ترشح بايدن عن الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة عام 1988 لأول مرة، ثم ترشح مرة أخرى عام 2008، إلا أنه فشل في المرتين، وفي يناير 2017 أعلن نيته خوض السباق الثالث عام 2020.
وكلل بايدن، المتهم أكثر من مرة بالتعامل غير اللائق مع النساء، عمله السياسي من خلال 8 سنوات داخل البيت الأبيض نائبا لأوباما، وإن كانت هذه الفترة أحد مصادر قوته فإنها على الجانب الآخر كانت محل انتقاد من جانب ترامب ومؤيديه، الذين دأبوا على سؤاله: "لماذا لم تفعل ذلك عندما كنت في المسؤولية؟" كلما عرض شيئا من برنامجه الانتخابي.
وبحسب الصحافي الأميركي المخضرم توماس فريدمان فإن بايدن "يمثل أميركا الجديدة والمتنوعة"، وسيعمل على "إعادة الوحدة إلى الشعب الأميركي بعد حالة من الانقسام خلقها ترامب".
وربما خدم الحظ بايدن عندما عمل مع أوباما، أول رئيس أسود في تاريخ الولايات المتحدة، ثم اختار كامالا هاريس نائبة له في انتخابات 2020، وهي آسيوية لاتينية، ليغازل الأقليات الأميركية المتعطشة للمساواة بعد أشهر حرجة ووقائع مؤلمة، اتهمت خلالها الشرطة الأميركية بالعنصرية ضد السود، ويحاول إبعاد تهم عنصرية لاحقته شخصيا على مدار سنوات.
ومع مواقفه المتباينة، والمتضاربة أحيانا، بخصوص سياسة الولايات المتحدة الخارجية لا سيما ما يتعلق بغزواتها العسكرية، يثير بايدن حيرة السياسيين ممن يحاولون التنبؤ بمسار علاقات واشنطن مع العالم خلال فترة رئاسته، لا سيما بعد الأسابيع الأخيرة التي أثارت القلق من نهج الديمقراطيين الداعم لجماعات متطرفة، على خلفية تسريب البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون.
وكان باين قد صوت ضد حرب الخليج عام 1991، ثم تحول لتأييد غزو العراق بعد 12 عاما، قبل أن ينقلب ويصبح من منتقدي توريط القوات الأميركية في هذا الغزو، كما عارض العملية الخاصة لصيد زعيم القاعدة أسامة بن لادن في باكستان.
أما أكثر ما يثير القلق بشأن هذا ملف العلاقات الخارجية، فهو ميل بايدن أكثر إلى استخدام الدبلوماسية، لا الضغط، في مسألة الأسلحة النووية الإيرانية، بعد سنوات من الشدة التي كانت سلاح ترامب في التعامل مع طهران وسياساتها التوسعية في المنطقة.
أرسل تعليقك