كل المشاعر التي خزّنتها ذاكرة الطفل مساري منذ هجرته لبنان وهو في العاشرة من عمره، وصولاً إلى مشهد «لبنان ينتفض» الذي حرّكه في الصميم وضعها المغني اللبناني العالمي في أغنية «قلبي انكسر»، فجاء هذا العمل لفتة تكريمية لشعب بلده الأم الذي لم يستطع ورغم كل الشهرة العالمية التي حصدها أن تنسيه جذوره أو انتماءه إلى بلد الأرز.
«إن من ينسى أصله لا أصل له» هي عبارة لطالما يرددها مساري في أي إطلالة إعلامية له، فهو يتمسك بلبنانيته ويفتخر بأصوله. وعندما يتحدث عن بلده يتحول إلى مواطن عادي عانى بدوره الأمرّين منذ ابتعاده عن بلده.
ويتوجه مساري في هذه الأغنية التي كتبها ولحنها شخصياً ودفعته إلى البكاء أثناء تسجيلها، إلى كل من يشارك في احتجاجات «لبنان ينتفض»، مشيداً بالروح الوطنية التي يتمتع بها الشعب اللبناني، وكذلك باندفاعه ووحدته.
وتقول الأغنية التي يؤديها بالعربية والإنجليزية معاً «أنا اللي قلبي انكسر خلوني عيش بندم روحي سكنها الزعل شعبي وحبيبي انغدر. كل اللي شفتو بعيوني شعبي بقدملو عيوني جرحو الأرض الحنونة يا ربي وين العدل؟».
«إن قلبي انكسر منذ وقت طويل عندما اضطررت إلى مغادرة وطني وأنا في العاشرة من عمري بسبب الحرب الدائرة على أرضه». يقول المغني مساري في حديث لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يومها غمرني شعور بالألم يشبه تماماً شعور الولد الذي يخطف من حضن أمه. وكل ما خزنته من مشاعر ومشاهد وصعوبات مررت بها منذ تلك اللحظة وحتى اليوم فجرتها في أغنية (قلبي انكسر)».
فالشاب اللبناني الذي هاجر يومها إلى كندا مع جميع أفراد عائلته لا يستطيع أن ينسى مشهد جدّه الذي وقف متأثراً يودع مع زوجته أفراد العائلة إلى حد جعله يبكي عندما عانق ابنه. «كان بنظري الصخرة التي لا تنحني ويومها انكسر قلبي وأنا أشاهده في هذه الحالة حزيناً لفراقنا هو وجدتي.
كانت تلك اللحظات من الأصعب في حياتي عندما رحت، ومن خلال نافذة الطائرة ألقي النظرة الأخيرة على وطني الذي أعشقه».
منذ ذلك الحين كبرت معاناة الطفل مساري مع هجرته للوطن الأم الذي كان يتابع أخباره باستمرار، ويشاهده يتراجع يوماً بعد يوم بدل أن يتقدم ويتطور كغيره من البلدان العربية المحيطة به. «كان هذا الأمر يؤلمني بالفعل؛ إذ إن أحداً لم يأخذ على عاتقه مسؤولية شعب بأكمله. بل تركوه يتخبط في أزماته، وراحت كل جهة ترمي بالمسؤولية على الأخرى».
لكن لماذا قرر مساري اليوم أن يغني «قلبي انكسر»؟ يرد: «هذه الأغنية تسكن بكلماتها أعماقي منذ زمن طويل وهي نتيجة تراكمات لمشكلات عدة عشتها مع اللبنانيين عن قريب ومن بعيد. وشعرت وكأني أصبت بشلل تام وصرت غير قادر على القيام بأعمالي. فأنا أحضّر حالياً لإطلاق ألبوم جديد، لكني تركت كل شيء لأتفرغ لمتابعة الأحداث الجارية على أرض لبنان. وشدني منظر الشعب اللبناني المتكاتف والموحد من دون أي تفرقة». ويختم في هذا الإطار: «هذه الأغنية هي بمثابة وسيلة تعبير نحرص من خلالها على إيصال صوتنا إلى العالم أجمع».
ويؤكد مساري أن اللبنانيين الموجودين خارج لبنان لا تقل وطنيتهم عن المقيمين. ويعلق: «يخيل للبعض بأننا نعيش هنا حياة هادئة ورغيدة تنسينا معاناة أهلنا في لبنان. لكن هذا المعتقد خاطئ، ولا سيما أننا نرى الأمور من بعيد تأخذ حجماً أكبر وليس العكس. كما أني شخصياً أزور لبنان باستمرار وأعرف تماماً وجع الناس عن قرب». ويتابع: «كنت أتمنى لو تواجدت في هذه الأثناء في لبنان لكنت زرت جميع مناطقه المزدهرة باحتجاجات الناس بدءاً من طرابلس ومروراً في بيروت ووصولاً إلى النبطية وصور، إلا أن انشغالاتي وارتباطاتي المهنية تمنعني من ذلك.
ولكنت ضممت صوتي لصوت المحتجين الذي يطالبون بالتأسيس لحياة سياسية جديدة تضمن لهم العيش بكرامة. لذلك؛ لم أتردد في المشاركة بالمظاهرة اللبنانية التي أقامتها الجالية اللبنانية في لوس أنجليس الأحد الماضي. فالشعب اللبناني يستحق الفرصة لبناء حياة هنيئة له ولأولاده وأحفاده».
ويشير إلى أن أغنيته «انكسر قلبي» يهديها إلى جميع اللبنانيين من دون استثناء احتفالاً بالإنجاز الذي استطاعوا تحقيقه متكاتفين. ويقول: «عندما غادرنا لبنان تركنا الموضوع السياسي فيها هناك. وعملت هنا مع مجموعة من اللبنانيين تربيت وكبرت معهم، واستطعنا أن ننتج الكثير ونشكل معاً مثالاً مصغراً عن مدى نجاح اللبناني فيما لو توحد».
قد يهمك ايضا
سيرين عبدالنور ونادين نجيم تتقابلان بعد أعوام من الخلاف
نادين نجيم تؤكّد أنّها بقمّة السعادة بعد مديح نبيلة عبيد لها
أرسل تعليقك