بيروت - لبنان اليوم
يستمر إجماع الأحزاب المسيحية الرئيسية، كما البطريركية المارونية، على وجوب عدم عقد جلسات لحكومة تصريف الأعمال، إلا في حالات الضرورة القصوى، في ظل شغور سدة الرئاسة.وتشعر هذه القوى بنوع من «الاستفزاز»، في ظل إصرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على الدعوة لجلسات متتالية، على الرغم من مقاطعة 6 وزراء مسيحيين مقربين من «التيار الوطني الحر»، برئاسة النائب جبران باسيل، للجلسة التي عُقدت أمس (الاثنين) واتخذت فيها قرارات بمساعدات للقطاعين الصحي والتربوي، وبدعم القمح؛ وإن كان البعض يعتبر أن القوى المسيحية تسرعت في اتخاذ مواقف تصعيدية بهذا الخصوص، ما جعلها تعود لخفض وتيرة انتقاداتها وهجومها مؤخراً، مع تفاقم الأزمات التي يرزح تحتها المواطنون على الصعد كافة.
وبينما اعتبر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، عقب اجتماع كتلة «الجمهورية القوية» أن «اجتماع اليوم (أمس) غير قانوني»، قالت مصادر «القوات» لـ«الشرق الأوسط»، إنه بخلاف «التيار الوطني الحر» الذي يرفض اجتماع الحكومة بالمطلق: «نحن نؤيد اجتماعها وفق الضرورة القصوى، فيلحظ جدول أعمالها بنداً أو بندين، أما جدول الأعمال الفضفاض الذي كنا بصدده أمس فمرفوض، ونعتبره غير قانوني».
وتحدث ميقاتي خلال اجتماع الحكومة عن توجه لتكثيف العمل والاجتماعات الوزارية والحكومية، لتأمين الحلول المطلوبة للتعقيدات والمشكلات، وهو ما اعتبره النائب جيمي جبور، عضو تكتل «لبنان القوي» الموالي لعون: «إمعاناً في ضرب الشراكة والصيغة اللبنانية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إذا اعتبرنا الحلول الدستورية موجودة للبت بالمسائل المطروحة أمام مجلس الوزراء من خلال المراسيم الجوالة أو سوى ذلك من الحلول؛ خصوصاً أن انعقاد الحكومة تشوبه عيوب دستورية واضحة، فإن ما يقوم به الرئيس ميقاتي مدعوماً من ثنائي (حركة أمل) و(حزب الله) يعتبر إمعاناً بضرب الشراكة والصيغة اللبنانية، وبالتالي فإن موقف بكركي وموقف (التيار الوطني الحر) يلتقيان على رفض هذا الأمر جملة وتفصيلاً».
ورأى جبور أن «المسؤولية السياسية تقع حتماً على كل المشاركين، وعلى رأسهم من كنا نعتبرهم حلفاء؛ خصوصاً أن الذكرى السنوية لتفاهم مار مخايل في 6 شباط (فبراير) وهو اليوم الذي شهد جلسة حكومية جديدة، أمعنت في ضرب أحد بنود هذا التفاهم، وأعني به تعزيز الشراكة الوطنية».
ويعتبر الوزير السابق إبراهيم نجار أن «الإرادة المسيحية في نهاية المطاف إرادة سياسية نتفهمها، على الرغم من منطق المزايدة الذي تنتهجه الأحزاب المسيحية في التعامل مع الملف»، لافتاً إلى أن «الضرورات تبيح المحظورات؛ خصوصاً إذا كانت جلسات مجلس الوزراء مخصصة لبحث شؤون طارئة، كتأمين أدوية السرطان، والقمح، وغيرها من الأمور الأساسية للمواطن». ويشدد نجار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أنه «على الرغم من ذلك، لا يجوز أن يستبيح رئيس الحكومة الساحة، ويحول نفسه الحاكم بأمره»، مضيفاً: «يجب التعاطي بدقة متناهية مع موضوع الدعوة لجلسات لمجلس الوزراء في مرحلة الشغور الرئاسي، كي لا يفسر ذلك بأنه تجاوز للحدود السياسية».
وكان المطارنة الموارنة، كما البطريرك الماروني بشارة الراعي، قد أعلنوا بوضوح في وقت سابق، أنه «لا يحقّ لرئيس الحكومة المستقيلة أن يدعو المجلس للانعقاد من دون موافقة الوزراء، ولا يحقّ له أن يصدر مراسيم ويوقّعها من دون توقيع جميع الوزراء، عملاً بالمادّة 62 من الدستور. ومن الواجب العودة إلى الاجتهاد الدستوري من أجل تحديد الإطار القانوني لتصريف (الأعمال العاديّة)، و(الأعمال المهمّة)، و(حالات الطوارئ)، منعاً لخلافاتٍ البلادُ بغنى عنها».
وخلال افتتاح جلسة مجلس الوزراء، جدد ميقاتي دعوته «للجميع، للتعاون والتلاقي في سبيل معالجة الملفات الكثيرة والداهمة التي تتطلب أن نكون معاً لتمرير هذه المرحلة الصعبة»، معتبراً أنه «عندما تحدث الدستور عن مرحلة تصريف الأعمال، كان في بال المشترع أن الشغور الرئاسي سيكون لفترة قصيرة، يعود بعدها الانتظام في عمل المؤسسات، ولكن يبدو أن الشغور الحالي لا أفق واضحاً لإنهائه بعد».
وأشار ميقاتي إلى أنه «إزاء هذا الواقع وجدنا أنفسنا أمام كمّ هائل من المشكلات والتعقيدات التي ينبغي حلها، مما يفرض تكثيفاً للعمل والاجتماعات الوزارية والحكومية، لتأمين الحلول المطلوبة. وكلما طال أمد الشغور ازدادت التعقيدات والمطالبات». وأضاف: «هذا الواقع لسنا بالتأكيد من صنعه، ولكننا نواجهه بروح المسؤولية الوطنية والدستورية والشخصية، ومن غير المنطقي ولا الأخلاقي أن ننكفئ عن المهمات المطلوبة منا، أو نتعمد الاستقالة العملية من مسؤولياتنا. من هنا أجدد دعوتي إلى جميع الوزراء للعودة إلى المشاركة في الجلسات الحكومية، كلما اقتضت الحاجة لعقدها. ونحن في هذا الصدد لا نتحدى أحداً، ولا نصادر صلاحيات أحد؛ بل نلتزم بأحكام الدستور وروحيته، وسنستمر في مهامنا بروح التعاون الإيجابي مع الجميع».
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك