أدخل فيروس كورونا وسائل الإعلام اللبنانية مرحلة غير معهودة، لم تعرفها في عز سنوات الحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1990)، أو حتى في الحرب الاسرائيلية الأخيرة على لبنان في يوليو 2006.
ليس جديدا على بعض العاملين في وسائل الاعلام العمل عن بعد، خصوصا في عصر الرقمنة. لكنها مفارقة لوكالات الأنباء والصحف الورقية خصوصا في إخلاء مكاتبها وتدبير الأمور من بعد، خارج مقراتها الرسمية.
العدو هنا ليس آلة حربية أو جيش احتلال او إرهابا منظما، بل هو غير مرئي، ما يصعب المهمة في مواجهته.
الإعلام اللبناني اختار المواجهة، وبـ «اللحم الحي»، في زمن يعاني فيه أزمة مادية غير مسبوقة، سبقت تداعيات الوباء الذي يضرب الكون.
لكن وسائل الإعلام مصرة على عدم الغياب عن جمهورها، على أمل تخطي المحنة المزدوجة بالنسبة اليها: الفيروس والأزمة الاقتصادية.هنا شهادات لتجارب زملاء يختبرون «العمل من مسافة» او عن بعد، توزعوا بين وسائل إعلام عدة في مختلف الفئات.
تقول زينة باسيل مراسلة تلفزيون MTV انه «يصعب على العاملين في التلفزيون تأدية واجباتهم من بيوتهم ذلك ان عملهم يتطلب حضورا إلى المحطة ولو لوقت قصير.
يستطيع المراسل ان يكتب نصه ويجري اتصالاته في البيت، ولكنه مضطر الى الحضور إلى التلفزيون من اجل الـ editing والمقابلات ولو حتى عبر skype».
وعن الإجراءات الوقائية المتخذة، تقول: «كل من يدخل إلى مبنى التلفزيون يخضع لفحص الحرارة، إضافة إلى التعقيم اليومي وعبوات التطهير التي تملأ المكاتب والممرات.
وكذلك وضعت خطة عمل جديدة تماشيا مع ظروف كورونا، ابرز بنودها: تخفيض عدد التقنيين والعاملين والمحررين العاملين في الوقت نفسه، تقليل عدد المراسلين، اجراء ٨٠% من المقابلات عبر skype أو التلفون...».
وتعترف باسيل بأن «ظروف المراسلين على الأرض وخصوصا المصورين صعبة، تتحكم بها السرعة وضغط الوقت ما قد يعرقل إجراءات الوقاية أحيانا».
من جهتها، تتحدث جيسي خليل مراسلة «صوت كل لبنان» عن إجراءات اتخذتها إدارة الإذاعة مع بدء تزايد الإصابات بفيروس كورونا أبرزها: الحد من التغطيات الخارجية، تخفيف الضيوف في الاستوديو قدر الإمكان، إطالة الدوامات للبعض بغية الاستغناء عن حضور آخرين لتقليل فريق العمل داخل الإذاعة، التعقيم المتواصل.
وفيما تعتبر خليل نفسها محظوظة كونها قادرة على ان تحضر مادة كاملة في بيتها لأنها تستطيع حتى تنفيذ أعمال المونتاج وحدها (ما ليس متوافرا لدى بقية زملائها ربما)، تعترف بأن «العمل من البيت يتسبب بضغط نفسي على المراسل لأنه يحد من حريته واندفاعه، فالمراسل بطبعه يحب الا يكون مقيدا في رحلة بحثه عن الخبر او المعلومة. ولكننا بالنهاية نفعل ذلك حرصا على أنفسنا وعلى من حولنا من أهل وزملاء».
كذلك، يشير الصحافي الرياضي في قناة «الميادين» وجريدة «النهار» احمد محيي الدين إلى ان «الحركة الرياضية أصابها الشلل في ظل انتشار كورونا، وبالتالي اصبح عملنا محصورا في متابعة تأثيرات انتشار الفيروس على النشاطات».
وأضاف: «في التلفزيون، اتخذت إجراءات لتوزيع العمل بين الزملاء في قسم الرياضة بحيث لا يتواجد كل العاملين في الوقت نفسه في القناة.أما في الجريدة، فالزملاء جميعهم يعملون من منازلهم لإنتاج الصحيفة مستعينين بوسائل التواصل الاجتماعي».
ويعترف محيي الدين بأن «الأمر الإيجابي الوحيد في هذه الظروف الصعبة هو أنني أصبحت أرى أولادي وامضي معهم وقتا أطول».
أما الصحافية يارا أبي عقل التي توزع وقتها بين جريدة «لوريان لو جور» و«الوكالة المركزية للأنباء» فتعترف بأن «تجربة العمل من البيت ليست سيئة، وبإمكان الصحافي إذا أراد ان يحافظ على ذات النوعية في الإنتاج»، مشيرة إلى انه «عندما نفكر اننا نفعل ذلك حفاظا على صحة الآخرين في البيت والمكتب، نشعر بالرضا».
وأضيف: «مما لا شك فيه ان الوجود في غرفة التحرير يسهل المهمات خصوصا لجهة الحصول على أرقام النواب والوزراء والاتصال السريع بهم.
وكذلك من المهم ان تكون قريبا من فريق العمل والمدير اذا احتجت ان تطرح سؤالا. ولكن اليوم نقول الله يخليلنا واتساب ووسائل التواصل!».
قد يهمك ايضا:
مها المنصور تؤكد أن السعودية رائدة في مجال الخط العربي
نادي الصحافة اللبناني يُطالب المؤسسات الإعلامية بتوفير الحماية للعاملين من "كورونا"
أرسل تعليقك