بيروت - لبنان اليوم
تعدّدت الأمرة في الشارع والنتيجة واحدة، سيكون على حكومة حسان دياب الذي أعلن لتوّه فشل "الانقلاب" ضدها التعايش مع واقعين ضاغطين باتا تقريبًا خارج السيطرة: "شوارع" بأجندات مختلفة دخل على خطها مؤخرًا حركة أمل وحزب الله، وواقع مالي اقتصادي ينحو نحو مزيد من السوء عَكَسه الخوف من سقوط آخر المحاولات لضبط السوق والتصريح "الغريب" لرئيس مجلس النواب نبيه بري من بعبدا!لا قائد واحد لعملية "اجتياح" شوارع وزواريب بيروت في اليومين الماضيين. أصلًا دوافع "النزلة" متوافرة بقوة ومشروعة، ولم يّزد في طين الارتفاع الهستيري للدولار "بلّة" سوى التعيينات المالية والادارية.
أخصام الحكومة وجدوا فيها عاملًا إضافيًا للتخلّص من حكومة ملتزمة بأجندة سابقاتها في المحاصصة، فيما أهل السراي يقدّمون مقاربة واقعية قوامها "إنحسار هامش "الإصابات" في تعيينات الاربعاء بشكل كبير عن تلك التي كانت مطروحة في جلسة 2 نيسان. فقد حصل تغيير في الأسماء، من دون القدرة على تفادي "إصابتين"، خصوصًا أن رئيس الحكومة تولّى أمر المقابلات الشخصية مع المرشحين وتمّ الالتزام بآلية التعيين لناحية طرح اكثر من اسم". المقصود بالإسمين، وفق المعلومات، النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري الذي ليس لديه خبرة مصرفية وعضو هيئة الأسواق المالية واجب قانصوه المحسوبين على نبيه بري. وللمفارقة يبدي دياب في مجالسه انطباعًا جيدًا عن محمد بو حيدر مدير عام وزارة الاقتصاد، المحسوب أيضاً على عين التنية، مؤكّدًا "أنه ظلِم"!
المطلعون يؤكدون أن رئيس الحكومة قد يكون قدّم فعلًا تنازلات في سياق التعيينات لكن لهدف أهمّ بكثير، لا يرتبط الأمر فقط بإنقاذ حكومته من براثن التعطيل الكامل، بل لتثبيت واقع أن هذه التعيينات المالية كرّست وجود شريك منذ الآن وصاعدًا لحاكم مصرف لبنان في أخذ القرار، في السراي إنجاز جديد لم يعلن عنه صراحة "رياض سلامة لم يعد حاكمًا بأمره"!.تقول معلومات في هذا السياق أن جلسات نقاش عدّة حصلت بين بري ودياب وكان عنوانها رياض سلامة، حجّة الأول في رفض الإقالة كانت الشغور في المواقع المالية وعدم توافر بديل جاهز، أما وقد سدّت حكومة دياب الثغرات بدا بري، ومعه "منظومة تحالف المصالح"، أكثر تمسّكًا بسلامة الى درجة المصارحة الشاملة "لا يُستغنى عنه"!واقع كان يعرفه دياب جيدًا، لكن ذلك لم يمنعه من المحاولة. وقد يعيد الكرّة مع العلم أن المعطيات تفيد "بأن حزب الله لا يتبنّى معركة إسقاط سلامة إلا عند توافر الاجماع السياسي الصعب تأمينه، فيما رئاسة الجمهورية ومعها جبران باسيل تتهيّب ردّة الفعل الخارجية على المغامرة الداخلية بالاطاحة بسلامة".
ووفق المعلومات، تمّ التداول في الأروقة الداخلية مؤخرًا بالبديل المحتمل لسلامة وقد برز الى الواجهة اسم الصيرفي سمير عساف وهو الرئيس التنفيذي للخدمات المصرفية العالمية والأسواق لبنك HSBC منذ 2011، والمدير الإقليمي للشركة ذاتها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا منذ 2016، ورئيس مجلس إدارة الشركة غير التنفيذي في فرنسا.عساف الذي فوتح بالأمر من قبل جهة لبنانية نافذة لم يتجاوب حتى الآن مع طرح التداول بإسمه لحاكمية مصرف لبنان لصعوبة عودته حاليًا الى لبنان. يحدث ذلك، في ظل وجود ممانعة داخلية من أكثر من طرف، ومن ضمنها رئاستي مجلس النواب والحكومة، لاسم الوزير السابق منصور بطيش المطروح من الجهة العونية، في وقت تجتمع قوى أساسية في السلطة على رفض وصول اي شخصية الى حاكمية محسوبة على طرف سياسي وحزبي أو "يُدار" من الخارج. مع العلم أنه الى جانب بطيش يتردّد اسم مدير عام وزارة المالية آلان بيفاني ووزير البيئة الحالي دميانوس قطار.
لكن طيّ ورقة إقالة سلامة مؤقتًا لم يحجب سواد الرؤية ماليًا والهواجس الحقيقية من مدى تنفيذ سلامة رزمة الالتزامات التي "سُحبت" منه بما يشبه الفرض خصوصًا لناحية ضخّ الدولارت في السوق الذي، وفق معلومات "ليبانون ديبايت"، بدأ يصل الى الصرافين منذ يوم السبت بسعر مدعوم تمهيدًا لتأمينه. سلامة وبتأكيد مصادر قريبة من دياب "احترف التضليل وتعويم الأزمة بسلسلة تعاميم لا فائدة عملية منها، واليوم هو أمام آخر الفرص مع الاشارة الى ما تضمنّه بيان مجلس الوزراء للمرة الاولى عن اتخاذه جميع التدابير التي من شأنها ترتيب المسؤولية الواجبة في حال اخلال كل ملتزم بما تعهد به، إضافة الى "رقابة" خلية الأزمة التي شكّلت ويفترض أن تجتمع مرّتين في الاسبوع".ويشير هؤلاء الى أن غضب رئيس الحكومة على سلامة استند الى واقع "تنصلّه من سلسلة الالتزامات السابقة ومنها وعده بمنح 100 مليون دولار لدعم استيراد المواد في الصناعة الاولية على أن ترتفع تدريجًا الى 700 مليون دولار فيما لم يحجب الوزير عماد حب الله استياءه من اداء سلامة، كذلك تخلّفه عن دعم استيراد المواد الغذائية الذي لم يشمل حتى الان سوى الرز، والمماطلة في إطلاق المنصة الالكترونية..."
وأتى تصريح بري من عين التينة ليزيد من غموض الصورة. فالتوافق الرئاسي على "تقطيع المرحلة" شابه عدّة عورات. في الشكل شكّل كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري إدانة للسلطة الحاكمة وتكريس واقع الخفّة في التعاطي مع مسائل مصيرية حين قال أن توافقًا حصل مع عون دياب على تخفيض سعر صرف الدولار مقابل الليرة ابتداء من اليوم الى تحت 4000 ليرة وصولا إلى 3200، بدءًا من يوم الإثنين.تقول مصادر مطلعة في هذا السياق "أن هذا التوافق إذا كان متاحًا فلماذا التأخير في تأمينه حيث يسجّل الدولار ارتفاعاًا قياسيًا منذ أشهر. أما في المضمون فإن هكذا خطوة إن قدّر لها الترجمة الفعلية فهي لا تتعدى إطار شراء الوقت على قاعدة كسب أسبوع أو أسبوعين من تهدئة مؤقتة وهشّة للسوق عبر ضخّ المصرف المركزي الدولارات في مقابل المغامرة بالإطاحة المحتملة بالرصيد المتبقي في احتياطي مصرف لبنان بدعم استيراد المواد الأساسية (محروقات قمح أدوية...) وفي ظل تحويلات مالية شحيحة وغير كافية وقطاع صيرفة يصعب أكثر فأكثر ضبطه ومصارف لا تزال تضارب في السوق وتشتري من الصرافين ومافيا سوداء متفلّتة لم تنفع معها كل المعالجات".
قد يهمك ايضا
رئيس الحكومة اللبنانية يتحدث عن "محاولة انقلاب" ويتعهّد بكشف "وثائق الفساد"
لبنانيون يتظاهرون ويقطعون الطرق بمناطق عدة في البلاد
أرسل تعليقك