بقلم : خلود الخطاطبة
الدورة العادية الثانية لمجلس النواب الثامن عشر التي انطلقت أمس، تكتسب أهمية كبيرة كونها تضع المجلس أمام تحد حقيقي قادم يتمثل بشكل رئيسي في حزمة الاجراءات الاقتصادية التي ستنفذها حكومة رئيس الوزراء هاني الملقي، لكنها ليست اجراءات اعتيادية كرفع أسعار المحروقات أو الكهرباء رغم صعوبتها، بل هي هذه المرة مرتبطة بالخبز الذي لطالما اعتبرته الحكومات السابقة خطا أحمر.
رغبة الحكومة واضحة تماما في ان يكون مجلس النواب شريكا معها هذه المرة في اقرار حزمة الاجراءات الاقتصادية الصعبة التي تتضمن أيضا شمول سلع ضمن ضريبة المبيعات، ذلك أن نصرة المجلس لها والوقوف الى جانبها في مثل هذه القرارات يخفف عنها وطأة الضغط الشعبي، بل على العكس يمكن ان يوجه الشعب اللوم بكامله لمجلس النواب ويتناسى الحكومة، كما حصل في مرات سابقة كثيرة. مجلس النواب بدوره، يحاول قدر الامكان البحث عن مخرج يمكنه من النأي بنفسه عن القرارات غير الشعبية التي ستتخذها الحكومة، وهذا ما لن تسمح به الحكومة، حيث سيتم تضمين بنود مالية الى مشروع قانون الموازنة للعام المقبل الذي يحتاج الى موافقة مجلس النواب عليه، وبالتالي لا يمكن الا ان تصدر مثل هذه القرارات الا بهندسة "تنفيذية" ومباركة "تشريعية". وبما ان الحكومة تبحث عن "التشاركية" مع مجلس النواب في هذه القرارات، ومجلس النواب من جهته سيضطر للتعامل مع هذه "الجراحة"، ومع استسلامنا للواقع الذي يقول بان حزمة القرارات سيتم اقرارها لا محالة، فانني ادعو مجلس النواب الى مناقشة تفاصيل القرارات حتى يتم تخفيف أثرها قدر الامكان على الفقراء ومتوسطي الدخل، وان يتم ضمان العدالة قدر الامكان، وعدم السماح باقرار اليات اعتباطية لصرف دعم الخبز لا تحفظ كرامة المواطنين، والتركيز في السلع التي سيتم شمولها بضريبة المبيعات. مثلا، ما تسرب عن الالية التي ستتبعها الحكومة لصرف دعم الخبز للمواطنين الية لا تحفظ كرامة المواطن، وتعيد الى الأذهان الالية التي اتبعت في صرف دعم المحروقات وأدت بالمواطنين الى التزاحم أمام البنوك والمؤسسات الاخرى وحاجتهم الى تعبئة طلبات ونماذج طويلة لصرف بعض الدنانير، ولهذا نأمل أن يتم النظر بعناية لالية صرف دعم الخبز للفقراء تحديدا. كما يجب على مجلس النواب ضمان عدم تسريب قرارات أخرى غير التي أعلنت عنها الحكومة في وقت سابق، فما تحدثت عنه الحكومة هو رفع الدعم عن الخبز وشمول بعض السلع بضريبة المبيعات، ويجب أن يطالب المجلس الحكومة بفرض
رقابة على الأسواق بالتزامن مع تطبيق القرارات لضمان عدم "جنون السوق" ورفع أسعار كل سلعة بحجة تلك القرارات كما يحدث دائما. في مقابل تفهم مجلس الشعب للقرارات المقبلة وتجاوب الشعب نفسه مع هذه القرارات، يجب على الحكومة ان تقدم ضمانات واضحة بعدم الارتكان الى جيوب المواطنين فقط لتسديد العجز في الموازنات الحكومية، وان تقدم برنامجا تنمويا واضحا للشعب ونوابه يدفع عجلة الاقتصاد الى الامام، فاذا كان على الشعب أن يتحمل فان على الحكومة القيام بدورها، وأن لا تفاجيء الناس في كل مرة بان الحلول على حسابهم فقط، فاذا أرادت الحكومة ان يتحمل معها المواطن، فيجب عليها القيام بدورها خلال الفترة المقبلة.