بقلم - علي زبير
نظرًا لنطاقها الواسع وطابعها الديمقراطي والقانوني، تعتبر المشاركة السياسية لمغاربة العالم اليوم قضية دستورية شاملة ومتوازنة، تستدعي تفعيلها وتنزيلها نهج سياسة حكومية تشاركية قائمة على الحوار والتوافق.
فتمثيليتهم ليس بالجديد على الحياة السياسية بالمغرب، فقد عرف هذا الأخير في الثمانينات من القرن الماضي أول تمثيلية تشريعية للجالية، بعدها أضحت هذه التمثيلية مثار اهتمامات أكثر عندما شملها خطاب الملك الشهير لعام 2005، وتوج بعدها اهتمام جلالته بمغاربة العالم بتكريس تمثيلهم في دستور فاتح يوليو 2011، ثم تلاها خطاب 20 أغسطس 2012 الذي هو بمثابة خارطة طريق للجالية المغربية.
فالتحديات والرهانات التي تطرحها وضعية مغاربة العالم ومستقبلهم يتطلب سياسة حكومية منسجمة ومتجددة، سياسة ترسم بوضوح الأهداف المراد تحقيقها والإجراءات الملموسة التي يجب اتخاذها لفائدة 5 ملايين مواطن مغربي، يعيشون ويتطورون بعيدًا عن الوطن في سياقات ومجتمعات مختلفة، لاسيما تفعيل مشاركتهم في الحقل السياسي المغربي وفقًا لمقتضيات الدستور الجديد في فصوله 16، 17، 18، 163 والتوجهات الملكية السامية.
لهذا ينبغي على الحكومة والمخططين أن يتجاوزوا مثل هذه الظروف والتفاصيل القانونية المتعلقة بالآليات والنسب وعدد الدوائر المخصصة لمغاربة العالم والمقاعد، وأن يطرحوا الرؤية والأسئلة الاستراتيجية القائمة على المشاركة الفعلية للمواطنين المغاربة بالخارج، ومساهمتهم في تقدم وتنمية الوطن، وفي التقريب بين الشعوب بين بلدان الإقامة والمغرب. ثم التعاطي مع القضية كمصلحة وطنية تفرض اعتماد آليات ديمقراطية تشاركية تستدعي نهج مقاربة متجددة وشاملة ومتوازنة.
في إطار احترامهم للدستور الحالي والقيم الوطنية، ومن منطلق التغيير الذي جاء مع تشكيل حكومة السيد بنكيران، فإن مغاربة العالم يذكرون أن مرحلة التغيير لا تهم مغاربة الداخل فحسب، بل تهم 5 ملايين مواطن مغربي مقيم بالخارج، يشكلون قطاعًا استراتيجيًا ذا مصلحة وطنية، وينتظرون بدورهم نتائج جديدة وملموسة وجدية في طريق تدبير ملفهم.
ويرون اليوم أنه من واجبهم كمواطنين تنبيه الحكومة الحالية وتوجيه دعوة عاجلة لها للحوار والتشاور من أجل تبني نقاش وطني مفتوح يقتضي التوافق بين كل الأطراف الفاعلة بما فيهم المغاربة في الخارج.
صحيح أن الجالية هي اليوم خارج مؤسسات الدولة "البرلمان والحكومة"، لكنها حتمًا ليست خارج كيان الدولة وقوانينها، لأن المواطنين المغاربة بالتأكيد هم اليوم يحملون مفاهيم وتصورات مختلفة للديمقراطية والمساواة بين الرجل والمرأة والمواطنة وسيادة القانون وحقوق الإنسان، بالتأكيد هم حتى اليوم لازالت الهوية المغربية تشكل جزءًا كبيرًا من شخصيتهم؛ مما يولد لديهم الشعور بالفخر والإنتماء للبلد الأم، بالتأكيد سيظل إيمانهم بالله حتى الموت وحبهم لوطنهم المغرب وولائهم لملكهم راسخًا في عقولهم تحت شعار الله الوطن الملك.
ولذلك، فإن رفع التحديات التي تواجه تدبير ملف جالية المواطنين المغاربة المقيمين في الخارج، حسب تقديرنا، يستوجب تبني مقاربة جديدة متناسقة تستشرف معالم المسقبل، تقوم على تقييم المشاركة السياسية للجالية المغربية ومساهمتها الإيجابية في تقدم وتنمية الوطن وفي التقريب بين الشعوب، بين بلد الإقامة والمغرب.
إن جالية المواطنين المغاربة المقيمة في الخارج مستعدة لتحمل مسؤوليتها السياسية كاملة وأداء الدور الذي يفرضه عليها وضعها الخاص؛ وذلك بغية مواكبة التحولات التي يشهدها الحقل السياسي المغربي.
لذلك يستوجب على المغرب، الذي لا تعتبر ظاهرة الهجرة غريبة عنه، الاستجابة إلى مطالب مواطنيه المقيمين في الخارج.
لهذا نأكد ونذكر "أن ما سيأتي سيؤرخ لمرحلة جديدة في تاريخ الدولة المغربية وجالية المواطنين المغاربة في الخارج، الراهنة منها: " من خلال المراسلات والاقتراحات والنقاشات والندوات واللقاءات التي ساهم بها عدد كبير من أوساط الجالية خارج البلد أو من داخل مؤسسات الدولة أي القصر ورئاسة الحكومة و البرلمان والوزارات ووسائل الإعلام وكذلك الأحزاب السياسية والنقبات العمالية وهيئات حقوقية كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمجتمع المدني، والقادمة منها:"تدبير الملف، وبتدرج في إطار دينامكية تقطع السياسات القديمة وترتكز على النقاش والحوار مع مختلف ممثلي الجالية والقائمين عليها.