أكرم علي
في الرابعة فجرا من الاثنين الموافق 19 كانون الثاني/ يناير 2015، خبر قصير منشور على عدد من المواقع الإلكترونية أثار ضجة في الدولة بأكملها، ورغم قصر الخبر الذي لا يتعدى الـ 5 أسطر إلا أن صحته ستعصف بأحوال البلاد وتدخلها في نفق مظلم بعد أن بدأت الخروج من الأزمة التي تعرضت لها.
الخبر يقول "مصرع 250 عامل في قناة السويس" بسبب انهيار جزئي في أحد حوض الترسيب الخاص بمشروع قناة السويس الجديدة، وفي حالة صحة ذلك الخبر تستطيع أن تقول على مشروع قناة السويس الجديد "عليه العوض ومنه العوض"، ولا عزاء للمصريين الذين وضعوا مليارات الجنيهات في تمويل المشروع الجديد، فضلا عن الكوارث الخارجية وزعزعة ثقة المستثمرين في المشروعات التي يمكن خوضها بعد انتهاء مشروع القناة الجديد في آب/ أغسطس المقبل، ومع سطوع أشعة الشمس وبدأ الخبر في الانتشار والجميع يتساءل عن صحته وما تفاصيل الواقعة، حتى صرح رئيس هيئة قناة السويس الفريق مهاب مميش بنفي الواقعة تماما والكشف عن تفاصيلها الصحيحة، الأمر الذي أعاد الحياة مجددا للمشروع لدرجة أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أجرى اتصالا هاتفيا من الإمارات للاطمئنان على المشروع.
كيف للإعلام أن يلهو مع خبر مثل ذلك، كيف يمكن لصحافي أن يتحمل نشر مثل هذا الفاجعة قبل التأكد 1000 % من مصادر عدة ومعرفة التفاصيل كاملة، فمن الحس الوطني ولن أتحدث عن المهنية الآن، أن يقوم صحافي أو وسيلة إعلام بنقل الخبر دون التأكد من أي جزء من تفاصيله، والضحية الآن سمعة الاقتصاد المصري بسبب عدم تحمل المسؤولية.
لو انتظر المحرر أو وسيلة الإعلام التي بثت الخبر معرفة التفاصيل قليل والتأكد أن ما حدث أن 3 كراكات تعمل في حفر القناة عند الكيلو 84 في الإسماعيلية وأن مستوي العمل كان مرتفعًا، وكان هناك مقاولون يعمولن في تدعيم جسور في حوض الترسيب ومع ضغط المياه تم كسر الجسر وأدى إلى التسبب في عمل فتحة فيه، دون أن تؤثر المياه على العمال الذين كانوا في منطقة بعيدة عن الواقعة.
مصر الآن في أمس الحاجة إلى الانتظار والتدقيق وتحري المعلومات من هنا وهناك والتحلي بالصبر خصوصًا في القضايا والأمور التي تقضي على مستقبل بلد كامل دون البحث عن السبق المزيف على حساب المصريين.