بقلم : شيماء مكاوي
كنت أتخيل عندما أكتب عن أمي سيكون الأمر سهلًا إلا أنه من اصعب ما يكون. فقد توفى أبي وكان عمري وقتها لم يتعد العشر سنوات، وترك لأمي مسؤولية رعايتي مع أخي، الذي كان يكبرني بتسعة أعوام، ولم تفكر إلا في رعايتنا وأن نكون الأفضل دائما.
وعلى الرغم من أن عمرها وقتها كان يسمح لها بالزواج مرة أخرى، إلا أنها لم تفكر لحظة في هذا الأمر وأنصب تفكيرها على رعايتنا فقط أنا وأخي.
لم تكن أمي موظفة أو لديها عائل مادي كي تستطيع أن تنفق علينا فكل ما لديها هو معاش والدي، ولكنها استطاعت أن تجعلني أكمل تعليمي وألا أكون أقل من أحد بل الأفضل ودرست كلية الآداب قسم إعلام، وشجعتني على دراسة الماجيستير وتحضيره حتى حصلت على درجة الماجيستير في الآداب بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، وليس هذا فحسب فزوجتني وجهزتني وكل هذا بمعاش والدي، ولم تفكر في نفسها بالقدر من التفكير بي وبأخي، الذي جعلته يكمل تعليمه هو الآخر، ويعمل في أحد الوظائف الحكومية وأن يكون أب ورب أسرة صالح.
لم نكن أنا وأخي فقط معها فكان لدي شقيقتين ولكنهما كانوا وقت وفاة والدي متزوجات، وقامت أيضا بحمل مسؤوليتهن كثيرا.
تعرضت أمي للكثير من المضايقات فالمجتمع لم يرحمها، خاصة أننا كنا نعيش في محافظة تنتمي للمجتمع الريفي، فقد كان الجميع منتظر منها أن تتزوج ولكنها أخذلت كل المحيطين بها وكل المتربصون لحياتها، وقررت أن تراعينا من دون أن تنظر لمن حولها ولأحاديثهم .
تحملت أمي الكثير والكثير من أجل أن نصل لما نحن عليه، فكل الكلمات لم توف حقها ولكن سأنهي حديثي عنها بالحديث الشريف، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَلِيلًا".
يارب تفوزي يا أمي بالجنة بحق رعايتك لنا، وتحملك الكثير من المصاعب، من أجل أن نكون نحن الأفضل.