حكومة الطوارئ الإسرائيلية الضم والعنصرية ونتنياهو

حكومة الطوارئ الإسرائيلية: الضم والعنصرية ونتنياهو

حكومة الطوارئ الإسرائيلية: الضم والعنصرية ونتنياهو

 لبنان اليوم -

حكومة الطوارئ الإسرائيلية الضم والعنصرية ونتنياهو

أشرف العجرمي
بقلم - أشرف العجرمي

صدق من قال عن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو: إنه «بسبع أرواح»؛ فهو الذي استطاع أن يضرب رقماً قياسياً بين كل رؤساء الحكومات في إسرائيل منذ قيامها، ليس فقط بقضاء أطول فترة في منصب رئيس الحكومة وتفوق في هذا على بن غوريون رئيس الوزراء الأول، بل وفي قدرته على البقاء رغم كل العواصف التي يمكنها أن تسقط أي شخصية غيره، حتى أن كل عمليات نعيه المسبق كانت في غير محلها. وها هو مرة أخرى يصمد في معركة البقاء وينجح في تشكيل حكومة مع خصمه ومنافسه الرئيس بيني غانتس زعيم تكتل «أزرق- أبيض» بخلاف التوقعات، وذلك بسبب تخلي الأخير عن شعاراته وبرنامجه الانتخابي بحجة مواجهة جائحة «كورونا» التي تستوجب من وجهة نظره تشكيل حكومة «طوارئ وطنية».
تشكيل حكومة جديدة لمدة ثلاث سنوات تمنح نتنياهو فرصة للهروب من المحاكمة وربما السجن. فالذي بحث عنه هو ترتيبات قانونية وتشريعية تشكل له حصانة لفترة قد تتعدى ثلاث سنوات. فالإنجاز الذي حققه نتنياهو في الاتفاق الحكومي هو حصوله على «فيتو» على تعيين المستشار القضائي ومدعي عام الدولة وقضاة المحكمة العليا، بمعنى أن من لا يروق لنتنياهو أو يخشى منه لسبب أو لآخر لا فرصة له في المناصب القضائية العليا. وبهذا يضمن ألا تتخذ ضده مواقف «معادية» حتى لو كانت نابعة من القانون. وأكثر من ذلك سيتم سن تشريع يبقي على نتنياهو في منصبه حتى في حال صدور قرار محكمة بإدانته. وعملياً يتابع نتنياهو واليمين الاستيطاني- الديني- الصهيوني مسيرة تقويض السلطة القضائية لصالح السلطتين التشريعية والتنفيذية اللتين تتحكم فيهما أغلبية يمينية على الأقل في الفترة حتى انتهاء ولاية الكنيست الحالية.
الاتفاق بين غانتس ونتنياهو يبقي على مبادئ وسياسيات اليمين الجوهرية كما هي، فلم يستطع غانتس أن يغير من موقف الحكومة تجاه ضم مناطق فلسطينية واسعة في الضفة الغربية. وحسب النصوص يستطيع نتنياهو أن يطرح مشروع الضم على الحكومة ابتداءً من الأول من شهر تموز المقبل، وبعد مصادقة الحكومة يمكن عرضه على الكنيست، وهناك التزام بتسريع عملية تشريع قرار الضم فور مصادقة الحكومة عليه وعرضه على البرلمان. وهنا تخلى غانتس عن موقفه السابق بمعارضة الضم بشكل أحادي دون موافقة المجتمع الدولي، بالإضافة طبعاً إلى موافقة الولايات المتحدة والتنسيق معها في جميع الحالات.
والمسألة الثانية التي كان يمكن غانتس أن يجري تغييراً عليها في حال نجاحه في تشكيل حكومة مصغرة هي تعديل قانون القومية، وهذا طبعاً غير وارد في برنامج حكومة الطوارئ. أي أن اليمين حقق على المستوى السياسي ما أراده وبقي برنامج الضم والتمييز العنصري على حاله. ونحن نشهد الآن حتى في ظل أزمة «كورونا» تمييزاً واضحاً ضد الفلسطينيين مواطني إسرائيل الذين لم يحصلوا على رعاية طبية مناسبة أسوة بالمواطنين اليهود، وبعد ضجة كبيرة واحتجاجات، خاصة من أعضاء الكنيست الفلسطينيين، تقوم السلطات الإسرائيلية، الآن وبعد تأخير كبير، بإجراء فحوصات للكشف عن الإصابات بـ»كورونا» في المدن والبلدات والقرى العربية، وذلك بعد انتشار العدوى بصورة كبيرة وبشكل لا يعرف أحد حجمه بسبب غياب الفحوصات. ونفس الشيء وربما أسوأ ما يتعرض له المواطنون الفلسطينيون في القدس الشرقية المحتلة، حيث يجري إهمالهم تماماً، بل ومنع السلطة الفلسطينية من القيام بتعويض العجز الإسرائيلي والإهمال المقصودين. وهذا إنما يدل على عقلية التمييز العنصري التي تحكم السلطة الإسرائيلية والتي تعززت بعد سن قانون القومية الذي يطبق الآن بأبشع صوره، حتى في الظروف الكارثية التي يشهدها العالم وإسرائيل.
وفي الواقع لا يهم كيف تم توزيع المناصب الوزارية أو رئاسة لجان الكنيست بين حزبي «الليكود» و»أزرق- أبيض»، فحتى لو حصل الأخير على حصة مساوية لحصة كل كتلة اليمين، فالذي يهم نتنياهو هنا هو الإمساك بالمفاصل الأساسية للدولة بحيث يمضي قدماً ببرنامجه وهذا ما حصل. فالمناصب الوزارية قد تكون لعنة على أصحابها بالنظر إلى توسيع الحكومة بشكل غير مسبوق؛ حيث ستضم 36 وزيراً و16 نائب وزير. وإذا كانت الفكرة من تشكيل الحكومة هي مواجهة جائحة «كورونا» التي كانت في أسفل سلم اهتمامات الحكومة ولم تحظ بنصيب معقول حتى بالحد الأدنى من النقاش بين الجانبين بالمقارنة مع توزيع المناصب والتشريعات التي لا علاقة لها بأجندة الحكومة المعلنة كحكومة طوارئ لموجهة «كورونا»، فالنتيجة هي زيادة مصاريف هائلة بالمقاعد الوزارية المبالغ فيها، وأيضاً في سن القانون النرويجي الذي يقر بمبدأ التناوب في الوزارات وليس فقط في منصب رئيس الحكومة ورئيس الحكومة البديل، المنصب الجديد المستحدث والذي بحاجة لتشريع. وهنا تواجه الحكومة بسيل من الانتقادات على التكلفة التي ستدفعها خزينة الدولة مقابل هذا الاتفاق الذي جاء مناقضاً لفكرة ميزانية الطوارئ في عهد «كورونا».
نحن إذاً على موعد مع مشروع ضم مساحات كبيرة من الضفة الغربية قد تشمل غور الأردن وغالبية المستوطنات، فهذا سيكون أولوية بالنسبة لنتنياهو ولكتلة اليمين، وعلى الأغلب سيتم البدء بإجراءات الضم في بداية شهر تموز إذا ما كان وضع واعتبارات الولايات المتحدة يسمح بذلك بسبب «كورونا»، مع أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يبني على الضم للحصول على تأييد الإنجيليين الذين يؤيدون إسرائيل بصورة قاطعة ومن دون أي تحفظ. والسؤال هنا: ماذا نحن فاعلون إذا ما أقدمت إسرائيل على الضم؟ وهل لدينا خطة لمواجهة هذا الخطر الداهم غير التهديد والوعيد الذي لم يعد يجدي نفعاً، خصوصاً بعد فشلنا في مسألة الإعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها؟؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكومة الطوارئ الإسرائيلية الضم والعنصرية ونتنياهو حكومة الطوارئ الإسرائيلية الضم والعنصرية ونتنياهو



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon