ابن رشد، نظرة مختلفة
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

ابن رشد، نظرة مختلفة

ابن رشد، نظرة مختلفة

 لبنان اليوم -

ابن رشد، نظرة مختلفة

عبد الغني سلامة
بقلم - عبد الغني سلامة

لم يخلُ التاريخ الإسلامي يوماً من الجدال في أغلب القضايا، سواء في أمور العقيدة، أو الفقه، أو السياسة، أو فيما يتعلق بتفاصيل الحياة اليومية.. وبسبب هذه الخلافات نشأ العديد من الفرق والتيارات الفكرية، منذ أيام الخلافة الراشدة.. وفي نفس السياق، لم تنجُ أي شخصية تاريخية من الجدل حولها، سواء كان فقيهاً، أو عالماً، أو فيلسوفاً، أو قائداً عسكرياً.. حيث تنقسم الآراء حوله بين مؤيد ومتبع، وبين رافض ومكفّر.
هذه الخلافات لا تزال مستمرة ومستعرة في عصرنا الراهن، بين الدعاة والفقهاء، وحتى في الأوساط الخارجة عن المؤسسة الدينية التقليدية، وصولاً إلى مختلف الشرائح الاجتماعية.. في المسائل الجدلية تكاد تتركز الخلافات في مسألة أيهما أولى بالإتباع النقل أم العقل؟ أما عن الشخصيات فتتمحور حول اعتبار الشخص تقدمياً تنويرياً، أم رجعياً ظلامياً.
شخصية «ابن رشد» تجمع بين الجدلين، فهو من ناحيته، جمع بين شخصية القاضي الملتزم بالنقل والنصوص، وبين شخصية المفكر المنطلق دون قيود.. فمن هو ابن رشد؟ وهل كان فيلسوفاً تنويرياً، أم قاضياً سلفياً؟
ولد الوليد بن رشد في قرطبة 1126، وتوفي في مراكش 1198، كان طبيباً وفلكياً وفقيهاً، وشغل منصب قاضي القضاة في عهد الموحدين، اشتغل في شرح فلسفة أرسطو بطلب من الخليفة أبو يعقوب، وبتوصية من أستاذه الفيلسوف ابن طفيل.
تُرجمت كتبه في عصره إلى اللاتينية والعبرية، حاربته الكنيسة حينها، واعتبرته مؤسس الزندقة في أوروبا، لكن كتبه صارت تُدرس في أهم الجامعات الأوروبية في عصر النهضة.. إذ تنبه المستشرقون لأهمية فكره، واعتبروه حالة تنويرية متقدمة. وفي هذا الإطار، تساءل بعض العلمانيين عن أسباب اختيار ابن رشد تحديداً رمزاً للفكر التنويري التقدمي، على اعتبار أن أفكاره في كتابيه: «بداية المجتهد ونهاية المقتصد»، و»فصل المقال» (وغيرها من كتبه الفقهية)، لا تنسجم مع المعايير الأوروبية العلمانية، ما يوحي أن المستشرقين الأوروبيين لم يطلعوا عليها، لذا يمكن القول: إنهم عرفوه فيلسوفاً ولم يعرفوه فقيهاً، على عكس المسلمين؛ قبلوه فقيهاً، ورفضوه فيلسوفاً.. حيث أحرق الخليفة الأندلسي المنصور كتبه، واتهمه فقهاء عصره بالزندقة، والتشكيك بثوابت الإسلام.
آمن ابن رشد بإمكانية الجمع بين الفلسفة والدين دون التضحية بشيء من أصول كلٍّ منهما، وأنه لا تصادم بينهما، حيث قال: «الحكمة الأخت الرضيعة للشريعة»، وآمن بتعدد الطرق التي تفضي إلى الحقيقة، وهذا أساس حرية الفكر لديه؛ وذلك بقوله: إن الأديان والفلسفات والعلوم دروبٌ مختلفة تفضي إلى الحقيقة الواحدة، وأنه يمكن للإنسان الوصول للمعرفة والحقيقة دون وحي، أي دون وسطاء (الفقهاء).. لكنه اعتقد أن العقل يظل عاجزاً عن إدراك بعض المسائل الدينية (الغيبية خاصة)، وبالتالي يجب قبول الدين بما فيه من قضايا ميتافيزيقية.. لكنه في الوقت نفسه كان منفتحاً على الشك، ليس فقط بالقضايا الإشكالية في الدين، ولكن الشك بنفسه أيضاً وقدرته على إدراك كل شيء.
تكمن أهميةُ ابن رشد اليوم بدعوته إلى تحرر الفكر، وإلى تحرير المجتمع والإنسان من مختلف القيود الاجتماعية والسياسية والدينية، لكن «تحرر» فكر ابن رشد، هو تحرره من أثر التقليد الديني، ومن العقلية النصوصية، ومحاولته فلسفة الدين، وقد قاد تمسكه بالحكمة والشريعة في آنٍ معاً إلى الظن بأنه اعتقد بوجود حقيقتين: حقيقة الدين وحقيقة الفلسفة، وهذا قول، وفي قول لآخر أنه لم يعتقد إلا بوجود الحقيقة الواحدة التي يجتهد في اكتشافها العقلُ البشري المتعاطي للعلمَ، ويكشف عنها الوحيُ الإلهي للأنبياء فيضمِّنونها كتبَهم.
وانطلاقًا من وحدة الحقيقة، دعا ابن رشد لدراسة العلوم، مهما كان مصدرها، والاستفادة من إنجازات الفكر، بصرف النظر عن مصدره، حتى لو كان وثنيّاً، أو من أي دين آخر. فالمعيار الوحيد عنده هو صحة المعرفة. وهذا انفتاحٌ حضاري نحن الآن في أمسّ الحاجة إليه اليوم.
وفي الجدل الدائر حول شخصية ابن رشد، سنجد وجهة نظر مختلفة، مفادها أن فلسفته لم تكن حرة دون قيود، بل كانت فلسفة هدفها النظر في الموجودات وفي علاقاتها بالخالق، فالفلاسفة عنده ليسوا أكثر من ورثة للأنبياء، والفلسفة محصورة في البعد الديني، لا ممارسة حرة للعقل، بل ممارسة مقننة بالشرع لا تتجاوز أفقه، هدفها الإثبات لا الاختلاف، والتبرير لا التفكيك، تستمد شرعيتها من الشرع لا من العقل، وتنادي «بقتل الزنادقة»، أي بقتل الخارجين عن الحقيقة الشرعية. (رشيد بوطيب).
لكنه آمن بمبدأ كونية الفلسفة، وبأنه لا قومية لها، أن الفلاسفة عبر التاريخ كانوا أكبر المفككين لهوياتهم القومية وثقافاتهم، بما في ذلك أستاذه سقراط.
وفي سياق متصل، يقول آخرون: إن كتبه الفقهية لا تخرج عن المدونة الفقهية التقليدية السلفية، والتي كان يطبقها حرفياً أثناء ممارسته القضاء، وحول رأيه في الجهاد، يرون أنه لم ينكر نهج الأولين في مسائل الغنائم والسبايا والفتوحات، وغيرها من الممارسات العنيفة التي تطبقها الحركات الجهادية اليوم.
في كتابه «جوامع سياسة أفلاطون» ناصر ابن رشد حقوق المرأة، ودعا إلى مساواتها بالرجل، وفي هذا سبق عصره، وخالف أساتذته اليونانيين والمسلمين معاً، إذ أنكر الفرقَ الطبيعي بين الرجل والمرأة، وساوى بينهما في الكفاءات الذهنية والعملية، والفرق الوحيد الذي رآه هو في قدرة الرجل على تحمل الأعباء الجسدية أكثر من المرأة، في حين أن المرأة أكثر مهارة في أعمال أخرى، كالفنّ والموسيقى وغيرهما، ورأى أن وصول المرأة إلى رئاسة الدولة هو من الأمور الطبيعية الممكنة. (عقيل عيدان).
ربما نظلم ابن رشد إن حاكمناه بمعايير عصرنا، رغم أن مفكرين وفلاسفة سبقوه أو عاصروه كانوا أكثر وضوحاً وأكثر انفتاحاً على النقد، أو بمعنى آخر كانوا متساوقين بدرجة أكبر مع المعايير العلمانية الحداثية في أطروحاتهم، أي في مدى التنوير، مثل الرازي، وابن الراوندي، وابن سينا، والفارابي وجابر بن حيان، وغيرهم.. لكن «التنوير» كمصطلح يظل مطاطاً ونسبياً، ولا يشترط أن تكون المعايير الغربية والعلمانية هي المعايير الصحيحة الوحيدة.
ومشكلتنا التاريخية، أننا قتلنا وكفرنا كل من اختلف مع الفكر السائد، وأحرقنا كتبهم.. وبذلك خسرنا فرصاً كثيرة، كان يمكن لها أن تجعل من حاضرنا أفضل، وربما كانت ستغير مجرى التاريخ كلياً.
 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ابن رشد، نظرة مختلفة ابن رشد، نظرة مختلفة



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 لبنان اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 16:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 لبنان اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:41 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 لبنان اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف

GMT 07:45 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد زيت الزيتون

GMT 13:40 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

حضري بشرتك لاستقبال فصل الخريف

GMT 16:21 2021 الأحد ,04 إبريل / نيسان

هيفاء وهبي مثيرة في إطلالة كاجوال شتوية

GMT 13:43 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 21:45 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

عائلة ليونيل ميسي تتحكم في مستقبل البرغوث مع برشلونة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon