عن حرية اللجوء إلى قانون حماية الأسرة من العنف
أخر الأخبار

عن حرية اللجوء إلى قانون حماية الأسرة من العنف

عن حرية اللجوء إلى قانون حماية الأسرة من العنف

 لبنان اليوم -

عن حرية اللجوء إلى قانون حماية الأسرة من العنف

ريما كتانة نزال
بقلم : ريما كتانة نزال

التظاهرة الثانية من نوعها، خلال أسبوع واحد، في رام الله، تشير إلى إصرار حزب التحرير ومشايعيه من الجهات العشائرية والأصولية، على الاستمرار في هجمتهم المنظمة، منذ سنة تقريباً، ضد تنظيم المجتمع وقوننته ومحاربة العنف المتفشي، خاصة ضد الفئات الضعيفة المُعرضة أكثر من غيرها إلى أحد أشكال العنف بشكل خاص، «النساء، والمسنين وذوي الإعاقة والأطفال من الجنسين». حزب التحرير وحلفاؤه يعبرون عن مواقفهم من خلال الهجوم على اتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة، وهي اتفاقية تهدف إلى تحقيق المساواة موجهة إلى 194 دولة حول العالم، ومن خلال رفض إقرار مسودة قانون حماية الأسرة من العنف.

رفض القانون وتأمين الحماية اللذين تطالب بهما الحركة الاجتماعية الحقوقية والنسوية، يدفع الأمور باتجاه المطالبة بفتح خيارات جديدة أمام القانون واستخداماته، في ظل الوصول مع الأصوليين إلى طريق غير نافذ، بعد فشل جميع الوسائل التي تم اللجوء إليها لإقناعهم بأن القانون ضرورة وليس ترفاً في الحالة العنفية المتفاقمة، كما لا يتعارض مع الشريعة كما يدّعون. بل وأكثر من ذلك، قام وزير الشؤون الاجتماعية بالطلب منهم تزويد الوزارة بجميع البنود التي تتعارض مع الدين والشريعة للتعامل معها، لكن لم يلاقِ طلبه التجاوب والاستجابة..!

بعد سنة تقريباً من الهجوم المتواصل ليس على القانون فحسب؛ بل على المؤسسات النسوية وعلى المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، أعتقد أن جميع الجهود اللازمة قد بُذلت في سبيل الإقناع بالقانون وأهميته القصوى في الحالة التي استشرى بها العنف الاجتماعي، وتوضيح أهدافه ومقاصده من أجل سلامة المجتمع وأمنه مع تقديم الأرقام والمعطيات والشواهد، وما كشفت عنه تفاصيل مروعة من جرائم وانتهاكات مسّت حياة النساء بالقدر الذي مسّت حياة الأطفال وأصحاب الإعاقة والمسنين، من الجنسين. ومنها حوادث أليمة قرعت أجراس إنذار عالية على معاناة مجتمعية صامتة جراء العنف الفادح المرتكب في نطاق الأسرة، ضج بها الرأي العام المحلي والعالمي.

من جانب آخر، تم بذل الجهود الكافية من أجل تجسير المواقف المتضادة، بما فيها إلغاء السلطة التنفيذية لبعض المواد من المسودات المتعاقبة لإحداث الصدى الإيجابي وطمأنة القوى الأصولية عن طريق إزالة الجهة الرسمية بعض البنود لرفع تحفظاتهم عن القانون، لكنها لم تجدِ معهم نفعاً، لأنهم يحاربون الأوهام ويدافعون عن مصالحهم، بينما العنف بجميع أشكاله في تزايد.. لقد استمرت الحرب على جميع المحاور، الأمر الذي يطرح الوقوف أمام خيارات وبدائل ضمن الحفاظ على الخيار الديمقراطي من جانب، والحرص على السلم الأهلي والمجتمعي.

الحقيقة أنهم لا يريدون أي قانون خاص بالأسرة، وإنْ صدر قانون يريدون أن تبقى يده مكسورة، حتى لا يردع الجناة ولا يطالهم بحده، كما ظهر موقفهم من قانون العقوبات. إنهم عكس منهج القانون التربوي الإصلاحي الذي يردع ويحاسب، يريدون حماية المُعَنِّف عوضاً عن حماية المعنَّفين منه.

للحقيقة وبوضوح كامل، ما شجع حزب التحرير وحلفاءه على التمادي في مواصلة الحملة على القانون وعلى حقوق المرأة ومؤسساتها، مستخدمين الابتزاز والترهيب غير عابئين بأصول الحوار وأصول الاختلاف وتنظيمه، أنهم يستثنون خيار التجسير والوصول إلى نقاط التقاطع.

كان الأولى بالحكومة لمعرفتها بتعارض مطالبهم مع هوية الدولة، القيام ضمن إرادتها ومسؤوليتها بحسم الموقف وإصدار القانون دون تردد، لأن ترك الباب موارباً فتح على عملية استمرارهم في ممارسة الضغوط عليها للتراجع عن خططها، وقد التقط الحزب السلفي رسالة استمرار تأجيل القانون أو تعديله وعدم وضوح نوايا الحكومة تجاهه، فاستمر في حملته التشهيرية بجميع الأشكال.

لقد تصاعدت الحملة السلفية العشائرية بسبب الموقف الرخو للمستوى الرسمي، وبسبب مصالح القوى التقليدية بتدرجاتها التي تتفق على احتكار عملية التشريع، خاصة القوانين التي يعتقدون أنها ذات علاقة بالدين، وهم يعلمون أكثر من غيرهم أنه ليس كلها كذلك، مثل قانون حماية الأسرة وقانون العقوبات.

في هذه اللحظة، يبدو أن الحل لا يمكن أن يكون على حساب الضحايا أو تجاهل موقف الأكثرية المطالبة بدولة القانون والتشريعات والحقوق، دولة الهوية الديمقراطية التي تحمي التعددية والتنوع، دولة المواطنة والحقوق والواجبات المتساوية. كذلك لا يمكن أن يتم فرض التحكم والسيطرة على المجتمع وتأجيل القضايا المهمة من طبيعة حماية المجتمع من

العنف لحين الحصول على التوافق الذي يبدو بعد كل الجهود التي بذلت أنه لن يتحقق، لأن الاتجاه المتطرف لا يبحث عنه.
في هذه اللحظة أيضاً، لا يمكن فرض القانون على المعارضين له، سواء من يقود الهجمة على القانون أو من ينضوي تحت مفاهيمها. لأن المجتمع متعدد القيم والمفاهيم والرؤى والمصالح.. والتجربة تدل على أن التفاهم أصبح مستحيلاً.

لا نأتي بجديد في أن الواقع يشهد على تعددية القوانين المطبقة عملياً في فلسطين، الواقع يجمع بين قوانين مختلفة، يتجه أصحاب الحاجة للاستجارة بها وفق إرادتهم الحرة، وأكبر مثال على ذلك القدس الخاضعة لتعدد القوانين.. والأمر عائد للمستفيدين من القانون ورغائبهم ونوازعهم واتجاهاتهم.

هنا يطرح السؤال نفسه: ما الذي يمنع التوجه نحو إصدار قانون حماية الأسرة من العنف ليلجأ أو تلجأ إليه الراغبون/ات والمحتاجون/ات لعدالته، من الشرائح والقطاعات الاجتماعية الواسعة الموجودة في المجتمع، دون ضغوط أو سيطرة؟ وما الذي يمنع المعارضين له من عدم الاحتكام له أو اللجوء إليه، دون ضغوط أو سيطرة؟ حقهم مكفول كما هو حق لغيرهم.. أما انتظار التوافق أو استمرار التأجيل القانوني فهو أسوأ تمرين يمكن القيام به، إنه اللاموقف!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن حرية اللجوء إلى قانون حماية الأسرة من العنف عن حرية اللجوء إلى قانون حماية الأسرة من العنف



GMT 19:34 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

مسلسلات رمضان!

GMT 11:05 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

ريفييرا غزة!

GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

إطلالات محتشمة بلمسات الريش وألوان ربيعية تزين إطلالات النجمات

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 13:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 21:00 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 15:05 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تملك أفكاراً قوية وقدرة جيدة على الإقناع

GMT 16:04 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 15:41 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 00:54 2023 الخميس ,27 إبريل / نيسان

أفضل الإكسسوارات والمجوهرات لهذا الموسم

GMT 14:29 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي علي تجهيزات العروس بالتفصيل

GMT 14:41 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

اكتساح إيطالي لحكام مباريات الديربي

GMT 11:59 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يتحدث هذا اليوم عن مغازلة في محيط عملك

GMT 20:47 2021 الأربعاء ,14 تموز / يوليو

مبابي يرفض تمديد تعاقده مع باريس سان جيرمان

GMT 20:55 2021 الأربعاء ,14 تموز / يوليو

بيدري أفضل لاعب شاب في يورو 2020 رسميًا
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon