«سفر اللجوء»

«سفر اللجوء»

«سفر اللجوء»

 لبنان اليوم -

«سفر اللجوء»

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

يجمع بين مصطفى فحص ويوسف بزي ومايا ياغي أنهم من الجنوب. ويولد اللبناني في الجنوب مسيَّساً بحكم التاريخ والجغرافيا وما يلحق بهما من لعنات. فمع قيام إسرائيل في الجوار، جاءت الحروب والنكبات والتطيّر من زلازل المنطقة. ليس مهماً أين يقع الزلزال، فإن خراجه في الجنوب. أو ما سمي خطأ وشاع: «جبل عامل». والصحيح أنه «جبل عاملة»، نسبة إلى قبيلة يمنية هاجرت من هناك في الزمن القديم، وهجرات الزمان الأبدية.

ومن متلازمات، أو لزوميات، الولادة في الجنوب، أن يصبح المرء شاعراً، أو كاتباً، ولكن دائماً في السياسة والجدل والحماسة. فلا مكان للعشق والغزل على هذه المساحة قبالة فلسطين وآلامها. المكان فقط لقضيتها وما يليها من مسائل.

لكن القضايا الكبرى تنقلب أحياناً إلى تفاصيل وبديهيات صغيرة. كمثل أن تشتاق إلى بيتك ولا تستطيع أن تراه. أو أن تمر أمام مدرستك القديمة، ولا تستطيع أن ترى طفولتك تحت فتات حجارتها. في نهاية المطاف، وطنك الكبير هو وطنك الصغير. منزلك وسقفه وجدرانه. قبل 50 عاماً، كتب غسان تويني أن لبنان أصبح بيتاً بلا سقف. وفي الأسبوع التالي أكمل: «... وبلا جدران».

يكتب مصطفى فحص ويوسف بزي عن الحرب هذه المرة، مثل مراسلين أجنبيين. مثل جاك لندن وإرنست همنغواي، وأولئك الذين رأوا أن الجبهة أصبحت على أعتابهم. يقول بزي: «كان المشهد الوطني مضمّخاً بالركام» و«ليس البشر وحدهم من يرحل. الأماكن والفضاءات التي يصنعونها هي أيضاً تغادرنا. فالعمران الذي يشع حياة يحتله الخواء، ويفقد وجوده».

بدل أن يكتب مصطفى فحص مقاله الأسبوعي في الشأن السياسي، يذهب إلى ما هو أقرب إليه وأدنى إلى قلبه وقلوب أحبائه: «هذا ليس نزوحنا الأول، ولن يكون الأخير، لكن الأقدار تقول إنه قد يكون الأطول، وإن عودتنا إلى منازل ولادتنا الأولى ليست قريبة، وتحتاج إلى معجزة. إنه نزوح نحو العراء. ها نحن نكتب صفحة جديدة من سفر اللجوء».

تتذكر مايا ياغي غارتها الأولى في الجنوب، كانت ذاهبة مع جدتها إلى الحقل لقطف الحمص. سبقهما إليه صاروخ إسرائيلي أحدث حفرة. حملت الجدة بقايا الصاروخ، وزرعت فيها ورداً. هذا ما يحدث «عندما ينتمي المرء إلى جنوب لبنان». ماذا أيضاً؟ يكمل يوسف بزي: «وهنا في بيروت، ها نحن الناجون حتى الآن، وإذ نحاول الاحتيال على الحرب ومراوغتها بإصرارنا على روتيننا ومسراتنا الصغيرة، نرى انقلاب كل شيء وخرابه البسيط الذي يتوطد ويتوسع».

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«سفر اللجوء» «سفر اللجوء»



GMT 16:46 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

الغول والعنقاء وحل الدولتين!

GMT 18:30 2024 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

يحيى السنوار

GMT 06:10 2024 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أمم في خطر

GMT 06:06 2024 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل لا تنوي التوقف

GMT 06:03 2024 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

السنوار ومن سبقَهُ... أين المشكلة؟

أجمل إطلالات نجوى كرم باللون الزهري بدرجاته المختلفة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 02:42 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طريقة تحضير حلى "الشوكولاتة الداكنة" بالقهوة

GMT 20:44 2019 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

الدوري السعودي يشهد إقالة 15مدربًا هذا الموسم

GMT 22:26 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تتفاوض لاستضافة السوبر الإسباني 6 مواسم

GMT 19:02 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

نزهة في حديقة دار "شوميه"

GMT 05:55 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

هزة أرضية قوية تضرب وهران الجزائرية

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,20 تموز / يوليو

زيوت عطرية تساعدكِ في تحسين جودة النوم

GMT 18:42 2021 الخميس ,30 كانون الأول / ديسمبر

طريقة سهلة لصبغ الشعر في المنزل للعام الجديد

GMT 04:58 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 19:28 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

استبعاد نيكو ويليامز من معسكر إسبانيا للإصابة

GMT 14:50 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

موديلات أحذية العرائس المزينة بالعقدة الأمامية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon