وسائل الغش الإلكترونية

انتقلت وسائل الغش في الامتحانات، في الكويت، من ظاهرة سلبية تحاول وزارة التربية مواجهتها والحد منها، إلى تجارة رائجة بتكنولوجيا متطورة، مع اقتراب امتحانات المرحلة الثانوية، المقرر أن تبدأ الأحد المقبل. وضربت حمى الإعلان عن وسائل الغش الإلكترونية مواقع التواصل الاجتماعي، والتطبيقات الإلكترونية، في محاولة لتحقيق مكاسب مالية على حساب مستقبل الطلبة، والمجتمع بأكمله.

وأشار الطالب محمد .ع، الذي فضل عدم ذكر اسمه كاملاً، أن أبرز الوسائل المتداولة هي سماعة الأذن "ميغا نانو" المطورة، و"سماعات المغناطيس"، و"كارت البنك المطور"، و"القلم الإلكتروني"، و"البوكس العجيب"، مع سماعات "ميني نانو"، فضلاً عن استخدام التطبيقات الإلكترونية في الحصول على المعلومة، عبر الهاتف خلال الاختبار، و"النظارة الإلكترونية"، و"الساعة الإلكترونية".

وقال محمد، في تصريحات إلى وكالة "الأناضول"، إن الأسعار أخذت في الارتفاع مع اقتراب موعد الامتحان، لتتراوح بين 35 دينارًا (112 دولارًا) و 40 دينارًا (128 دولارًا)، بعد أن كانت تتراوح، في أيام الدراسة العادية، بين 10 دنانير (32 دولارًا)، و20 دينارًا (64 دولارًا).

أما عبد الرحمن جابر، وهو طالب في الصف الثالث الثانوي، فقال إن مروجي هذه الوسائل يلجأون إلى استخدام كلمات جاذبة للطلبة في إعلاناتهم مثل"sale"، و"الكمية محدودة"، و"أسرع للشراء"، و"شاحن عالي الجودة"، و"ضمان الجودة"، و"شرط التجربة قبل الشراء"، و"إمكانية التوصيل إلى جميع المناطق". وأوضح أن بعض المروجين يستغلون هذه الفترات والطلبة ذوي المستويات التعليمية الضعيفة لكسب الأموال، من خلال عرض دخول مجموعات غش في التطبيقات الإلكترونية، مقابل 20 دينارًا للطالب.

وأشار إلى أن هذا العرض يدخل ضمنه استعراض الاختبار على الهاتف بعد 10 دقائق من دخول اللجنة، فيما يعرض البعض هذه الخدمة دون مقابل، لجذب عدد أكبر من الطلاب كسبًا لثقتهم، ثم استغلالهم مستقبلاً ماديًا".

وأكد وكيل وزارة التربية المساعد، للتعليم الخاص والنوعي، عبد المحسن الحويلة، في تصريحات صحافية، استعداد المدارس كافة وتجهيزها لاستقبال الطلاب لأداء اختبارهم الأول، الأحد المقبل، مبينًا أن مدارس التعليم الخاص تطبق لائحة الغش المعتمدة من قبل وزارة التربية، وتستخدم كل الإجراءات اللازمة لمنع الغش في الامتحانات.

وأوضح أن حالات الغش في التعليم الخاص ليست كبيرة جدًا، حيث يدرس الطلاب ويحاولون إنهاء مناهجهم في وقت كافٍ، قبل وقت الاختبار، كما يحرص أولياء الأمور على منع أبنائهم من التورط في مثل هذه الأمور.

ومن جهتها، أعلنت وزارة التربية أن المدارس ستستخدم أجهزة تشويش في الصالات الكبيرة فقط، كما سيمنع دخول الهاتف الجوال إلى اللجان، إضافة إلى استخدام أجهزة التفتيش اليدوية عالية التقنية. وقال مدير الشؤون التعليمية في منطقة الأحمدي التعليمية (جنوب)، عادل الراشد، إن دخول الهاتف النقال إلى اللجنة يعد ضمن لوائح الغش، وبالتالي يؤدي إلى حرمان الطالب الذي يُدخله من درجة الاختبار ودرجات الأعمال، ويكتب فيه محضر غش، ويعرض الطالب لدخول اختبار الدور الثاني.

ولفت إلى أن عدد حالات الغش في منطقة الأحمدي التعليمية، خلال الفصل الدراسي الأول، بلغ 400 حالة غش. وتعتبر الاختبارات النهائية فترة حاسمة تحدد مصير الطلاب والطالبات، وترافقها مشاعر الخوف والقلق وحبس الأنفاس من الإخفاق والفشل، ولهذا يلجأ بعض الطلبة للاستعانة بالغش، خاصة في المواد الصعبة لتجنب الرسوب.

وقالت الأستاذة في قسم علم النفس التربوي في جامعة الكويت، معصومة المطيري، إن للغش بين الطلاب أثناء فترة الاختبارات أسبابًا عدة، لكنها لا تبرره، موضحة أن من أسباب الغش الخوف من الرسوب، الذي يدفع الطالب إلى الغش ليحصل على درجة النجاح، حتى لو كانت الوسيلة للوصول إلى هذه الدرجة خاطئة، إضافة إلى غياب الرغبة الحقيقية في تحقيق الهدف الأكاديمي، وذلك لأن الطالب يريد اجتياز هذه المرحلة فقط دون الطموح في الحصول على معدل يدفعه إلى إكمال مسيرته العلمية. وأشارت إلى أن صعوبة المادة العلمية، التي قد لا تتناسب مع القدرات الفردية، تدفع بعض الطلاب إلى استخدام هذه الوسيلة، داعية الطلبة إلى الابتعاد عن الغش والاعتماد على النفس والثقة فيها.