برلين - العرب اليوم
"بنت البلد" حملة لمناهضة العنف ضد النساء في الأراضي الفلسطينية. وهي مبادرة تستخدم وسائل التواصل الإجتماعي بُغية الدفاع عن حقوق المرأة وسعيا لأجل سن قوانين تردع "العنيفين" وتحظى الحملة برعاية ألمانية، لكنها تواجه صعوبات.
"الأفكار الأولى لحملة "بنت البلد" وُلِدَت في مدينة هامبورغ بشمال ألمانيا، وذلك خلال مشاركتي في دورة تدريبية تُعنى بتصميم مشاريع ثقافية إبداعية يشرف عليها المعهد الثقافي الألماني؛ معهد غوته." بهذه الكلمات البسيطة، استحضر سائد كرزون صاحب فكرة حملة "بنت البلد" ذكرياته عن الحملة، في مستهل حديثه مع DW عربية.
سائد كرزون هو مدير مؤسسة "تغيير للإعلام المجتمعي"، وأطلق طبيقا على الهواتف الجوالة يتيح الحق للمواطن الفلسطيني في الوصول إلى المعلومات اسمه "بتعرف إنو" (You Konw)، كما أطلق حملة "بنت البلد"، التي تعالج قضية المرأة عبر استخدام أدوات وسائل التواصل الاجتماعي.
وتهدف الحملة إلى الدفاع عن حقوق المرأة الفلسطينية (بنت البلد) وحمايتها من القتل والضرب والعنف والاغتصاب، من خلال تطبيق تفاعلي على شكل خارطة لفلسطين، وخلق نظام تفاعلي مع الناس ليكونوا صانعين للمعلومة، وصولا إلى إنشاء محتوى إعلامي رقمي "ديجيتال" تفاعلي مع الناس، ونشر ثقافة المواطن الصحفي الحريص على حماية المرأة من أي أذى يلحق بها.
وينتهج القائمون على حملة "بنت البلد" أو كما تسمى بالانجليزية "Mapping Her" أسلوب تصوير البيانات من خلال تصميم رسوم بيانية "إنفوغرافيك" بالإضافة إلى عرض قصص نجاح لرائدات فلسطينيات، وتخصيص منشورات حول طرق الحماية من التحرش الإلكتروني ضمن فقرة "كيف تحمي نفسكِ؟"
ولا تقتصر حملة "بنت البلد" على كونها صفحة على الفيسبوك، إذ إن فريق الحملة عمل على تصميم عريضة تضامنية لجمع التواقيع عبر الفيسبوك، وسيتم تسليمها في شهر سبتمبر/ أيلول من العام الجاري إلى رئاسة الوزراء، بهدف المطالبة بتفعيل شبكة الأمان الاجتماعي وسن قوانين أكثر ردعا تجاه كل من تسول له نفسه بتعنيف أو قتل امرأة.
وحظيت "بنت البلد" باهتمام ودعم من قبل مؤسسة "هاينريش بول" الألمانية في رام الله، وتقول لمى حوراني، مديرة برامج حقوق الإنسان بالمؤسسة في حديث مع DW عربية إن هذه الحملة كَسبت اهتماما من قبل المؤسسة الألمانية لأنها تستهدف الشباب، إضافة إلى كونها فكرة رائدة من نوعها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأضافت حوراني: "تساهم الحملة في مساندة وتقوية حقوق الإنسان وقضايا المرأة، وتعمل بالتعاون مع العديد من مؤسسات المجتمع المدني، ويخلق ذلك زخما أكثر تجاه الموضوع." واعتبرت المسؤولة بمنظمة هاينريش بول أن "بنت البلد" حققت حتى الآن نتائج جيدة.
ويتعاون مع أعضاء حملة "بنت البلد" منتدى المنظمات الأهلية الفلسطينية المناهضة للعنف ضد المرأة، الذي يضم العديد من جمعيات المرأة المنتشرة في مختلف المدن الفلسطينية، و إذاعة "نسا إف إم". وترى ميسون عوادة مديرة الإذاعة في حديث مع DW عربية أن هذه أول حملة يطلقها شاب للدفاع عن قضايا المرأة مستخدما أدوات "ديجيتال" لخلق تغير اجتماعي فعال. وعن دور نسا إف إم في الحملة قالت عوادة: "نقوم في الإذاعة ضمن برامجنا التفاعلية، بدور تكاملي مع حملة بنت البلد، إذ نقدم معلومات عن حالات القتل والتعنيف المختلفة، وكذلك بث رسائل توعية بشكل منتظم لحشد رأي عام نحو قوانين أكثر ردعا وحماية للعائلة." وأكدت مديرة إذاعة نسا إف إم أن هذا: "يدفع الكثير من المستمعات اللاتي تعرضن للتعنيف للتواصل معنا وتحويل شكاويهن لجهات الاختصاص."
وتظهر الإحصاءات إلى تراجع في عمليات قتل النساء على خلفيات مختلفة، فقد تراجع عدد الضحايا اللواتي قتلن من 27 ضحية في عام 2013 إلى 12 ضحية في عام 2014. ويرى المراقبون أن التوعية والمعلومات تشكل أساسا في التغيير وأنه عندما يدرك الناس قيمة هذه المعلومات، سوف تتحول إلى سلوك تضامني يُسهم بتغيير الواقع.
وعن التحديات والمعيقات التي تواجه عمل "بنت البلد" يقول سائد كرزون في حديثه مع DW عربية: "أبرزها استخدام كثير من جمعيات المرأة لأدوات التواصل الاجتماعي (Social Media) بطريقة غير فعالة، وغياب صحافة المواطن بطريقة ممنهجة." إضافة إلى ذلك، والكلام لسائد كرزون: "هناك غياب للإنترنت السريع "ثري جي" وثقافة الديجيتال في فلسطين ما يحد من التفاعل، كما أن هناك كثيرين غير مؤمنين بالتغيير، ولا يزالون يعتقدون أنه عالم افتراضي!" علاوة على ذلك فإن الترفيه يحظى بالحيز الأكبر على الانترنت، فالمحتوى التفاعلي الجاد بحاجة للوقت حتى يتخذ بشكل جدي، حسب ما يرى صاحب فكرة حملة "بنت البلد".
وبرغم حداثة حملة بنت البلد، إلا أنها تجذب اهتمام المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي بالانضمام للحملة والتوقيع على عريضتها، التي انخرط فيها للآن قرابة ألفي شخص، متطلعين إلى سن قوانين رادعة وتفعيل شبكة الأمان الاجتماعي.