نادي جدة الأدبي

رفضت الدكتورة لمياء باعشن فرضية أن اللغة الإنجليزية ومكونات العولمة تهددان مستقبل اللغة العربية، وقالت في ورقتها التي حملت عنوان "دور اللغة العربية في تكوين الهوية الثقافية" وألقتها الأثنين في حلقة نادي جدة الأدبي النقدية: إن اللغة كمعطى بالمطلق يظل معطلا وبلا فاعلية حتى يتم تحديد المهمة الموكلة إليه. 

وتساءلت باعشن: هل استخدام اللغة كمشترك بين ناطقيها يؤدي بالضرورة إلى توحيد هويتهم الثقافية؟ لتجيب، بأن اللغة المشتركة ليست بالضرورة أهم عامل توحيدي للجماعة الناطقة بها. 

مضيفة: يظن البعض أن اللغة الإنجليزية هي الخطر الداهم الذي سينقض على لغتنا العربية، ويسبب انقراضها لتحل محلها فتتلاشى هويتنا العربية، وهذه المخاوف ربما لها مبرراتها فهي تتردد في الدانمارك كما تتردد في تايوان حول ما يسمونه "الحمى الإنجليزية" المصاحبة لحركة العولمة"، والواقع يشهد بأن الاشتراك مع الآخر في لغة واحدة لا يخلق وحدة ثقافية بالضرورة، كما أنه لا يهدد الهوية الخاصة.

واستشهدت باعشن بكون الإنجليزية اللغة الرسمية لبريطانيا وأميركا وكندا وأستراليا ضمن قائمة تضم 58 دولة ظلت جميعها محافظة على هويتها الخاصة وكذلك على لغاتها المحلية بلهجاتها ولكناتها أيضا، والأكثر من ذلك أن الاستخدام المحلي للإنجليزية قد أضفى عليها سمات خاصة حولتها إلى إنجليزيات متمايزة أضافت إلى الهوية المحلية ولم تنتقص منها. وذهبت باعشن وهي عضو بجمعيات اللغات الحديثة "إم.إل.إي" إلى أن اللغة مكون مهم من مكونات الانتماء الثقافي، إلا أنها ليست الأهم ولا يجب أن تكون لها صدارة رمزية ولا سيادة في مسألة استنهاض الأمة وإنعاش وجودها الحضاري، أو في مهمة تحريك الفكر والحفاظ على الأمة، فبحسب رؤيتها هنالك فرق بين أن تكون اللغة بنية معرفية في حد ذاتها، وبين أن تكون نظاما تراكميا أنتجته ضرورة التواصل بين أفراد البيئة الواحدة، لذلك هي تمثل رابطا قوميا يعزز الشعور بالانتماء ويوثق قبول عضوية الفرد في دوائر مجتمعه.

ولم يفت باعشن التأكيد على أن اللغة العربية صمدت في معارك مختلفة، أهمها حركة التتريك القسري الذي رفضها العرب وقابلوها بردة فعل عنيفة في الاتجاه المعاكس، فتمت بلورة مفهوم القومية العربية في حركة ثقافية معارضة كان هدفها التعريب