الشاعر الراحل أمل دنقل

أسافرُ في القَاطراتِ العتيقة،(كي أتحدَّث للغُرباء المُسِنِّينَ) أرفعُ صوتي ليطغي على ضجَّةِ العَجلاتِ
وأغفو على نَبَضاتِ القِطارِ الحديديَّةِ القلبِ (تهدُرُ مثل الطَّواحين) لكنَّها بغتةً.. تَتباعدُ شيئاً فشيئا.. ويصحو نِداءُ الكَمان!.

هكذا بدأ الكاتب الروائى الدكتور زين عبدالهادي حديثه عن الشاعر الراحل أمل دنقل - الذى مر 32 عامًا على ذكري رحيله. وقال: "أمل دنقل، ابن طاهر للمأساة التى مزقتنا جميعًا، هذا الذي لم يمسك لسانه عن أى شئ، سواء أحبه أم كرهه، عرفته للمرة الأولى خارج مصر عام 1983 في نفس العام الذي مات فيه، حين قرأت له "أوراق الغرفة رقم 8" مريض السرطان الذي أغواه الشعر فعاش ابنا لمبدأه السياسى ولم يتصالح أبدًا مع الموت".

وقال عبدالهادي: "كنت غريبًا أعيش هناك بعيدًا في الصحراء، اقراة أوراق الغرفة وأبكى، ثم اقرأ "لاتصالح" ثم " زرقاء اليمامة" التى كتبها بدمه واعتقد جازمًا أنه مات بعد أن كتبها، انهارت أحلامنا جميعًا، في عام 1967 كان أمل في السابعة والعشرين وكنت أنا في العاشرة أرحل من بورسعيد مطرودًا بعد أن إنهارت كل أحلام عبد الناصر، وفي عام 1978 بعد معاهدة السلام كتب "لاتصالح"، عاش معى أمل دنقل يغرف من دمه ويسقينا مرار القدر وضياع اليقين، وأصبح الباق من أمل هو أن نعي مايحدث، أمل الذي عاش مرهونًا للموت وللكلمات، وقرات أخيرًا حكاية أمل بقلم زوجته الكاتبة الرائعة التي شربت من معين صلابته عبلة الروينى فكأنى ابصرت أمل، لكنى ابصرت أمل أيضًا في "الجنوبي" قصيدته العظيمة احدى قصائد الغرفة رقم 8، وهاهى السنوات تمر ولاننسى أمل، أمل إحدى الذخائر المصرية، طين الأرض الذي مازال يحترق بالأمل.. هذا هو الباق من أمل.. دنقل"!.