قصص مصورة لمواجهة التطرف الديني

 حين ارتكب مسلحو حركة طالبان باكستان مجزرة راح ضحيتها 150 شخصا معظمهم من الاطفال في بيشاور آخر العام الماضي، شعر الرسامان مصطفى حسنين وغوهار أفتاب ان ساعة انطلاقهما في مواجهة العنف والتشدد قد حانت.

وسبق ان عمل الرسامان في مشروع مشترك كان الهدف منه التوعية حول الفساد الذي تنهش الاقتصاد الضعيف لهذا البلد البالغ عدد سكانه 200 مليون نسمة.

ثم اتت مجزرة بيشاور، اكثر الهجمات دموية في تاريخ البلاد، فشكلت صدمة لهما ودافعا للانطلاق في مشروع جديد للقصص المصورة.

وبدأ الرسامان البحث عن الوسائل التي يمكن ان تحصن المجتمع بوجه التشدد الاعمى، وليس الاكتفاء بالتحركات التضامنية مع الضحايا وعائلاتهم والتي تكتفي بذرف الدموع والتعبير عن المشاعر، دون ان يكون لها اي اثر في مواجهة العنف.

وكان مصطفى حسنين، الذي درس فنون الرسم والتصميم المعلوماتي في بريطانيا، اسس في العام 2013 شركة خاصة باسم "كرييتيف فروتييرز" (حدود خلاقة)، ويعمل فيها اليوم نحو عشرين شخصا، من كتاب وفنانين وتقنيين، ومقرها في مدينة لاهور، العاصمة الثقافية شرق باكستان.

ويقول مصطفى "ان اعتداء بيشاور كان لحظة تحول، التقيت غوهار وقلت له: علينا ان نفعل شيئا في مواجهة ما يجري".

وكانت النتيجة كتابا من القصص المصورة بعنوان "الحراس"، وهو يروي قصة مجموعة من الاصدقاء في الجامعة، يقلقهم ابتعاد صديق لهم عنهم، وانتسابه الى جماعة دينية متشددة تعلن ان اهدافها اجتماعية، ولكن يشتبه في ان لها اهدافا اخرى قاتمة.

وبدأ الرسامان اعتبارا من الاثنين بتوزيع 15 الف نسخة من كتاب القصص المصورة هذا الواقع في ثلاثة اجزاء مجانا على المكتبات في ولاية البنجاب، وسيكون متوفرا ايضا على تطبيق لاجهزة الهاتف الذكي.

ويقول غوهار ان انزلاق بعض الشباب في ما يعتبرونه حربا على اعداء الاسلام ليس امرا يسمع عنه في الاعلام فحسب، بل انه هو نفسه كاد ان ينزلق في هذا الامر في صغره.

فحين كان في الثالثة عشرة من عمره، وقع تحت تأثير استاذ في المدرسة، كاد يقنعه بترك الدراسة والذهاب لقتال القوات الهندية في كشمير، المتنازع عليها بين البلدين منذ العام 1947.

لكن عائلته تدخلت في اللحظات الاخيرة وانقذته من هذا التوجه.

واتاحت له تلك التجربة التي لم تكتمل، معرفة دقيقة بالوسائل المعتدة لاقناع الشباب بأفكار متشددة او عنيفة.

ويقول "يدفعون الشاب الى التخلي عن الايمان الذي يعرفونه، والى اعتناق شكل جديد من الدين يتهم البعض بانهم اعداء للاسلام ويصورهم على انهم شياطين، ويعظم فكرة الشهادة في عقول الشباب".

وكتبت القصص المصورة باللغة الانكليزية وترجمها الى لغة الاوردو كاتب السيناريو ذائع الصيت اسلام امجد.

ويأمل أفتاب ان ينخرط المزيد من الكتاب والفنانين في هذا التوجه، رغم التهديدات التي قد تطالهم من الاسلاميين المتشددين، وان يظهروا "الروح المسالمة" للاسلام التي اكتشفها اول مرة بعد ان انتزع من يد استاذه المتشدد.

ويقول "يجب ان نظهر انه من الممكن ان يكون المرء مؤمنا وغير عنيف، علينا ان نواجه هؤلاء المتشددين الذين غيروا وجه ديننا".