موسم الحج

احتشدت كتابات عدد من المكيين هذه الأيام عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهي تسترجع أزمنة ماضية من تاريخ مدينتهم خلال موسم الحج، في لحظات حنين عارمة تثير كثيرا من الأسئلة المعرفية، محاولة إيجاد تفسير علمي لهذا الظاهرة.

أكد الباحث المتخصص في علم الاجتماع الدكتور أبوبكر باقادر، الحنين الذي يشتعل هذه الأيام في صدور المكيين طبيعي جدا، ويمكن تفسيره علميا بأنه شوق للحياة القديمة وإيقاعها الذي عاشوه، ولم يعد موجودا الآن، إذ تغيرت أنماط العيش وأساليب الحياة.

فالحج مثلا كان يمثل أسلوب حياة يشارك فيه المكيون بكل تفاصيله، وهو ما لم يعد موجودا الآن، حيث اتجهت خدمات الحج إلى ما هو مؤسساتي صرف، وبالتالي لم يعد للفرد أي صلة به إلا من خلال هذه المؤسسات. كما أن عدد سكان المدينة وأعداد الحجاج تضاعفت كثيرا فلم تعد حركة النقل والمواصلات باليسر الذي كانت عليه حين كانت منطقة المشاعر المقدسة مثل منى، وأسواق العرب فيها، والجوهرة وغيرها، تشكل مكانا مناسبا ومستراحا يمر بها سكان مكة أثناء موسم الحج لمزاولة أعمال تجارية بسيطة، أو لمشاهدة الحجاج، وقضاء وقت جميل فيها خلال فترة العصر حتى المغرب، كل هذا اختفى بعد أن كان متصلا بما هو ثابت في تاريخ الحج قديما، على نحو ما يروي صاحب الأغاني أن الشاعر  عمر بن أبي ربيعة كان يتمنى لو كانت أيام السنة جميعا حجا أو عمرة، وأوضح أنه
ليت ذا الدهر كان حتما علينا.

ويتابع باقادر في حديثه  إلى تلك المناسبات الاحتفالية التي رصدها المستشرق الهولندي (كرستيان سنوك هورخرونيه)، لن تختفي كليا من حياة المكيين كجزء أصيل من ثقافة المدينة، بيد أنها تقلصت أو اتخذت أشكالا أكثر حداثة، وهذا أمر طبيعي في مسيرة التحولات والتغيرات والتطور الإنساني.