حمدي بطران

يعتبر شهر رمضان، من وجهة نظر الكاتب حمدي البطران، فرصة لإعادة شحن الذاكرة بالمواقف الطريفة، كما أنه وسيلة للسمو الروحي.

ومن تلك المواقف موقف حدث عندما كان البطران ضابط شرطة.

يقول: كنت أعمل في شرطة النجدة في إحدى محافظات الصعيد وكنت أخرج لمصاحبة مدير الأمن في تنقلاته لتأمين الاتصالات، وفي أول يوم في رمضان، ذات عام، تم إخطارنا بأن نرافق السيد المدير أثناء توجهه للإفطار في منزل عضو بارز في مجلس الشعب في إحد القرى البعيدة.. وقتها كان الجو صيفا والحرارة على أشدها.. تجمعنا أمام استراحة المدير، فأخبرنا بأن السيد المحافظ سيذهب معنا، وفي لحظات كنا أمام باب المحافظة.

ويضيف البطران: سرنا في طريق أسيوط القاهرة مسافة طويلة وعند حدود المركز الذي تقع فيه القرية انضم إلى الموكب مأمور المركز وضابط المباحث ثم انحرفنا على طريق جانبي غير معبد وسرنا مسافة طويلة حتى وصلنا إلى تخوم الصحراء حيث تقع القرية.

ويقول: اصطحب العضو المحافظ ومدير الأمن إلى داخل الفيلا ولم ينظر ناحيتنا.. فنزلنا نحن الضباط من السيارات، وجلسنا على أرائك خارج الفيلا ووقف السائقون والعساكر بعيدا عنا يتسامرون، ثم سمعنا أذان المغرب ونظرنا حولنا نبحث عن ماء فلم نجد وطال انتظارنا وأخيرا جاء أحد الجنود ومعه كوز كبير به ماء بارد قال إنه ملأه من زير قريب أمام بيت أحد الفلاحين، واقترح المأمور على سائقه أن يبحث عن دكان فيه علب بسكوت أو شيئ نفطر عليه فلم يجد، وفي تلك الأثناء خرج أحد الأشخاص من الفيلا وأشار لنا بالدخول فرفضنا لأننا كان يجب أن ندخل معهم وأن يعزمنا صاحب الدعوة ثم أننا لا ناكل بقايا الطعام، لكننا أشرنا إلى الجنود والسائقين والمخبرين أن يدخلوا فدخلوا.

ويختتم بقوله: بقينا مكاننا حتى مرت ساعة ثم خرج المحافظ والمدير وخلفهم عضو مجلس الشعب وكان العضو يناولهم سجائر من علبته فنهضنا واقفين ودخل المحافظ سيارته وخلفه مدير الأمن وانطلقنا عائدين، فوصلنا بعد صلاة العشاء بساعة، مررنا على المحافظة حيث نزل المحافظ وتوجهنا إلى ديوان المديرية حيث مكتب المدير وعندما نزل سألنا ببرود: فطرتوا؟.