الدوحة_ قنا
نظم منتدى العلاقات العربية والدولية ضمن برنامجه الدوري في مجلسه الثقافي بكتارا ندوة فكرية قدمها المفكر والأكاديمي السوداني الدكتور التيجاني عبدالقادر حامد.
وبدأ المفكر التيجاني ندوته التي جاءت بعنوان "ظاهرة انهيار الدولة في المجتمعات العربية المعاصرة"، بالحديث عن الشارع السياسي العربي الذي وصفه بأنه يشهد حاليا العديد من الاضطرابات والتغيرات على كافة الأصعدة.
وأشار إلى أن انهيار الدول وثباتها فكرة شغلت الكثير من المفكرين وجذبتهم إلى التحليل لوضع الأسس والقواعد التي يترتب عليها بقاء الدول أو سقوطها، منهم ابن خلدون في نظريته حول "العصبية"، وألبرت حوراني الذي أشار لذلك في كتابيه تاريخ الشعوب العربية والفكر العربي في عصر النهضة، ثم المثير للجدل صمويل هنتغتون والمشهور بكتاب صدام الحضارات، غير أن كتابه الأهمّ المتعلق بهذا الشأن كتابه الذي نشره عام 1968 وهو كتاب النظام السياسي في مجتمعات متغيرة، ثم جاءت تلميذته تيدا سكوتشبول لتستدرك على آرائه وتعدل في نظرياته.
وبين التيجاني عبدالقادر رأي ابن خلدون في أهمية العصبية لإقامة الدولة لكنه أشار كذلك إلى أنها تضمحل في الجيل الثالث لعاملين هما الاستبداد والترف، فحين يؤسس فرد ما دولة يظن أنه سيتحكم بها بما لديه من معطيات في وقت التأسيس إلا أنه سرعان ما يفقد السيطرة حين يراها تتطور على غير ما يريد فيسعى بعدها إلى محاولات إبقائها وقد تنجح محاولاته أو تفشل.
وأكد أن ابن خلدون أعطى لأي دولة عمرًا تقريبيًا يمتد لأربعين سنة إلا أن هذا القياس كان ربما ممكنًا في زمنه في حين أن الدول الحديثة يمكنها أن تستمر أكثر من ذلك بفضل التطورات التقنية في جميع المجالات، بالإضافة إلى أن ابن خلدون لم يدرك ظاهرة الاستعمار الأوروبي للمجتمعات العربية المعاصرة.
وأوضح التيجاني بعدها رأي حوراني في أن الكثير من الشرائح المكونة للمجتمع تتخلى عن الدولة حين تفقد ما كانت الدولة تضمنه لها من أمن واستقرار وحياة كريمة، وستتخلى عن الدولة في ساعة الخطر بكل سهولة.
ثم يتطرق إلى نموذج تيدا سكوشبول التي بينت أن خطوات النظام نحو الانهيار مرتبطة بالسخط العام ضد الرأسماليين في الدولة الذين يقومون بدورهم بالضغط على الدكتاتوريين فيحدث التغيير بعد تشكل تحالف ثوري عريض يؤدي إلى هذا التحول، إلا أن تعليقات التيجاني على تيدا تتلخص في أن الدولة لا تتغير بسبب التغيرات الداخلية فحسب بل هناك تأثيرات خارجية منها سياج الرأسمالية العالمي، وكلما كانت الدولة مرتبطة بالنظام العالمي كانت القدرة على الضغط عليها أكبر.
وختم الدكتور التيجاني الندوة بإجابات على أسئلة الجمهور تضمنت تأكيده على أهمية النظر للتاريخ بشكل تحليلي يتضمن قراءة واعية وليس الاكتفاء بمجرد التحليلات السياسية الآنية للأحداث.