بيروت - لبنان اليوم
لا يلغي تحديد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون موعد الاستشارات الملزمة بعد غد الاثنين تخبط الطبقة السياسية بمكوناتها كافة منذ انتفاضة 17 تشرين الأول، التي شكلت ولا تزال خطراً على تركيبة النظام السياسي الراهن الذي يتحمل ما آلت إليه الأوضاع على المستويات الاقتصادية والمالية والنقدية في ظل الفساد المتفشي في الادارات والمؤسسات العامة وهدر المال العام وانعدام فرص العمل. ثمة من يظن أن التكليف فالتأليف من شأنه أن يعطي البلد جرعة انعاش لأشهر، في ظل بوادر الدعم الخارجية التي تظهرت مع تحديد موعد اجتماع مجموعة دعم لبنان الأربعاء المقبل، رغم أن المعطيات كلها تدل إلى أن الخروج من الانهيار الحاصل يتطلب وضع خريطة طريق إصلاحية لمعالجة التدهور، لأن أي دعسة حكومية ناقصة لجهة العودة إلى الخيارات الخاطئة سوف تدفع لبنان نحو عمق الهاوية، خاصة وأن الجميع بات يحذر من الفوضى في حال استمر الوضع على ما هو عليه، وإن كان البعض الآخر يؤكد أن لبنان اليوم في قلب الفوضى الاقتصادية – الاجتماعية. لا ريب في أن "حزب الله" بحسب مسؤوليه، لم يكن ولن يكون منزعجا من الانتفاضة الشعبية المطلبية، رغم ملاحظاته على تعمد البعض استغلال أوجاع الناس لغايات سياسية، بل أكثر من ذلك، فهو يرى أهمية بقاء الحراك في الشارع حتى لو تشكلت الحكومة سواء برئاسة الرئيس سعد الحريري أو المهندس سمير الخطيب أو أي شخصية اخرى، من منطلق ان أصحاب الحقوق المشروعة سوف يمثلون ورقة ضغط على الحكومة العتيدة لتنفيذ الإصلاحات والقوانين التي أقرها مجلس النواب والتي لم تدخل حيز التنفيذ. فحارة حريك تدرك جيداً أن ما حققه الحراك في مفاصل عدة عكس ذهنية جديدة سوف تكون بالمرصاد لمن تسول له نفسه القفز فوق تحقيق الإصلاح الاقتصادي المنشود ومكافحة الفساد وبناء الدولة. ومع ذلك، تقرأ بعض الأوساط السياسية في تحديد موعد الاستشارات عقب اتصالات حصلت على خط بعبدا- بيت الوسط – عين التينة- حارة حريك، محاولة حشر الرئيس الحريري في الزاوية للقبول بتأليف حكومة تكنوسياسية يريدها الثنائي الشيعي على وجه التحديد لأسباب تتصل برفض الحزب ما طالب به رئيس حكومة تصريف الاعمال من صلاحيات إستثنائية من شأنها أن تمنحه صلاحية اقرار قانون انتخابي جديد من دون العودة إلى مجلس النواب، وحسم ملف مفاوضات النفط والغاز انسجاما مع المطلب الاميركي، خاصة وأن ما كان يطالب به الحريري ويبلغه إلى "الخليلين" كانت إشاراته الأميركية تصل إلى حارة حريك قبل أن يفصح عنها "بيت الوسط". وإذا كانت الإدارة الاميركية تظن أن ساحات لبنان قد أضعفت إلى حد ما "حزب الله"، فإن واشنطن التي تخرج عسكرياً من المنطقة، تواصل حربها الاقتصادية على ايران ولبنان والعراق وسوريا، فهي تعتبر، المستفيد الأول مما يجري راهنا من تظاهرات واحتجاجات في بغداد وبيروت وطهران، وتظن أنها نجحت في حصارها الاقتصادي والمالي على ايران واذرعها في المنطقة، علما أن المعنيين يقولون في هذا السياق إن الضغوطات المالية الأميركية لم يتأثر بها "حزب الله" وجماهيره، بقدر ما تأثر بها اللبنانيون، وكل المحاولات الأميركية لن تفلح في لي ذراع "حزب الله" الذي لن يرضخ لأية شروط. ورغم ذلك، قد لا تستطيع إدارة الرئيس الأميركي منفردة الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة، بحسب اوساط سياسية مقربة من الأميركيين لـ "لبنان 24" على اعتبار أن تحقيق ما سبق ذكره يفترض تنسيقا روسيا – اميركياً، وذلك على غرار التعاون الذي حصل بين الطرفين لترتيب حلول للكثير من ازمات المنطقة، خاصة وأن موسكو باتت اللاعب الرئيس في الإقليم منذ الأزمة السورية، وتربطها علاقات أكثر من جيدة مع قوى محلية وخارجية وبإمكانها أن تحد من الدور الايراني، وبالتالي فإن أي حوار من هذا النوع بشأن لبنان، لن يضعف النفوذ الاميركي لأسباب تتصل بالعلاقة الأميركية مع الجيش والقوى الأمنية الأخرى والتي ترسخت مع الدعم المتواصل لهم ومساعدتهم عسكرياً، هذا فضلاُ عن أن واشنطن لن تسعى إلى تخريب لبنان لاعتبارات عديدة تتصل بأمن إسرائيل وانتشار "اليونيفيل" على الحدود الجنوبية، فضلا عن وجود أكثر من مليون نازح سوري. وياتي ذلك بالتوازي مع ابداء معلق الشؤون الامنية لدى العدو الإسرائيلي يوسي ميلمان خشية محتملة في "الساحة الاسرائيلية" من مآل التطورات في لبنان في حال تدحرجت الأمور لأن "حزب الله "قد يخرج أقوى. وسط ما تقدم، من تشابك داخلي- خارجي، فإن أوساطا معنية بمشاورات التأليف، تبدي قلقاً من مسار الأمور، خاصة وأن لا بشائر إيجابية توحي بتفاهمات حيال التأليف السريع رغم كل النصائح التي نقلها الموفدون الأوروبيون إلى المعنيين، والتي ركزت على أهمية تشكيل حكومة تراعي مطالب الشعب، وتأكيد أن تنفيذ مقررات "سيدر" ينتظر ولادة حكومية سريعة. وتتخوف الأوساط من اللجوء إلى سيناريو التكليف من دون التأليف.
قد يهمك أيضا :
الحراك الشعبي يكلّف جبران باسيل خسارات نتيجة للأزمة التي باغتت البلاد
السيناريواتُ القاتمة التي ينتظرها لبنان في ضوء "الحرب الباردة" بين أطراف السلطة